م . أيمن عبد النور: أول مطب أمــام الحكومة الجديدة: د.عصام الزعيم

بعد أن نشرت صحفنا المحلية نبأ الحجز على أموال د. عصام الزعيم وزير الصناعة في الحكومة السابقة، تناقلت الصحف ووكالات الأنباء العربية والدولية ومواقع الأنترنت هذا النبأ الذي تصدر صفحاتها، مضافاً اليه مفردات «الاختلاس، السرقة، الهروب، محاربة الفساد...».. الخ...

لن يختلف نظيفان على ضرورة محاربة الفساد.. إلاّ أن تعليق مفاسد البلاد على سمعة أشخاص لم تثبت إدانتهم بعد، كشماعة للنزاهة، أمر يجافي الحق والعدالة والأخلاق.. فإذا كانت القاعدة القانونية تنص على أن: «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، إلاّ أن القاعدة الصهيونية تقول: «التهمة نصف إدانة»!!.. والنتيجة تصفية مواقف وحسابات..

 ففي الموقع الالكتروني «للمركز الاقتصادي السوري»، الذي نشر عدة مقالات حول هذا الموضوع، كتب السيد نضال معلوف تحت عنوان: (هروب وزير الصناعة السوري السابق إلى خارج القطر وإلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة): وجاء فيه: «واليوم يتكشف لنا أن السيد وزير الصناعة السابق لم يكن بعيداً عن الشبهات....

   وتحت عنوان (رأي في قضية الزعيم «أحترنا يا أقرع ..»).. عاد وكتب السيد معلوف رداً على المهندس أيمن عبد النور: «..إذاً، إذا كنا نشكك في كون السيد (الزعيم) مداناً، فواجبنا ألا نؤكد بأنه بريء، ونقع في ذات الخطأ الذي مازلنا ننتقده في ممارسات الأخرين (لا نسمع إلا صوتنا).. فكما يوجد كثير من الأشخاص متحمسين «للزعيم» يوجد في المقابل الكثير ممن يرون ان اداءه كان متواضعا وانجازاته تكاد تكون معدومة..  

وكوجهة نظر هامة في هذا الشأن، ننشر مقال المهندس أيمن عبد النور تحت عنوان: «أول مطب أمــام الحكومة الجديدة: د.عصام الزعيم» الذي جاء في موقعه الالكتروني: (نشرة «كلنا شركاء») بتاريخ 28 أيلول 2003:                                                                                                        

«المحرر»

مـــا القصــة ؟

هنالك شركة ألمانية ( بيكو تريدنغ ) تعهدت تنفيذ مشروع توسعة معمل غزل اللاذقية.... وقد أنهت الأعمال منذ سنوات والمعمل يعمل وينتج ويبيع ويصدر..... ووفقاً للمرسوم التنظيمي 195 لعام 1974 والناظم لعقود الدولة فإن هناك تأمينات نهائية Performance Bond...

بمقدار ( 5 % أو 10 % ) من قيمة العقد تضعها أية شركة تنفذ أي عقد مع جهة قطاع عام وذلك لمدة عام بعد الاستلام الأولي والتشغيل، وذلك ضماناً لجودة التوريدات ويتم تحريرها بعد انتهاء تلك المدة بناءً على محـضر استلام نهائي .

وحيث أن مدة العام قد انتهت منذ سنوات.. والمعمل يعمل ويصدر... ولكن كان هناك إشكالات تعيق عملية تحرير الكفالة وإعادتها للشركة الألمانية وهو أمر يرتب عليها مصاريف شهرية كعمولات للبنوك مقابل تمديد الكفالة بمعنى أنه نزيف مالي... وفي مثل هذه الحالات تكثر حالات الابتزاز... والخلاصة أن الوزراء السابقين الذين عاصروا المشكلة لم يجرؤوا على حلها... وفي النهاية ونتيجة المصاريف التي تتكبدها الشركة الألمانية وشكاياتها المستمرة تدخَّل السفير الألماني بدمشق وقام بعدة اتصالات وزيارات لوزارة الصناعة لحل هذه المشكلة التي أوضح أنها تسيء للعلاقات السورية - الالمانية وتعيق كثيراً من الاتفاقات والمنح التي تقدمها ألمانيا لسورية... وكان أن تصدى الدكتور الزعيم للمشكلة وشكل لجنة لدراسة الموانع التي تعيق تحرير الكفالة، واجتمعت اللجنة مرات عديدة وتم التوصل إلى قرارات وتسويات أدت في النهاية لأن يتخذ الوزير قراراً بإبلاغ المصرف التجاري السوري بإعادة الكفالة.

ملاحظة: مبلغ الكفالة النهائية الذي أمر الوزير الزعيم بإعادته للشركة الألمانية استناداً لتقرير اللجنة المشكلة يبلغ بعد تحويله لليرات السورية861 مليون و745 ألف 689 ل س... وهو المبلغ الذي يظن البعض أنه قبضه بالشنتة وهرب به !!.

مــاذا حصــل بعــد ؟ 

بعد أن تم تحرير الكفالة، ونتيجة الخلاف العلني والكبير بين وزير الصناعة السابق ورئيس الوزراء السابق - ميرو.... قام الأخير بإحالة الإضبارة إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وهو مدرك تماماً للنتيجة (فالداخل مفقود والخارج مولود.... والفكاهة التي تقول أنه لو أحيل طارق بن زياد للتفتيش لأحيل إلى السجن بتهمة إحراق السفن التي من مال المسلمين) وذلك إنتقاماً من الزعيم لموضوع الغزول الشهير ومواضيع أخرى ؟؟.... وبعد أن صدر قرار التفتيش المتوقع قبل التحقيق قدم أعضاء مجلس إدارة المؤسسة النسيجية كتاباً بالوثائق للسيد رئيس الوزراء بعد مقابلتهم للسيد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ولكن الأمر كان محسوماً فلا تسويات، فالحرب معلنة ؟؟...

شخصية الدكتور عصـام:

ساهمت شخصية الدكتور عصام الزعيم بالمشكلة ؟..... فهو لم يكن على وفاق مع رئيس الوزراء - ميرو منذ الحكومة الأولى التي كان فيها الزعيم وزيراً للتخطيط... فهو يعتقد أن كفاءته وإخلاصه للوطن وترشيح الدكتور بشار الأسد له في تلك الفترة هو الذي ساهم في اختياره وبذلك كان يظن وهو الشخص الأكاديمي البعيد عن السياسة والعمل السياسي في سورية أنه يجب أن يكون ولاءه للوطن وللسيد رئيس الجمهورية فقط ولا يستزلم لآخرين.... مما دفعه لأن يكون حاسماً في ردود أفعاله.... يتصرف وفقاً لقناعاته العلمية دون مشاورة أو تنازلات أو حيل السياسة ..والأهم أنه كان يفكر بشكل استراتيجي وليس بعقل موظف مما يدفعه بالكثير من الأحيان بالدخول في تفاصيل أو قضايا تقع تحت اختصاص وزارات أخرى أو مناطق نفوذ غير معلنة ....وهو الأمر الذي عرَّضه لإشكاليات كبيرة مع معظم الوزراء في الحكومة والأخطــر مع رئيسها ... وقد نسي الزعيم أن رئيس الجمهورية في سورية ليس طرفاً بل هـو (نقطة البيكار) بمعنى انه على مسافة واحدة من جميع المواطنين وهو الأمر الذي يعطي أصحاب النفوذ قـدرة على إساءة سمعة أو التشهير بأي شخص لا يخضع لهم واختلاق قضايا تكون محرجة في الدفاع عنها من قبل مقام الرئاسة… وبذلك يتمكنون في النهاية من رفع الغطاء عن أي شخص لا يستزلم لهم.

الفرق بين الموظف والسياسي:

الموظف يعمل بشكل روتيني تلقائي بدون تفكير.... فما يصله من أوراق يوقع عليه إذا ما كان مطابقاً للقوانين أو الإجراءات دون النظر لنتائج عمله وإنعكاساتها على الوطن أو البلد.. خلافاً لأسلوب العمل السياسي الذي ينظر لنتائج الأعمال ويقدر الخسائر الناجمة ويقارنها مع تلك التي ستحصل فيما لو غير القرار المتخذ.

مطب أمــام الحكــومــة

ما الذي كان حصل لو قام الرفيق وزير المالية (عضو القيادة السياسية) بدراسة قرار التفتيش المحال إليه من وجهة نظر سياسية بحيث يدرس إنعكاس توقيعه على ذلك القرار على المصلحة الوطنية العليا.. فالقضية بمرتبة قضية امــن قـومــي بامتياز... ماذا كان حصل لو لم يوقع على القرار اوتوماتيكياً وأخذه لمناقشة السيد رئيس مجلس الوزراء لدراسة أبعاده ومنعكساته ويمكن حينها إما اتخاذ قرار أو عرض مسودة له على مجلس الوزراء تقضي بأن تشكل لجنة من ثلاثة أطراف (التفتيش - وزارة الصناعة - قضاة ومحامون وبيوت خبرة مستقلون) تقوم بإعطاء تصور نهائي بدلاً من الاكتفاء بدراسة موظف بسيط مع زملائه ومن ثم تبدأ التوقيعات التسلسلية كالعادة .

والسؤال هنا:

 هل تحتاج القصة لكل هذا العناء والتكبيــر .. والإجابة ببساطة نـعم وللأسباب التالية : 

1-الدكتور الزعيم شخصية دولية بكل المقاييس والمعايير ومعروف بنـزاهته فلا يمكن لأحد أن يشك في الخارج بأنه مرتشٍ وسارق ..فالإدانة الدولية ستتجه مباشرة لنظام العمل الإداري المتخلف على كافة المستويات في سورية .

2-ثمن الصفحات والمقالات التي ستكتب عن الموضوع وتشهر به وبسورية تساوي ملايين الدولارات وتصب كلها في مصلحة إسرائيل .

3-من سيجرؤ من المستثمرين العرب والأجانب أن يستثمر في سورية وهو يرى نتائج ما يحصل خارج حكم القضاء العادي . 

4-من سيجرؤ من الكفاءات السورية المهاجرة أن يعود إلى سورية للعمل في أي منصب حكومي... وخصوصاً إذا كان القرار الذي اتخذه الزعيم يدخل ضمن صلاحياته القانونية ؟.

5- ألن يرتعب الوزراء وخصوصاً الذين أتوا من المغتربات أو من المنظمات الدولية وليس لديهم خبرة بموضوع التفتيش وهم يرون ما حصل لزميلهم ومدراء عامين من أشهر أساتذة كلية الاقتصاد وهم محالون للتفتيش... ألن يفكروا بأن ما حصل يمكن أن يتكرر معهم؟.... ماذا نتوقع أن يكون أسلوب عملهم بعد الآن ؟.

6-إذا افترضناأن د.الزعيم سيتعامل مع القضية بهدوء ودون إعطاء لقاءات إعلامية (وهو يحسنها بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية) فإن وسائل الإعلام ستخترع قصصاً وتكبرها بغرض الإساءة لسورية.... أما إذا كان الدكتور الزعيم لن يتحمل الإساءة لسمعته وقرر أن يتحدث عما شاهده في سورية خلال السنوات الثلاثة والنصف، وهو الذي لا يملك أي شيء في سورية ليخاف عليه.. فالفضيحة وقتها ستكون عجيبة بكل المقاييس.. فهو سيتحدث من الداخل عن أمور لا يمكن تصديقها في الغرب عن مستوى الإدارة وتداخل الجهات الوصائية بالعشرات في اتخاذ القرار وكيف يمكن أن يضيع بريد هام و.....

الاقـتـــراح :

1- تشكيل لجنة ثلاثية (التي تم الإشارة إليها أعلاه) لتقدم صورة حقيقية لصانع القرار السياسي (لا موظف كبير) وعندها تقدم النتائج، سواء تبـرىء أو تدين، إلى المحاكم المدنية المختصة.. وتعرض عبر وسائل الإعلام. وهناك ثقة كبيرة جداً بالسيد وزير العدل الجديد ونزاهته وخبرته الكبيرة كقاضي وعدم استزلامه لأحد 

 

2-إعادة النظر بصلاحيات وطرق عمل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.