أوراق خريفية «من مذكرات شبّيح»

في هذا اليوم الأغر، يصادف عيد المعلم، وليَّ نعمتي وتاج رأسي. واحتفالاً بهذه المناسبة المجيدة، سأقوم بتنظيف سيارة النملة (حصتي من السيارة) وألحسها بلساني، لتغدو أجمل من العروس. وسأمّون نفسي وأرتدي جلد النمر المعلق على الحائط بالصالون وأمشي على أربع وأُضحِكَ نجله الأمّور (يامن). وسأنط وأفط بحركات بهلوانية كالسعدان لأحرض كريمته الفرفورة (سارة) على القهقهة، تقبشني ضحكتها شو حلوة.

ولسوف امسح الدرج بماء الورد، الذي تعبد رائحته معلمتي (أم سومر) يخليلي عينها.

وكم سيكون معلمي مسروراً مني حين أفاجئه بأنني استطعت إحضار حليب الخفافيش لابنه سومر الباحث عن المعرفة لدرجة الفضول الأكاديمي كما يقال. ليرضي لهاثه العلمي، ويحقق أمنيته برؤية هذا النوع النادر من الحليب...

وسأكون أسعد فيما لو طلب مني رواية كيفية حصولي على حليب الخفاش.. ستتاح لي فرصة التحدث لوقت أقدره أنا لا هم... يا سلام!! فعلاً يا أخي الحياة جميلة...

وسوف لن أغضب أبداً، بل سأعبر عن مشاعر الحبور والسعادة لدى قيام محروسهم الصغير (زياد) بتبليل ياقة قميصي بالبول لدى ركوبه اليومي على نقرتي. وسوف أتعمد إراءة فعلته لذويه مشيراً إلى شقاوة عفريتهم الصغير هذا.. كي يضحكوا وينبسطوا..

أما المفاجأة التي سأعتبرها بمثابة الأجمل، فهي تقديم صحن طافح بألباب البزر الأبيض. وطبعاً لن أستخدم أسناني بذلك ـ بعد التوبيخ الذي أطعمني إياه معلمي ـ بل عن طريق الضغط على طرف البزرة بالإبهام والسبابة كما علمني مولاي (أبو سومر).. لا شك أن الكربوج (فراس) سيغتبط لهذا الصحن كثيراً، فهو مولع بالمكسرات والموالح لدرجة الوله..

فحتى يقال عني نجم الشبيحة؛ سوف أكون في سهرة اليوم كأبطال أفلام كرتون بسرعتي لتلبية الطلبات..

وفي نهاية السهرة سأقوم بجمع بقايا اللحوم والأنواع الغريبة من الفواكه التي أُحضرت خصيصاً لهذه المناسبة الجليلة من الهند وكندا وجنوب أفريقيا.. والتي سأُكلَّف برميها في الحاوية.. لكنني لن أفعل، بل سأضعها في أكياس وأخبئها في غرفة الحراسة.. وأقتسمها مع زملائي بعد مغاردة جميع المدعوين.. فأطعم أسرتي في اليوم التالي ما لذ وطاب...

ولكن ما ينغص عيشي ويقلق فؤادي.. الأحداث التي تمر بها المنطقة هذه الأيام.. ومع ذلك نحمد الله ونشكره لأن استشهاد الطفل المدعو (محمد الدرة) لم يكن له أي أثر على موقف معلمي الرجولي، ولم يؤجل حفلة اليوم إلى الغد...

 

■■ ضيا اسكندر ـ اللاذقية