الانتشار الواسع لمعاهد اللغة والكمبيوتر ….دلالات وخفايا

إن ظاهرة انتشار معاهد اللغة والكمبيوتر في هذه الأيام ظاهرة لها دلالات هامة وخطيرة وبشكل خاص تلك التي لا تخضع للترخيص المقرر لتدريس اللغة حتى أصبحت تعرف بين الناس بمعاهد دورات لشهادات المرحلة الثانوية والتعليم الأساسي، ونظراً لأهمية هذه الظاهرة وانعكاساتها المختلفة على مستقبل العملية التربوية في البلاد يجب دراستها بمختلف جوانبها النظرية والعلمية بشكل موضوعي لتوضيح الصورة  الحقيقية لواقع هذه المعاهد.

 

فلو أخذنا مثلاً طرق التدريس فيها والوسائل المستخدمة لتبين لنا بأنها متشابهة مع ما يماثلها في المدارس النظامية «الحكومية» ومبرر ذلك هو أن المدرس الذي يقوم بإعطاء المناهج ضمن هذه المعاهد مشترك مع المدارس الحكومية في أغلب الأحيان، كما أن الوقت فيها يخضع للمزاجية وللخبرة عند صاحب المعهد نفسه حيث أن الخطة الدراسية المقررة تنتهي عادة في الشهر الثالث من السنة «آذار»أو الرابع«نيسان»ضمن نظام الجلسات بحيث لا تزيد الجلسة الواحدة عن 1:30ساعة، وهذا يعني أن توزيع الوقت وفق نظام الجلسات يتناقض حتماً مع الخطة الدراسية لوزارة التربية والتي تنعكس سلباً على قدرات الطالب الاستيعابية .

وكل هذا ضمن قاعات يصل عدد الطلاب فيها إلى /60 طالباً/ وهي غير مكيفة وتفتقر إلى المساحة الكافية .

وأما نظام الأسعار فيها، فهو لا يخضع لقانون وزاري بل لصاحب المعهد الذي يقرر ذلك كيفما أراد وهذا يستدعي بالضرورة البحث بشكل جدي عن عدد هذه المعاهد وإجراء مسح جغرافي شامل لها وصولاً إلى وضع أسعار متشابهة بين المعاهد ضمن المنطقة الواحدة على الأقل. فلو أخذنا مثلاًَ بعض المراكز في حلب لوجدنا الأسعار فيها خيالية حيث تصل حتى 36 ألفاً للعلمي و29ألفاً للأدبي والذي يثير الاستغراب في هذه المعاهد أننا نجد العديد من المدرسين يتاجرون بالطلاب على حساب التسرب والتسيب في المدارس النظامية، فهؤلاء المدرسون يقدمون كل أشكال الدعم من أجل أن يسجل الطالب في المعهد الذي يدرسون فيه مقابل أجر أو ربح يحصلون عليه من صاحب المعهد وذلك بالاتفاق المسبق معه .

ولذلك نجد انتشار ظاهرة التسرب المدرسي دون بحث عن حل، بل يتم تشجيعها وخصوصاً في مناطق انتشار ظاهرة معاهد اللغة و الكمبيوتر، والمصيبة هنا أن هذا التخريب للعملية التربوية والتعليمية يتم من  المدرسين أنفسهم مقابل أن يجمع بعضهم قليلاً من الثروة، وفي ظل انعدام أي دور مراقب لوزارة التربية على هذه المعاهد حيث تسمح الوزارة بفتح هذه المعاهد دون تراخيص نظامية وإن كانت باسم معاهد اللغة والكمبيوتر فهي عملياً معاهد «دورات تعليمية» للشهادتين الإعدادية والثانوية، وهنالك من يقود هذه المعاهد ويشرف عليها ولا يملك أية شهادة جامعية أو حتى معهد أو أية شهادة علمية .

ونتساءل هنا: هل هذه المعاهد تعمل على تحقيق المهارات والمعارف لدى الطلاب في ظل مدرسين مشتركين مع المدارس النظامية /الحكومية/؟ 

 

■ عابدين رشيد