بصراحة تعددت التسميات والمصير واحد!!
منذ أن حسمت الحكومات السورية أمرها تجاه قطاع الدولة الإنتاجي من حيث عدم زيادة الاستثمار فيه، وتطويره بما فيه الاستثمار بالجانب البشري من حيث الإعداد والتدريب المهني الضروري لمواكبة تقنيات العصر في مجال الصناعة وغيرها من المجالات، بدأ يطرأ على العمالة داخل هذه الشركات والمؤسسات تبدلات كثيرة وهي طبيعية من حيث تقدم العمال في السن وخروجهم على التقاعد وإصابة العديد منهم بأمراض مهنية بسبب بيئة العمل وعدم توفر الحماية الكافية لهم أثناء العمل مما أدى إلى ازدياد عدد الإصابات بالأمراض المهنية مثل (السرطان ـ الجهاز التنفسي، السمع، البصر، تسمم الدم )
حيث أضعفت تلك الإصابات قدرة العمال على الإنتاج بالشكل السابق مثل (عمال الأسمنت، النسيج، المحالج، المواد الكيميائية) مما دفع إدارات تلك الشركات والمعامل لسد النقص الضروري في اليد العاملة، من خلال استقدام عماله جديدة للعمل على خطوط الإنتاج أو في خدمات الإنتاج، وهذه اليد العاملة الجديدة جرى توظيفها تحت مسميات عدة، عمال عرضيين، عمال على الفاتورة، عمال مستأجرين، عمال لحين الطلب، عمال مؤقتين، وجميع هذه التسميات على اختلاف أنواعها لها نتيجة واحدة وهي إمكانية تسريحها ورميها على قارعة الطريق باللحظة التي يشاء بها مدير هذه الشركة أو المؤسسة حتى ولو كان العامل يعمل منذ عدة سنوات، وهم بالفعل كذلك يعملون منذ أكثر من خمس سنوات، تحت هذه المسميات العجيبة، واللافت للنظر بأوضاع هؤلاء العمال وهم ليسوا قليلين بل أعدادهم كثيرة وهم بازدياد مستمر، لأن حالة النزف مستمرة في العمال الدائمين للأسباب السابقة الذكر، فمثلاً يوجد في معمل أسمنت طرطوس 600 عامل معينين بالطرق تلك، حيث يوجد في هذا المعمل 1000 عامل مصاب مهني من أصل 2500 عامل ويوجد في المحالج والأقطان 6000 عامل، وفي مرفأ طرطوس أيضاً 1000 عامل، ويمكن القياس على ذلك في بقية الشركات والمعامل.
وبالإضافة إلى العمال المعينين على أساس ثلاثة أشهر لايجدد بعدها العقد حيث يسرح العامل ومع ذلك وفي هذه الحالة فإن العامل يخسر فرصة عمله التي يحتاج إليها من أجل استمراره بالحياة مع أسرته، والمعمل أو الشركة التي عينته تفقد عامل بدأ يتدرب على الإنتاج خلال ثلاثة أشهر حيث لايستطيع العامل أن يقدم للإنتاج خلال هذه الفترة شيئاً، إلا أنه يتعلم ليسرح بعدها، بالتالي تكون الشركة قد خسرت مالاً ووقتاً من جراء هذا السلوك المنافي لأي مصلحة وطنية تكون حريصة على تطوير الإنتاج والارتقاء به وأيضاً تراعي مصالح العمال وتطوير أدائهم بالإنتاج.
الاتحاد العام في إحدى مذكراته لرئاسة الوزراء حول العمال المؤقتين وضرورة تثبيتهم في عملهم باعتبارهم يمارسون أعمالاً دائمة ذكر أن هناك 48463 عاملاً مؤقت في كافة الوزارات ومؤسسات وشركات وإدارات القطاع العام في المحافظات، إن هذه الأعداد الكبيرة من العمال مهددة في أية لحظة بالتسريح في ظل الإصلاح الذي تجريه الحكومة على القطاع العام، وأحد جوانب الإصلاح هذه إصلاح أوضاع العمال ورميهم خارجاً من أجل تخفيف التكاليف والتي هي مرتفعة بسبب وجود عمالة زائدة أو فائضة كما يحلو لهم تسميتها، حيث تجري الآن العديد من التسريحات للعمال المؤقتين العاملين في الشركة العامة للبناء والتعمير وفي الشركات الإنشائية والتابعة لوزارة الدفاع تحت حجج عدة منها الأمني ومنها غير ذلك.
إن العمال العاملين على الفاتورة وغيره لايخضعون لأي قانون ولايحصلون على أي حق من حقوق العمال الدائمين، وكل مايتقاضاه هؤلاء العمال فقط أجورهم على قلتها مع أنهم يعملون على خطوط الإنتاج ويؤدون المهام نفسها الواقعة على عمال الإنتاج الدائمين.
إن أوضاع هؤلاء العمال تستدعي من النقابات وكل القوى الوطنية الحريصة على كرامة الوطن وكرامة مواطنيه الموقف الحازم تجاه الدفاع عن حقوق هؤلاء بالعمل وحقهم بأجر متساوي لأجر زملائهم وحقهم بما يحصل عليه العمال الآخرون من طبابة وإجازات، ووجبة وقائية ولباس وغيره، وإلا ستتحول شركات القطاع العام كما هو حال شركات القطاع الخاص إلى أماكن إعادة إنتاج العبودية المأجورة الرخيصة مرة أخرى، فهل نقبل بذلك؟.