كلية الآثار في جامعة دمشق تحتضر.. العميد لا يدري والمحاضر يتخبط والمراقب يستهزئ!
تعرف كلية الآداب بنفسها فتقول إنها تهتم بإعداد الكوادر العلمية وتأهيلها وتربيتها تربية متوازنة متكاملة لتكون عناصر فعالة في بناء المجتمع، وتساهم في التنمية الشاملة من خلال ربط الكلية بالمجتمع، ويتجلى ذلك من خلال بناء طلابها منهجياً وعلمياً وعملياً في شتى العلوم الإنسانية والاجتماعية من خلال المحاضرات النظرية والعملية والمعسكرات الإنتاجية السنوية للطلاب.
هذه الكلية التي يرجع تاريخ إنشائها إلى العام 1928 كمدرسة عليا للآداب مرتبطة بالجامعة السورية، قبل أن تغلق عام 1931 من سلطات الانتداب الفرنسية، ثم يعاد افتتاحها ككلية للآداب سنة 1946، وقد تطورت الكلية نحو التخصص والتعمق في البحوث والدراسات اللغوية، حتى أعيد تنظيم كلية الآداب عام 1959 في إطار التنظيم الشامل لملاك جامعة دمشق أنشئت بموجبه الدراسات العليا في معظم أقسام الكلية.
إن الكلية التي تضم جميع هذه الأقسام أصبح وضعها منذ سنوات لا يسر الخاطر، وفي أحد أقسامها الهامة «الآثار» أفادنا الطلاب بما يلي: في حادثة غريبة تم محاسبة طالب بدلاً من آخر بسبب تشابه في الأسماء دون إجراء أية مراجعة من المسؤولين في القسم لاسم الطالب المدان بحالة فساد مع بعض الطلاب والدكاترة معاً. الطالب الذي لم يكن له أية علاقة بالطالب الآخر الفاسد تم فصله لمدة سنتين ليحرم بها من التخرج الذي لم يبق أمامه سوى خمس مواد ليحصله، والأنكى من هذا أن الطالب المعاقب الحقيقي الذي من المفترض أن يعاقب هو من طلاب السنة الرابعة- لكون الدكتور (خ.غ) لا يدرّس بالأصل إلا طلاب السنة الرابعة- بينما الطالب الذي ذهب ضحية الدكتور والطالب الفاسد وغيره من الفاسدين كان ما يزال في السنة الثالثة عندما تم حرمانه، ورغم تقديمه كل الوثائق التي تثبت ذلك والاعتراضات المتواصلة التي قدمها لم يستفد شيئاً، ومن جملة ما قام به كان لقاء أجراء مع عميد الكلية الذي أعرب عن أسفه لما حصل مع الطالب لكن دون أن يقدم أية مساعدة أو حل لمشكلة طالب كان ضحية غيره والغريب قوله: «لا تكبر الموضوع، لأني لا أستطيع أن أقدم لك شيئاً، فالمشكلة كلها بأل التعريف التي ورطتك بهذا الشكل»!.
بعد مرور وقت طويل على لقاء الطالب بعميد الكلية، جاءت إدارة القسم بشاهدين من الطلاب، فأكدا أمام اللجنة التي شكلت أن الطالب المعاقب لا دخل له بكل ما حدث، ومع ذلك لم تحرك اللجنة ساكناً ولم تجر أو تفتح أي تحقيق بالقضية، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تشكيل كل هذه اللجان والمحاكمات والاجتماعات إذا كانت اللجنة لا تستطع القيام بأي تغيير، أو أنها لن تقوم بمحاسبة أي مذنب؟.
محاضر وأسئلة امتحانية على مزاجه
أصبح الطلاب في كل دورة امتحانية على موعد مع التنجيم لما سيأتي به الدكتور المحاضر لمادة آثار إسلامية فصل أول سنة رابعة (غ.ي)، فتارة يأتي بخمسة أسئلة اثنان من داخل المقرر وثلاثة من خارجه ولكل سؤال عشرون علامة، أي ليس أمام الطالب سوى أربعين علامة هذا أن استطاع أحدهم أن يجيب على السؤالين كاملاً، والأسئلة الثلاثة المتبقية كافية لرسوب أي طالب مهما كان ذكياً، أما في الدورة الأخيرة فقد جاء بأربعة أسئلة بعد مناشدات قوية من الطلاب لتسهيل الأسئلة ثلاثة منها داخل المقرر وواحد فقط من خارج المقرر لكنه تشارط شفهياً أمام الطلاب أن عليهم أن يجيبوا على السؤال الخارجي وإلا لن ينجحوا، فكانت النتائج صدمة للطلاب!.
أسئلة ليس لها أثر في المقرر المطلوب
المفاجأة الكبرى التي يجب أن تدخل موسوعة غينيس أن الدكتور (ع.ع) أستاذ مادة النصوص الأثرية سنة رابعة فصل أول، جاء بالدورة التكميلية بأسئلة غير موجودة أصلاً في الكتاب المقرر، وهو ما أحدث ضجة بين الطلاب في القاعة، فترك العديد منهم القاعة دون تقديم المادة بشكل كامل وعادوا إلى منازلهم راسبين، المراقبون بدلاً من تهدئتهم للوضع أصبحوا يستهزئون بالطلاب ويتمنون لهم مطبات أكثر من تلك التي أوقعتهم بها الأسئلة، ثم تكللت نقاشات الطلبة بالذهاب إلى عمادة الكلية من أجل المطالبة بإعادة امتحان المادة، لكن الغريب أن العمادة استقبلت الطلاب ولم تستقبل المحاضر، لتجري بعد ذلك انتخابات ويتم التصويت على خطأ لا دخل للطلاب فيها، وتم الاتفاق على إجراء الامتحان في اليوم ذاته بعد مقترحات عديدة لكن بعد ثلاث ساعات إلى حين أن يتمكن المحاضر من كتابة أسئلة وطبعها مجدداً، في وقت كان نصف الطلاب قد غادروا الجامعة مما يعني تأجيل وتأخير تخرجهم سنة كاملة، ولكن الظريف في الأمر أن بعض الطلاب بدؤوا يهتفون بـ«الطلاب يريدون تسليم الأوراق.. الطلاب يريدون محاسبة الدكتور.. الطلاب يريدون أشياء كثيرة!».
والسؤال الذي لا بد منه هو: هل بهذه الطريقة سنعد جيلاً من الكوادر العلمية التي ستقع على عاتقها حماية آثارنا؟ وهل هؤلاء الدكاترة مؤهلون لتأهيل وتربية هذا الجيل تربية متوازنة متكاملة لتكون عناصر فعالة في بناء المجتمع، وتساهم في التنمية الشاملة؟ لا يبدو ذلك في المدى المنظور إلا أراد الطلاب أنفسهم أن يكونوا قدوة في النجاح!.