حماية المستهلك.. أم استهلاكه؟!
تتفتق عقول القائمين على «حماية المستهلك» بين فترة وأخرى عن بدعة جديدة يحاولون من خلالها إقناع المواطن بخوفهم على حقوقه، بينما هم عملياً لا يمارسون شيئاً من مهامهم المناطة بهم لحماية المواطن حقاً من جشع التجار والفجار في الأسواق على اختلافها.. علماً أن قانون حماية المستهلك نص على أن تقوم جمعيات حماية المستهلك بالدفاع عن مصالح المستهلكين أولاً وأخيراً، وأن تقوم بتمثيلهم لدى الجهات المعنية كافة للوصول إلى تحقيق هذه الحماية.
وفي حين جاءت بدعة حماية المستهلك العام الماضي على شكل «نصيحة» للمواطن بألاّ يشتري اللحم الأحمر لكي يساعد في تخفيض أسعاره، فقد جاءت البدعة هذا العام على شكل «اقتراح» مفاده السماح للمستهلك بتحصيل حق إعادة السلعة إذا لم تتعرض إلى تبديل أو استخدام ما دامت فاتورة شرائها موجودةً، خلال أسبوع من شرائها، علماً أن أحداً لم يلزم التجار بعد بإعطاء الفاتورة لهذا المستهلك المستَهلك!.
وكذلك ما يزال دور جمعيات حماية المستهلك مقتصراً على التنبيه إلى بعض المخالفات فيما يخص المواصفات والمقاييس التي تردها، ففي موضوع الفواتير مثلاً تتلقى الجمعية الكثير من الشكاوى من المواطنين الحالمين بضمان حقوقهم، ولكن المخالفة تبقى مخالفةً والشكوى تبقى مستمرةً وهيهات أن يصل القطار في موعده!.
لقد أدخل نهج «اقتصاد السوق الاجتماعي» وتحرير الأسواق والأسعار البلاد في حالة من الفوضى الحقوقية، خاصةً في الجوانب المتعلقة بحقوق المواطنين بالحصول على الخدمات والسلع الأساسية بأسعار تتناسب مع دخولهم التي لم تشهد تحسناً جوهرياً يذكر، علماً أن التعويل في هذا تخفيض حدة هذا النهج كان متركزاً على جمعيات حماية المستهلك وحدها..
واليوم، إذا كانت هذه الجمعيات فاشلةً شكلاً ومضموناً، فما العمل؟ وهل الحل هو الاستمرار بمحاولات الترويج لها كأداة لضبط السوق؟ يبدو أن البعض ما يزال يحاول «تطميش» العيون عن المصيبة: إنها النهج الذي يجب العودة عنه مهما كان الثمن!.