شركة أسمنت عدرا تنفذ الخطة الإنتاجية بنسبة 106% الشركة مطروحة للتطوير وإعادة التأهيل من قبل القطاع الخاص رغم ربحيتها
ضمن المخطط الرامي إلى خصخصة شركات القطاع العام، بعد إنهاكها وتخسيرها، تتعرض الكثير من الشركات الرابحة لهذا المصير، على حساب مصلحة الوطن والمواطن، وشركة أسمنت عدرا الرابحة بامتياز، والتي تنفذ الخطة الإنتاجية بنسبة تزيد عن المخطط لها، رغم كل الصعوبات ومعوقات العمل، من ضمن الشركات التي تتعرض لهذه الهجمة.
تم تأسيس شركة أسمنت عدرا في الضواحي الشرقية لمحافظة دمشق عام 1978، وتتألف من ثلاثة خطوط إنتاجية بطاقة 800 طن من الكلينكر يومياً لكل خط، والآلات الموجودة مازالت تعمل منذ تركيبها، أي ما يفوق ثلاثين عاماً، وكذلك الأيدي العاملة التي شاخت في المعمل، وأصبح معظمهم في سن الكهولة، في غياب التعيين والتوظيف الجديدين، وافتقدت الشركة لليد العاملة الشابة النشيطة، وانخفض عدد عمالها من حوالي 1800 إلى 1300 عامل، ومع أن الآلات قديمة وتحتاج إلى يد عاملة إضافية، زيادة عن الملاك المخصص لها، تسعى المؤسسة العامة للأسمنت ووزارة الصناعة إلى تخفيض عدد العمال الآن إلى 900 عامل فقط، ورغم قِدَم الآلات وقلة اليد العاملة وكهولتها فإن الشركة تحقق إنتاجاً متميزاً، وأرباحاً سنوية جيدة، ترفد خزينة الدولة، وحسب تقرير الإنتاج الصادر عن مديرية الإنتاج في الشركة حتى تاريخ 19/8/2009، فقد كان المخطط إنتاجه من الكلينكر /399277/ طناً، وقد بلغت كمية المنتج منه /422483/ طناً، أي بنسبة تنفيذ 106%، وكذلك كان المخطط إنتاجه من الإسمنت الجاهز /437645/ طناً، وبلغت كمية المنتج منه /463647/ أيضاً بنسبة تنفيذ 106%، والمخطط من التعبئة /438818/ طناً، بلغ المنفذ منه /436126/ طناً، أي بنسبة 99% فقط.
التطوير والتحديث على مدى عقد كامل
تظاهرت المؤسسة العامة للأسمنت، في بداية العقد الحالي، بنيّتها لتحسين الواقع الإنتاجي لخطوط الأسمنت القائمة، وزيادة طاقتها الإنتاجية، وذلك بتطوير آلات الإنتاج وتحديثها، وإعادة تأهيل خطوط الإنتاج، بهدف زيادة طاقتها الإنتاجية، وتم اقتراح تطوير وإعادة تأهيل خط الإنتاج الثالث في شركة أسمنت عدرا كنموذج أولي للتطوير، تُعمَّم تجربته فيما بعد على الشركات الأخرى. وتمت المراسلة في عام 2000 بين الشركة وخمس شركات استشارية قدمت عروضها، وتم التعاقد، وبدأت المعدات والتجهيزات والآلات تصل إلى الشركة منذ عام 2004، ومازالت تتوالى بالوصول حتى الآن، حيث وصلت آخر آلات التطوير والتحديث في حزيران المنصرم من هذا العام. ومازالت الآلات موجودة في مستودعات وشوارع وساحات الشركة حتى الآن.
روتين الأنظمة والقوانين النافذة
تمت المراسلة بين إدارة الشركة وإدارة المؤسسة العامة للإسمنت، وطالبت إدارة الشركة دائماً بتعجيل تركيب المبردين والفلترين، آلات التطوير وإعادة التأهيل التي وصلت منذ أكثر من خمس سنوات، والتي مازالت في صناديقها في ساحات الشركة، بهدف تحقيق الجدوى الاقتصادية للوطن من حيث التخفيض في استهلاك المياه والكهرباء والغاز، وللتخلص من التوقفات الطارئة لإجراء صيانات للأفران والمبردات، التي بلغت في عام 2008 بحدود /54/ يوماً، وانعكست سلباً في تراجع معدل تنفيذ خط الكلينكر إلى 92% فقط. وتم اقتراح عدة عروض لتركيب الفلترين والمبردين، إلا أن المؤسسة والوزارة كانتا دائماً تردان بالتريث والتمهل، ورفض العروض المقترحة، بحجة أنه توجد في السوق أسعار أدنى من السعر المعروض، مع أنها لم تتقدم بعروضها ضمن المناقصة المطروحة، وكانت المؤسسة والوزارة دائماً تطالبان بالاستمهال والتقيد بالتعليمات والقوانين النافذة. وبسبب الروتين القاتل والبيروقراطية المتبعة في الأنظمة والقوانين والتعليمات النافذة، يجري التأجيل والتسويف من الجهات الوصائية، ولم يتم تركيب المبردين والفلترين حتى الآن....
قتل القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص
هل هناك حقاً من يريد تعطيل الشركة وإنهاءها وصولاً إلى خصخصتها؟!! هذا ما يبدو من خلال الخطوات التي اتخذتها المؤسسة العامة للأسمنت ووزارة الصناعة، فرغم الأرباح المحققة للشركة، ورغم تنفيذ الخطة الإنتاجية بنسب تزيد عن المعدل المخطط، فقط طرحت وزارة الصناعة والمؤسسة العامة للأسمنت دفتر الشروط الخاصة (الفنية والمالية والحقوقية) لإعادة التأهيل والتطوير لشركة عدرا لصناعة الأسمنت ومواد البناء، لرفع الطاقة الإنتاجية السنوية المحققة حالياً في الشركة والبالغة /845/ ألف طن أسمنت بورتلاندي عادي، وهي وسطي الطاقة المحققة خلال السنوات السابقة، والتي ستحصل عليها شركة أسمنت عدرا سنوياً طيلة فترة تنفيذ التطوير والتعاقد، إضافة إلى حصة يتفق عليها مع الجهة المطوِّرة، من الإنتاج المضاف، بعد فترة التنفيذ (دون اشتراط تحديد كمية الإنتاج المضاف وحصة الشركة منها، فقد تركتها (مطاطة)..
مكاسب إضافية للعارض على حساب الشركة
كما جاء في البند /15/ من دفتر الشروط الخاصة: «تقترح الجهة المطوِّرة في عرضها الفترة الزمنية للتعاقد، ويتم تحديدها لاحقاً بالاتفاق بين الطرفين» وجاء في البند /16/: «تحدِّد الجهة المطوِّرة في عرضها فترة التنفيذ (البرنامج الزمني) للوصول إلى الطاقة الإنتاجية الجديدة المقترحة، على أن يتضمن البرنامج الزمني النقاط التالية ابتداءً من تاريخ تبليغ الجهة المطورة تصديق العقد أصولاً، (أي لها حرية التحديد بعد حصولها على العقد رسمياً)» وهذه النقاط التي يحق لها تحديدها لاحقاً هي:
أ ـ تحديد تاريخ المباشرة بالعمل بعد إبلاغ تصديق العقد، بمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
ب ـ تحديد الزمن اللازم للتطوير وإعادة التأهيل لكل خط إنتاجي على حدة.
ج ـ تحديد الفترة الزمنية الكاملة لتطوير وإعادة تأهيل جميع الخطوط الإنتاجية في الشركة، وبدء الإنتاج بالطاقة الإنتاجية الجديدة «المقترحة»، وحتى نهاية العقد.
وهنا نرى أن المؤسسة تقدم للعارض تسهيلات زمنية غير ملزِمة...
ليس إعفاءه من التقصير فقط بل تحمل ثمنه أيضاً
جاء في البند /22/ من دفتر الشروط: تلتزم الجهة المطورة بتسليم الشركة كميات الأسمنت المتفق عليها، والبالغة /845/ ألف طن أسمنت بورتلاندي سنوياً، طيلة فترة التعاقد، يضاف إليها حصة من الإنتاج المضاف سنوياً، بعد فترة تنفيذ التطوير وحتى نهاية فترة التعاقد. وفي حال عدم تسليم الشركة كميات الأسمنت المتفق عليها، تلتزم الجهة المطورة بتوريد كمية النقص من مادة الأسمنت البورتلاندي، أو ما يعادلها من الكلينكر، وتسليمها إلى الشركة خلال فترة ثلاثة أشهر من نهاية السنة التي يحصل فيها النقص، وتسدد قيمتها من شركة أسمنت عدرا، وفقاً لتكلفة إنتاج الطن بالشركة في تلك السنة».
وهنا نرى حصول العارض على امتيازات ليست من حقه، على حساب الشركة وميزانيتها وأرباحها، فإذا كان العارض ملزماً بتسليم /845/ ألف طن من الأسمنت، يضاف إليها (على سبيل المثال) /155/ ألف طن حصتها من الإنتاج المضاف، فلو لم يستطع العارض تأمين الحصة الإضافية المستحقة مقابل حصوله على امتيازات عقد التطوير وإعادة التأهيل، يلتزم بتوريد الكمية وتدفع ثمنها الشركة، مع أنه من المفترض أن يسلمها العارض مجاناً، مقابل حصوله على حصرية العقد والامتيازات اللاحقة له.
ولا يتعلمون من أخطائهم
تقوم الآن بعض شركات التطوير وإعادة التأهيل بزيارة الشركة للإطلاع على واقعها وسير العمل فيها، مثل مجموعة فرعون وغيرها، ولم تتعظ المؤسسة العامة للأسمنت من خطأ تعاملها مع شركة فرعون التي خسَّرت شركة أسمنت طرطوس عام 2008 ما يزيد عن /200/ مليون ليرة سورية، حيث كان معدل التنفيذ من مجمل الخطة الإنتاجية 72% فقط، لأن مجموعة فرعون لم تحقق الالتزامات الإنتاجية المتفق عليها، وكان هناك نقص في الربع الأخير من عام 2008 بحدود /100/ ألف طن أسمنت، يجب تعويضها خلال عام 2009، أو يجب على الشركة المطوِّرة توريدها، وتقوم شركة أسمنت طرطوس بدفع ثمنها حسب تكلفة إنتاج الطن في الشركة لعام 2008.
احذروا الناهبين
إن قاسيون التي أخذت على عاتقها دائماً الدفاع عن مكتسبات الطبقة العاملة والقطاع العام، وتدعو إلى الحفاظ على الشركات العامة ودعمها وتطويرها ودفع عجلة الإنتاج فيها حفاظاً على أمن الوطن والمواطن، اجتماعياً واقتصادياً، تدعو لدعم الكادر الإنتاجي في شركة أسمنت عدرا، الذي يسعى إلى تحقيق الربحية المرجوة للشركة، من خلال تنفيذ الخطة الإنتاجية بنسب تزيد عن المخطط لها، ووصلت إلى معدلات تفوق الـ 106%، وتحذر من التفريط بالمنشآت العامة وإعطاء ميزاتها وأرباحها إلى القطاع الخاص، الذي لا تهم غالبيته مصلحة الوطن، بل هدفها الأول والأخير تحقيق مصلحتها الخاصة.