أنفلونزا عقارية في ريف حمص

إن ما يحدث من أنفلونزا جائحة في سوق العقارات الزراعية في ريف محافظة حمص مثير للاستغراب والقلق، بل وحتى الخوف على مصير عشرات الآلاف من دونمات الأراضي الزراعية التي كانت تزرع بالحبوب والبقوليات. 

 

 

 إذ تجتهد المافيا التجارية الطفيلية في نسج خيوطها العنكبوتية حول هذه الثروة، وتتفنن في عمليات إقناع أصحاب الأراضي من الملاك والفلاحين من أجل بيع ممتلكاتهم من الأراضي الزراعية، ويلجؤون في ذلك إلى طرق متعددة ومبتكرة، وإحدى هذه الطرق الخبيثة هي قيامهم بإرسال أشخاص مرتبطين بهم إلى معظم المكاتب العقارية المنتشرة في جميع أحياء المدينة، فيقدمون أنفسهم على أنهم مندوبون لفروع بعض البنوك الخاصة الموجودة في المدينة، ويرغّبون أصحاب المكاتب العقارية بعمولات مالية مجزية في حال استطاع هؤلاء ترتيب صفقات شراء الأراضي لهم ولمن وراءهم!! وتتجه شهية هذه المافيا الخطيرة إلى العقارات المفرزة حصراً، وبكامل العقار، أي /2400/ سهم، ويسعون لشراء كامل الأسهم ولو كانت لعدة مالكين، وهنا يظهر دور المكاتب العقارية المشبوه أيضاً بإقناع المالكين في حال تعددهم.

هؤلاء التجار الكبار وأصحاب الأموال المشبوهة الذين يقودون هذه العملية الأخطبوطية من وراء ستار مندوبيهم الموهومين ومنتحلي الصفة، يدفعهم جشعهم ونهمهم للربح السريع والغنى الفاحش يهدفون إلى:

- شراء الأراضي الزراعية بأثمان بخسة مستغلين الصعوبات التي يعانيها الفلاحون.

- رهن هذه العقارات للبنوك والمصارف الخاصة أو العامة.

- الحصول على قروض كبيرة بشروط ميسرة بعد الحصول على تراخيص لإقامة مشاريع سياحية.

وبعد ذلك يأتي دور الحركة الملتوية لهذه المافيا، فتعلن عجز صاحب المشروع السياحي أو الخدمي عن التسديد، فيلجأ البنك أو المصرف عندها لإلقاء الحجز الاحتياطي ثم التنفيذي على العقار المرهون سداداً للدين، وتكون ساعتها الكارثة بالنسبة للبنك لأن قيمة القرض في الغالب، أكبر بكثير من قيمة الأرض الحقيقية. فنصبح في الواقع أمام أزمة تمويل عقاري سورية، ولكن على الطريقة الأمريكية، ونكون بالتالي أمام نذر كارثة اقتصادية قد تحل بنا متماهية مع امتدادات الأزمة التي طالت دول العالم.. ولن يستطيع أحد أن يقول إن الاقتصاد السوري لم يتأثر سلباً بالأزمة الاقتصادية العالمية، من هذه الناحية على الأقل.

لقد أصبحت القاعدة الذهبية لدى برجوازيتنا الطفيلية في سورية تقول إن العقار أفضل من المال، أي أوراق النقد، ولذلك اتجه نشاطها الطفيلي للمتاجرة بالعقارات وليس باتجاه خلق صناعة وطنية حقيقية، أو تنمية تخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل وتزيد الدخل الوطني للمجتمع وللأفراد أيضاً. لهذا فهي رأسمالية طفيلية وخبيثة وتعمل لتخريب الاقتصاد الوطني وتخريب عقول وأفكار الناس وتشويه القيم بما يتفق مع أخلاقيتها في العمل والربح.

والسؤال المشروع إلى متى ستظل هذه السوق العقارية خارج إطار رقابة الجهات المسؤولة ورقابة الجهات الشعبية كاتحاد الفلاحين وبقية المنظمات الشعبية، لأن ما يتلاعب به التجار هو أرض الوطن وليس مكاناً مهجوراً في كوكب آخر، فإذا كانت الملكية مصانة بالقانون والدستور، وللمالك حرية التصرف في ملكيته، فإن ذلك يجب أن يتم من خلال عدم الإضرار بالمجتمع بشكل عام، ودون التأثير على حالة الأمن الغذائي في سورية.

فإذا جرى انتقال ملكية هذه الأراضي الزراعية وبآلاف الدونمات إلى أسماء هؤلاء التجار الكبار الذين أصبحوا الإقطاع  الجديد والذي يحاول أن يستعيد أراضي أجداده الإقطاعيين السابقين، فإن كل ذلك يخرج هذه الأراضي من دورة الاقتصاد الوطني ما سيؤدي لتراجع الإنتاج الزراعي، خصوصاً وأن التأثيرات المناخية للجفاف تمضي في الاتجاه نفسه.

بما يعني أن الأمن الغذائي مهدد بقوة ومعرض للانهيار في حال استمر التغاضي والنتيجة أنه لابد من الانتباه والحذر، ومقاومة هذا النشاط الطفيلي العقاري من أجل دعم الموقف الوطني الداخلي وتمتين صلابته وقوته الممانعة.

آخر تعديل على الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2016 14:43