فواتير الكهرباء.. سرقة «قانونية»!

جرت العادة في كل الدول المتحضرة أن تجري الحسومات على استهلاك المواطن كلما شارك أكثر برفد خزينة الدولة من استهلاكه، وخاصة في مجال اشتراكه باستجرار التيار الكهربائي، فكلما زاد استهلاكه انخفض سعر الشريحة، وذلك دعماً وتشجيعاً للمواطن على المشاركة أكثر فأكثر بتسديد مبالغ أكبر لخزينة الدولة. أما في سورية فكل القوانين والتعاملات تجري بعكس السير، وذلك بحجة حض المواطن على التقنين وتوفير صرف الكهرباء، بهدف إظهار عجز الدولة عن تأمين متطلبات المواطن من الطاقة، كي يصلوا إلى النتيجة التي يخططون لها بقول المواطن: «أعطوها للقطاع الخاص وخلصونا!!»

أما من جهة الفواتير فهناك يقع الظلم الحقيقي، وفي أكثر من مجال، فاستناداً إلى الظاهرة العامة يلاحظ المواطن أنه يدفع مبالغ لا يتخيل أنه استجر التيار بقيمتها، وذلك بسبب وجود عدّاد رئيسي على مدخل المأخذ الرئيسي لكل بلدة أو قرية، يسجل الاستهلاك العام لها، وعند نهاية كل عام وفي الدورة الأخيرة منه، يحسب الفرق بين مجموع الكيلوواط الساعي الذي تم تسديد ثمنه في كوة الجباية للبلدة، ومجموع ما تم استجراره فعلياً، طبعاً مع وجود الهدر في التيار والفاقد منه والسرقات من الشبكة، ويقسم الفرق على مجموع فواتير أهل البلدة، وبذلك يدفع المواطن المشترك باستجرار التيار بشكل نظامي، ثمن استهلاكه واستهلاك غيره من الفاقد والهدر والسرقة.

ومن جهة حساب الشرائح فحدث عن الظلم ولا حرج، لأننا نجد من المعطيات الرقمية لأسعار الشرائح الموضحة على خلفية فاتورة الكهرباء أن قيمة الـ600 كيلوواط ساعي الأولى من الاستهلاك تساوي 310 ل.س، وإذا زاد الاستهلاك حتى 800 كيلوواط ساعي تصبح قيمتها 710 ل.س أي بزيادة 400 ل.س عن زيادة 200 كيلوواط ساعي، وإذا زاد الاستهلاك حتى 1000 كيلوواط ساعي تصبح القيمة 1310 ل.س، أي بزيادة 600 ل.س عن زيادة 200 كيلوواط ساعي، وإذا وصل الاستهلاك إلى 2000 كيلوواط ساعي، وهذا وارد وطبيعي للاستهلاك المنزلي، تقفز القيمة حتى 4800 ل.س، وإذا زاد الاستهلاك عن 2000 كيلوواط ساعي ولو بقدر 1 كيلوواط ساعي فقط، وهنا الطامّة الكبرى، فإن القيمة تحلق بعيداً فوق التصور والخيال، وتصبح أكثر من 8000 ل.س.

وفي فاتورة يبلغ الاستهلاك فيها 1380 كيلوواط ساعي تبلغ القيمة الإجمالية لها مع الرسوم والضرائب 2676 ل.س، وفي فاتورة أخرى يبلغ الاستهلاك فيها 1930 كيلوواط ساعي، تصبح قيمتها الإجمالية 4261 ل.س، أي أن قيمة الـ550 كيلوواط ساعي في الألف الثانية تساوي 1585 ل.س، مع قيمتها في الألف الأولى لا تزيد عن 265 ل.س.

فأي قانون هذا؟ وأي تطور هو الذي يجبر المواطن على العيش في العتمة والتقشف؟! وأية ضريبة لا يتصورها العقل سوف يدفعها المواطن إذا استفاد من معطيات التطور الطبيعي والحضارة التي تسعى كل الدول «باستثنائنا طبعاً» إلى تأمينها لمواطنها، بأقل التكاليف وأرخص الأسعار.

آخر تعديل على الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2016 14:43