«عمران» دير الزور: الفساد والخسران.. والمطففين في الميزان

 ورد إلى قاسيون ملف كبير عن مؤسسة «عمران» بدير الزور يضم أكثر من ثلاثين وثيقةً، لا يدل على أن الفساد قد استفحل حجماً وتعدد نوعاً في هذه المؤسسة فقط، بل ووجد من يبرره، ويقلل من أهمية محاربته والقضاء عليه..

 وبالطبع لن نورد في هذه العجالة الوثائق كاملة، لكننا سنعرض نماذج منها، تتضمن عدداً كبيراً من المخالفات والتجاوزات من صرف أسمنت لرخص منتهية الصلاحية، إلى تزوير فواتير، والإساءة إلى المال العام، والعديد من المخالفات الأخرى، ارتكبها المدير السابق عبد الرحمن المشوح، وسنبدأ بأولها، وهو تقرير المفتش فيصل فرحان من الهيئة المركزية رقم 17/ تاريخ18/9/2008 بخصوص ملف الفساد في مؤسسة العمران/ فرع دير الزور.

يقول التقرير بعدم صحة معظم الأمور المنسوبة لمدير فرع عمران دير الزور سابقاً والذي وضع بتصرف المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بدير الزور، باستثناء الأمور التالية: 

- (محاولة) صرف إذن سفر إلى دمشق تبين فيه أنه كان على رأس عمله من دفتر توقيع العاملين. بينما الوثائق التي لدينا تبين (صرف) إذن السفر مع أذون أخرى كثيرة، وليس محاولة لواحد فقط ؟؟

- قيام المدير( المشوح) بحسم كميات من الأسمنت من المتعاملين دون إجراء الكشف الحسي. ولم يتطرق التقرير إلى مصير هذه الكميات وحجمها وإلى أين ذهبت، فهي بالطبع ذهبت إلى السوق السوداء، وإلى المتعهدين الذين منحوا كميات لرخص منتهية، وما يثبت ذلك تغريمهم بقيمتها فيما بعد من الوثائق؟؟

- ثبوت عدة مخالفات مرتكبة نسبت لبعض العاملين. ونذكر منها عدم الالتزام بتعليمات الإدارة بعدم منح المتعهدين أية دفعة أسمنت دون تقديم كشوف شهرية عن أعمالهم، وبلغت كميتها 6775 كيساً بقيمة 421739 ل.س ، واكتفى المفتش بالمطالبة بتحصيل المبالغ من المتعهدين، واقتراح عقوبة 2 % للمدير السابق عبد الرحمن المشوح وعقوبات بين 3 % و5 % لبعض العاملين.. ونستغرب ذلك لأنه لا يمكن خروج كيس اسمنت إلاّ بعلم المدير!؟     

إنّ إعفاء المدير السابق من الإدارة وإعارته إلى مؤسسة الحبوب هو بحد ذاته إقرار بمسؤوليته، كما أغفل التقرير كثيراً من النقاط الأساسية في الشكاوى، مع وثائقها المقدمة والموجودة نسخ منها  لدينا، وتراوحت من سرقة حاسب إلى التزوير بشتى أشكاله، وصولاً إلى التلاعب بالمال العام، ومنها:

- عدم الإشراف على مراكز الأسمنت في المحافظة التابعة للفرع والتي هي مصدر السوق السوداء.

- قوائم المتعهدين، وأصحاب الرخص المميزين وذوي الحظوة.

- قوائم الاستجرار للرخص المنتهية.

- قائمة وكشوف المساجد المضافة على الكشوف دون وجود ثبوتيات لها.

- قائمة مفصلة تبين التجاوزات في التوزيع للأسمنت على النسب التنفيذية المقررة.

- قائمة للرخص المتخلفة، والمستبدلة برخص أخرى.

- قائمة بالرخص التي تضاف عليها كميات اختلاساً.

- قائمة تبين الاختلاس من رخص الحرفيين.

- نسخ من الفواتير الأصلية والمزورة والمسجلة ذمتها على مديرية الزراعة للتغطية على كميات من المواد بين المدير السابق واللاحق.

- كتب المراقب الداخلي التي تبين تأخير بيع الحديد عن السعر الجديد، وبيعه بالقديم وجرى تغطيتها كذمة على مديرية الزراعة.

- نسخ الكشوف المزورة العديدة بين المدير ورئيسة شعبة الحسابات.

- المشاريع الوهمية بمركز عمران البصيرة، التي تجاوزت 25 مشروعاً، واستجرت كميات الأسمنت لها للبناء وحتى الكساء ولا تزال أرضاً فقط وبمعرفة المراقب الداخلي.

- صرف الإضافي مرتين، بالاشتراك بين المدير، ورئيس الدائرة المالية.

- فتح أضابير مزدوجة للمتعهدين في عدة مراكز واستجرار كميات زائدة، والقائمة موجودة، ومنها المتعهد محمد غازي السهو.

- التلاعب الكبير بتحويلات الأسمنت إلى حلب وحمص بشكل فاضح.

- كمية المازوت المفقودة والمخصصة للتدفئة للشوفاج المعطل.

- شكوى العامل عمر مرجان حول اعتداء المدير عليه أمام المفتش وللمرة الثانية.

- سرقة الحاسوب، وتكلفة المكيف الصحراوي لمئات الألوف، وأوامر صرفها.

بعد كل هذه الوثائق المقدمة والشكاوى التي نُشر جزء من فحواها في الزميلة تشرين في العدد 10225، يأتي التقرير متجاوزاً لها بعد عام وشهرين من التحقيقات التي لم تستكمل لاعتبارات خاصة(؟)، وربما كما قال صاحب إحدى الشكاوى: «لأسباب شخصية»، ولوجود جهات داعمة ومتسترة.. والأسوأ أنه جرى معاقبة أحد العاملين وهو نقابي، بعد أن دبرت له تهم كونه فضح الفاسدين، وقد برأته المحكمة مؤخراً.  بينما تأتي العقوبات محدودة وشكلية ضد الفاسدين، ولا تتناسب مع الجرم المرتكب، لتؤكد محاباة بعض من يقومون بالمحاسبة مع الفاسدين!؟

ويمكننا أن نضيف أيضاً ما يجري الآن من خسارة مئات الأطنان من الأسمنت بسبب نوعية الأكياس التي يعبأ بها حيث تتمزق بسرعةٍ، أو يجري تمزيقها بطريقة ما، كما أن وزنه لا يأتي حسب المقرر 50 كغ، ويُحجم المواطن عن أخذها، بينما الأسمنت التركي يأتي وزنه 50 كغ كاملاً، والمبرر أنها صنعت بمعمل الورق بدير الزور، وبهذا يجري ضرب عُصفورين بحجر واحد، ويكون مقدمة لضرب معامل الأسمنت، ويبين أيضاً أن استثمار معمل الورق من القطاع الخاص لم يساهم في تطويره لأن الهدف الأرباح فقط!؟

وكذلك يتلاعب المتعهدون باستجرار الأسمنت المقاوم وبكميات لا تتناسب مع حاجاتهم، ويجري بيعه في السوق السوداء، أو نقله إلى محافظات أخرى وبيعه بأسعار عالية، وما خفي أعظم!؟

وهنا نتساءل أين الجهات الإشرافية وخاصة الخدمات الفنية، والتي منحت التعهدات لهؤلاء الذين يعملون بالاسم ويقومون بمنح الأعمال لمنفذين صغار وبأسعار أقل، وبالتالي سيكون التنفيذ على حساب المواصفات الفنية، وهو ما تسبب بانهيار عدد من الأبنية.

وبعد.. ماذا نقول فيمن يتغاضون عن الفساد من المسؤولين؟ ومن يخسّرون قطاع الدولة وينهبونه؟ والأخطر، فيمن يطففون بالميزان، ميزان العدل والمحاسبة الذي يخرق الأمانة، ويتجاوز على كرامة الوطن والمواطن التي من المفترض أن تكون فوق كل اعتبار!؟

 دير الزور - المكتب الإعلامي