فوضى التقنين والوعود

فوضى التقنين والوعود

تشهد الخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومة، حالة من التردي الملحوظ في الآونة الأخيرة، إذ سادت الفوضى في نظام التقنين المطبق على التيار الكهربائي في مختلف المحافظات، كما عاد تقنين المياه ليطبق في أنحاء دمشق، بينما وصل الأمر إلى زيادة في نسبة عكارة المياه بمناطق محددة لأسباب فسرتها مؤسسة المياه بانخفاض مستوى المياه في البئر مصدر المياه.

 

عطلة منيرة.. «مجرد وعود»!

وفي مفارقة جديدة، خاصة بوزارة الكهرباء، كان الوعد الأخير الذي شاع على نطاق واسع، بسعي الوزارة لتأمين التيار الكهربائي للمواطنين بشكل متواصل ودون انقطاع اعتباراً من الساعة السادسة من مساء كل خميس وحتى يوم السبت، الأمر الذي أثلج قلوب السوريين، بالتمتع بعطلة أسبوعية منيرة!.

مواطنون أكدوا لجريدة (قاسيون) أنه منذ اليوم الأول لإطلاق الوعد الحكومي، لم يتم تطبيقه، حيث قطعت الكهرباء مساء الخميس من الساعة 6 مساءً وحتى الثامنة، كما شهد يوم الجمعة وكذلك السبت انقطاعاً في الكهرباء، لمدد تراوحت بين النصف ساعة والساعة.

خلل في التقنين

كما لوحظ خلال أيام الأسبوع، خللاً في تطبيق نظام التقنين، حيث كان أحياناً أكثر من العادة وأحياناً أخرى أقل، في حين قطعت الكهرباء يوم الخميس في الأسبوع التالي على إطلاق الوعد، لمدة أطول من المعتاد، وحتى في ساعات المساء تم تطبيق التقنين دون أي نقص، بحسب مواطنين.

ولا تتوقف شكاوى الناس من سوء حال الكهرباء على مدينة دمشق، بل كذلك في الريف، مثل جرمانا، وصيدنايا والكسوة، بينما اشتكى سكان في النبك من طول فترة التقنين مقابل فترات وصل التيار التي لا تتعدى الساعتين يومياً.

أما سكان من اللاذقية فاشتكوا من عدم انتظام التقنين في مناطقهم، مقابل انتظامه في مناطق أخرى، في حين لا يتم تطبيق التقنين في مناطق مغايرة.

كيف ولماذا؟

الشكوى من تقنين الكهرباء، شكوى جديدة قديمة، لكن التوقيت هذه المرة قد يكون مثيراً للاستياء أكثر كون الاستهلاك فيه مقارنة بفترات الحر والبرد، أقل حتماً، ولا يمكن استخدام هذه الحجة لتبرير تطبيق نظام تقنين ليس بهين ولا يقل عن 3 ساعات قطع ومثلها وصل، في معظم المناطق، فضلاً عن أنه في فترة عيد الأضحى، غير البعيدة، تم توفير الكهرباء على مدار اليوم تقريباً، وكان التقنين في حدوده الدنيا، ما يدفع للتساؤل عن واقعية عذر نقص الفيول وكيفية توفيره في تلك المناسبة، وانعدام تواجده بعدها أو قبلها، علماً أن مبررات نقص الوقود لم تعد كافية للعديد من المواطنين..

ويخشى مواطنون من أن يستمر حال الكهرباء على وضعه الحالي أو يسوء أكثر، ليصل إلى مرحلة تلجأ فيه الحكومة إلى خصخصة القطاع ورفع التعرفة بحجة تأمين الطاقة.

«حارات وحارات»

حال الماء في دمشق، ليس بأفضل وتحديداً, خلال الفترة القريبة الماضية, مع تقنين طال عدة أحياء في العاصمة، بشكل مفاجئ، ما أربك المواطنين وأدى لانزعاجهم خاصة مع بدء موسم المدارس وازدياد الحاجة للمياه لأغراض الغسيل والحمام في العائلات التي تضم تلاميذاً وطلاباً بين أفرادها..

تقنين المياه لا يتم بطريقة متساوية على الجميع، ففي ذات المنطقة قد يتم تقنين المياه في أحياء دون غيرها، بحسب أهالي في منطقة ركن الدين، بينما يتم تطبيق تقنين المياه على أحياء معينة في دمشق دوناً عن غيرها من الأحياء المعروفة بالأحياء «الراقية».

وتركزت الشكاوى من مناطق الفحامة والبرامكة وأبو رمانة والعدوي وركن الدين بانقطاع للمياه دون سابق إنذار أو تحذير من مؤسسة المياه، التي أكدت على لسان مدير عام مؤسسة المياه بدمشق وريفها، حسام حريدين، ضمن تصريحات إذاعية، أنه «بعد انقطاع المياه عن عدة أحياء بدمشق لعدة أيام، تم يوم الخميس تزويد منطقة العدوي والقصور بالمياه، بينما تم يوم الأربعاء تزويد منطقة الفحامة، في حين ستصل المياه إلى منطقة البرامكة يوم الجمعة».

هطولات ضعيفة

وحول سبب انقطاع المياه، أوضح حريدين أن السبب هو «قلة المياه هذا العام، فالمؤسسة بهذا الموسم لديها 312 ألف متر مكعب من المياه، مقابل 503 ألف متر مكعب في العام الفائت، والهطولات المطرية هذا العام كانت قليلة»، مشيراً إلى أن «مراكز الإنتاج الحالية في نهايتها».

وأشار حريدين، إلى أن «المؤسسة تحاول تلبية حاجة الناس من المياه في المناطق كافة، من خلال قطع المياه يوماً، وإيصالها يوماً آخر، على الأحياء بالتناوب، وبذلك تكون المؤسسة قد لبت حاجة جميع المناطق».

وفيما يخص وجود برنامج للتقنين، قال حريدين: إن «مؤسسة المياه بصدد وضع برنامج تقنين جديد لمناطق وسط المدينة، إذ تم وضع وتطبيق برنامج في أطراف مدينة دمشق مثل دمشق القديمة والدويلعة وبستان الدور حيث نعمل على إيصال المياه  بشكل يومي في ساعات محددة لمدة بين 3 لـ 4 ساعات، وفي حال فشل هذه التجربة سيتم العمل على برنامج تقنين جديد».

وعن حاجة مدينة دمشق يومياً من المياه، أفاد حريدين أن «حاجة دمشق من المياه يومياً مع التقنين السابق هي 560 ألف متر مكعب، أما على مدار الأربع وعشرين ساعة فحاجتها هي 760 ألف متر مكعب».

وكانت بعض المناطق مثل المزة، شهدت حالات تزويدها بمياه شديدة العكارة، مع التأكيد أنها لم تكن بسبب وجود مادة معقمة في المياه، الأمر الذي قال حريدين بشأنه، أنه «تم علاج القضية، حيث كان انخفاض منسوب المياه في أحد الآبار المغذية للمنطقة سبباً في عكارة المياه، وتم إخراج ذاك البئر عن الخدمة بشكل نهائي في الـ8 من الشهر الحالي».

الضابطة غضت بصر

 عن «حرامي» لقاء «رشوة»

ويعاني المواطنون في عدد من أحياء دمشق، من انتشار ظاهرة «الموتور الحرامي» الذي يقوم بعض الناس بتركيبه بغرض استجرار المياه بقوة وإيصالها لخزاناتهم بحجة عدم وصولها إليهم، بسبب ارتفاع مكان وضع الخزان، أو ضعف ضخ المياه لمناطقهم، الأمر الذي يسبب ازعاجاً للجوار لارتفاع وجهورية صوت المضخة «الحرامي»، فضلاً عن سحب المياه من الشبكة ما يحرم الآخرين من وصول المياه لمنازلهم.

وأكد مواطنون لـ (قاسيون) إن دوريات مؤسسة المياه تغاضت عن وجود هذه المضخات بعد اكتشاف وجودها، لقاء «رشوة»، وكل ما تم فعله بعد مرور الدورية أو الضابطة هو وضع المضخة داخل صندوق حديدي مقفل بإحكام.

وعن ظاهرة «الحرامي» قال حريدين، إن «المؤسسة تعمل على مكافحة ظاهرة انتشار مضخات المياه التي تعرف باسم الحرامي، من خلال تشكيل 5 ضابطات جوالة يومياً، حيث تصادر يومياً لا يقل عن 10 مضخات من هذا النوع»، مشيراً إلى «وجود صعوبات تعاني منها هذه الضابطات نتيجة اتباع أصحاب المضخات أساليب لإخفائها تحت الأرض تحسباً من مصادرتها».

وعن التعاون مع الجهات المسؤولة الأخرى بقصد منع توفيرها في الأسواق، قال حريدين «قمنا بمخاطبة وزارة التجارة الخارجية وأرسلنا لهم مواصفات هذه المضخات لمنع استيرادها».

يشار إلى أن تقنين المياه فتح باباً لتجارة استغلت حاجة الناس لأهم مادة لا يمكن الاستغناء عنها، حيث بات أصحاب الصهاريج يتحكمون بأسعار المياه المباعة، لإدراكهم أن الناس لا خيار لديهم سوى الشراء منهم، في ظل قصور الحلول المتبعة عن علاج المشكلة.