نقابة المعلمين... لا حول ولا قوة
إن عدم وجود صلاحيات حقيقية بيد نقابة المعلمين من شأنها أن تقرر أو تطالب بوضع حد للتدهور المستمر في مكانة المعلم الاقتصادية والاجتماعية له الكثير من الانعكاسات السلبية على العملية التربوية والتعليمية برمتها، وبرأينا أن العمل النقابي هو واجب وطني وكفاحي، ولكن آليات العمل النقابي بين صفوف المعلمين تحتاج إلى إعادة نظر جذرية بغية تطويرها من النواحي كافة.
وانطلاقاً من أن العمل النقابي يهدف للدفاع عن حقوق المعلمين، فيجب التأكيد اليوم أن هذه النقابة لا تستطيع أن تمارس ذلك عملياً بتعاملها مع المشكلات التي تحدث في مدارسنا بحق المعلمين.. فمثلاً فرض العقوبات المختلفة والحسومات المادية هي من شأن مدراء المدارس بما يحملون من عقلية مزاجية تسلطية، فتأتي مديريات التربية فتوافق عليها، علماً أن قلة من هؤلاء المدراء يرتقون بالعمل الإداري إلى المستوى الذي يرضي المعلمين.
ومن جانب آخر مساهمة النقابة في إبقاء هؤلاء المعلمين على جهل بالقوانين والنظم أثناء الدفاع عن أنفسهم يثير الشكوك، فمثلاً يعتبر المعلم تقديم أي شكوى بحق مسؤول مشكلة حقيقية، ويؤمن المعلم أن هذا المسؤول سيمسي عدواً نافذاً يسبب له الأذى و«البهدلة» خصوصاً إذا كان ذا أذرع طويلة فيمتنع عن التشكي بالرغم من أهمية هذه الشكاوي في تصحيح مسار العملية التربوية والتعليمية.
إن حواجز الخوف كثيرة لدى هؤلاء المعلمين وهي لن تزول ببساطة وضمن فترة زمنية قصيرة كما هو مطلوب، فالمعلم كغيره من المواطنين يكره مراجعة دوائر الدولة والوقوف في المحاكم خاصة أن كل ذلك يجري في ظل معاناته الفائضة ضمن المدارس وشعوره المستمر بأنه دون ظهر أو حماية. لذلك فإن توضيح المعايير والقوانين من هذه النقابة هو أمر في غاية الأهمية.
وفي الحقيقة فالواقع المدرسي يتسبب للمعلمين باليأس والإحباط، وهو مستمر يومياً تحت ضغط الظروف الاقتصادية والمعيشية وارتفاع الأسعار من جهة، وضغط القوانين الحالية التي هي بنظر أغلب المدرسين تدمر الجيل والعملية التربوية والتعليمية..
دور النقابة ورأي المدرسين بها: إن أغلب المدرسين يعتقد أن الانسحاب من النقابة في ظل ظروف معاناتهم المعيشية والنفسية أفضل من البقاء فيها، وإن دلّ هذا على شيء فهو يدل على وجود مشكلة حقيقية دون علاج وبرأينا يمكن تلخيصها بما يلي:
1 ـ معظم المدرسين لا يستخدمون دفاتر الصحة لعدة أسباب، فهي لا تساعد على تخفيف الأعباء المادية أثناء العمليات الجراحية وصرف الوصفات الطبية وغيرها.
2 ـ تدني بدلات طبيعة عمل المعلمين، فاليوم مع شدة تزايد الأسعار وتدني الرواتب والتعقيدات والمشكلات النفسية والاجتماعية الناجمة عن الكثافة الصفية وعدم وجود قوانين تساعد المدرس في حماية نفسه ضد الفوضى، وسيطرة الطالب على المعلم، جعلت المعلم دون حصانة.
3 ـ مؤتمرات الوحدات النقابية: فتلك المؤتمرات مازالت شكلية حيث يتحدث المسؤول عن الإنجازات التي قدمتها النقابة للمعلمين، وما أدراك ما هي هذه الإنجازات؟ أما الانتخابات فهي تجري في أجواء خالية من المنافسة، والمرشح يفوز بالتزكية غالباً حتى ينصرف المؤتمرون إلى بيوتهم ومنازلهم مبكراً.
4 ـ الجمعيات السكنية الخاصة بالمعلمين: إن ارتفاع الأسعار الجنوني للعقارات يجعل المعلم في حلم مستحيل المنال وهو الحصول على سكن، وبالتالي فمسؤولية النقابة وكل الجهات المعنية في البلاد هي تأمين سكن يليق بمستوى المعلم لينعكس على العملية التربوية والتعليمية إيجاباً.
5 ـ عدم وجود صلاحيات في الوحدات النقابية: فهذه الوحدات لا حول لها ولا قوة والأعضاء محكومون بسيطرة المدراء وتوجيهاتهم رغم تدني كفاءاتهم في أغلب الأحيان، وبالتالي فتطور العمل النقابي في المدارس مرتبط بصلاحيات واسعة ومن أهمها:
1 ـ إعطاء صلاحيات إدارية للوحدات النقابية للمساهمة في تخفيف العقوبات عن المدرسين عند استجواب المدرسين مثلاً.
2 ـ عقد اجتماعات شهرية بين الوحدات النقابية ومدراء التربية وشعبة التوجيه التربوي.
3 ـ توسيع الصلاحيات من فرع النقابة إلى الوحدات النقابية.
ومما لا شك فيه أن توسيع الصلاحيات هي الطريقة الوحيدة لضمان نجاح العمل النقابي ومن دون ذلك ستستمر العملية التربوية والتعليمية بالتدهور.
■ عابدين رشيد