المنظمة الفلاحية... تقليص الدور لمصلحة من؟!
لم يبق عائقاً أمام الإنتاج، ولم يبق سبباً لخسارات شركات القطاع العام إلا العمالة الزائدة التي تشكل عبئاً مالياً على الموازنة، هذا هو رأي الفريق الاقتصادي في الحكومة!!
ولم يستطع هذا الفريق حتى الآن إجراء أي إصلاح اقتصادي يذكر وخصوصاً في القطاع العام إلا بوقف الاستثمارات في هذا القطاع والتشهير بخساراته وإعداده للخصخصة.
طبعاً، اقتصاد السوق أو الاعتماد على آليات السوق بحاجة إلى إجراءات أو إصلاحات نحصد نتائجها الآن وقف التعيين والتخلي عن الالتزام بسياسة تشغيل الخريجين وتخفيض حجم الدعم وتحرير أسعار السلع والخدمات. وقد ترتب ويترتب على ذلك المزيد من التخفيض في مستويات الدخول الحقيقية للمواطنين، وتدهور الأحوال المعيشية للسكان. هذه المقدمات، هي من سمات النظام العالمي الجديد بما يحفل من تكتلات اقتصادية كبرى، ومن حرية في التجارة وإشاعة للعولمة بمناحيها المختلفة الفكرية والسياسية والاقتصادية.
وهذه المقدمات ألقت وسوف تلقي بظلالها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة، وعلى تطور الإنسان والمجتمع. وقد ظهرت أصوات عديدة في السنوات الأخيرة تتحدث عن بناء منظمات نقابية جديدة ترافق المتغيرات، عمالية وفلاحية غيرها.. من أجل مسايرة المستجدات الاقتصادية، ارتفعت هذه الأصوات تارة ثم عادت وخفت مؤقتاً، ولكن مع خفوت الصوت، هناك إجراءات تتخذ لتقليص دور المنظمات القائمة، رغم تواضع هذا الدور على كافة الأصعدة، وكان من البدهي تفعيل دور هذه المنظمات أمام المتغيرات الاقتصادية في سورية، على الأقل للحفاظ على ما هو قائم وما تحقق خلال سنوات طويلة، ولكن هذا لم يحدث، وتمارس وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل دورها في تقليص المكاسب القائمة كافة منذ سنوات، بالإضافة إلى جهات أخرى تمارس الدور نفسه بأساليب متعددة.
سحب البساط:
التنظيم الفلاحي أنشئ عام 1964 ليكون أداة تنظيم هذا الفئة انطلاقاً من مقررات حزب البعث العربي الاشتراكي. حيث أن الفلاحين يشكلون الأكثرية الساحقة من السكان، وقد جاء قانون التنظيم الفلاحي 21 لعام 1964 ليعبر عن هذه الحقيقة. ولكن مؤخراً طرح مشروع قانون ناظم للغرف الزراعية على اللجنة الاقتصادية، ويعني هذا القانون سحب البساط من الاتحاد العام للفلاحين وتقليص دور هذه المنظمة. وقد وجه اتحاد الفلاحين مذكرة إلى الجهات الوصائية احتج واعترض فيها على المشروع المقترح وقال: إن من أخطر الظواهر في المجتمع ازدواجية التعامل القانوني لجهتين مختلفتين، وهو الأمر القائم في جملة من النقاط والمسائل ما بين قانون التنظيم الفلاحي 21 لعام 74 ومشروع قانون تنظيم الغرف الزراعية.
وأشارت المذكرة إلى تماثل الأهداف الواردة في القانون 21 في مادته الخامسة وبين ما ورد في مشروع قانون الغرف الزراعية في المواد 4 ـ 5 ـ 13 بفقراتها ب – ه ـ ن، الأمر الذي سيدخل الفلاحين في دوامة ويبعثر جهودهم على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الخارجي فإن هذه الازدواجية سوف تنعكس سلباً على القطاع الزراعي بأكمله.
وأشارت المذكرة إلى الازدواجية في مسألة التمويل حيث أشار مشروع القانون إلى أن موارد اتحاد الغرف الزراعية ومن ضريبة الإنتاج الزراعي ستكون من حق الاتحاد. وهذا الأمر سوف يثقل كاهل الفلاح ويحرم المنظمة الفلاحية من بعض مواردها.
وأكدت المذكرة بأن من سلبيات مشروع القانون أن التنظيمين يستهدفان الشريحة ذاتها من المواطنين، الأمر الذي سيجيز الازدواجية في العضوية.
وطالبت مذكرة الاتحاد، أن يتم أخذ هذه الملاحظات بعين الاعتبار ابتغاء المحافظة على الوحدة النقابية والتنظيمية للفلاحين، وبما يؤدي إلى النهوض بالمسألة الزراعية وتحقيق الثورة الزراعية المنشودة.
السؤال المطروح:
ماذا يعني كل هذا، ألا يعني ضرب المنظمة الفلاحية في مهدها، خصوصاً إذا علمنا بأن الغرف الزراعية تضم في مجملها عشرات المنتسبين من الملاك الكبار فقط، بالمقارنة مع ما تمثله المنظمة الفلاحية التي تمثل الفلاحين محدودي الدخل.. لماذا لا نقتدي بمثال (تونس) التي أغلقت الغرف الزراعية وحصرت ممارسة النشاط الزراعي بالمنظمة الفلاحية.
أيضاً وأيضاً
ما جرى في المنظمة الفلاحية سوف يطال التنظيم النقابي العمالي لاحقاً، والبدايات جلية وواضحة، وقد بدأت من خلال نشاط وتوجهات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وغيرها..
إذن، بدلاً من تفعيل دور هذه المنظمات يجري تقليصه وكبحه واستبداله..
إنها سياسة واضحة المرامي والأهداف، وهي تصب في اقتصاد السوق والعولمة أولاً وأخيراً.
■ نزار عادلة