شرخ بين المؤسسات العامة.. وأزمات تتصاعد..

هناك أزمة بين معظم المؤسسات.. ثمة أزمة بين الشركة العامة للإطارات والمؤسسة العامة للتجارة الخارجية ووزارة الصناعة، وهناك أزمات متبادلة بين معظم الشركات التابعة لها، وبين الشركات ووزارة المالية، وبين المؤسسات وفروعها، وبين شركات ومعامل القطاع العام من جهة والأجهزة التفتيشية من جهة أخرى، وبين المنظمات الفلاحية ومديريات الزراعة ومؤسسة الأعلاف وإكثار البذار... الخ.

هل هو حراك سياسي اقتصادي؟ أم هي أزمة حقيقة نعيشها ونتفاعل معها كأفراد ومؤسسات؟

الوقائع تجيب

 

خلال سنوات طويلة والقطاع العام الصناعي يعمل خلف أسوار حمائية عالية، ما أدى إلى مراكمة مشكلاته في ظل انعدام المنافسة الخارجية، وحتى الداخلية. وعلى الرغم من أنه تم البدء بالشركات الإقليمية في السنوات الأخيرة من عقد التسعينات في القرن الماضي، إلا أن القائمين على إدارة القطاع العام الصناعي لم يبادروا إلى إصلاحه وتحديثه من أجل تمكينه من امتلاك أدوات وشروط المنافسة الحقيقة داخلياً وخارجياً، وذلك على الرغم من المطالبات الكثيرة لدفع الجهات الوصائية المسؤولة عن هذا القطاع نحو إصلاحه. أضف على ذلك أنه تم استيراد آلات ذات تكنولوجيا متخلفة في أكثر شركات ومعامل القطاع العام، وأنه رغم ذلك لم تجدد هذه الآلات أو ترمم، الأمر الذي أدى إلى تردي كمية ونوعية المنتجات، وبالتالي تردي نوعية السلع بسبب تخلف الآلات من جهة، وتخلف الرقابة الإنتاجية من جهة أخرى، كما أدى الفصل بين شركات الإنتاج وبين تأمين مستلزماتها، والفصل بين هذه الشركات وبين الأسواق إلى عدم ملائمة الإنتاج لحاجات الأسواق من حيث المواصفات والتكاليف، وهو الأمر الذي أنتج على مدى سنوات مشكلتي؛ المخازين، وضعف القدرة على المنافسة إلى جانب الروتين والبيروقراطية المتجليين في ضرورة الحصول على سلسلة من أجل الحصول على الموافقات قبل توريد المواد الأولية، ومن أجل قضايا إجرائية هي في الأصل من صلاحيات المديرين.

عملت الجهات الاقتصادية خلال سنوات في بحث ومناقشة قضايا التغيير والتوجه نحو اقتصاد السوق وتركت القطاع العام الصناعي لقدره وظروفه. ولم يأت هذا الأمر عفوياً، بل جاء نتيجة قناعة بأن الاستثمار في القطاع العام غير مجد، وتكرس ذلك في موازنات الدولة خلال السنوات الماضية، بل تمادى البعض واعتبروا أن القطاع العام لم يعد صالحاً، وبات غير قادر على التوافق مع المرحلة الجديدة. وانطلاقاً من ذلك، تُركت شركات القطاع العام لتتخبط في أزماتها الفنية والإنتاجية والتسويقية والعمالية.. تركت الشركات لتتآكل وتتعرض إلى خسارات متتالية وإلى حصار خانق عبر جملة تشريعات قانونية ناهيك عن وجود إدارات تمارس فجوراً ضد هذا القطاع، وهي غير معنية بالقضايا الإنتاجية أو العمالية أو غيرها، ما أحدث شرخاً بين المؤسسات والشركات والأجهزة والوزارات، أو شرخاً في اتخاذ القرار!! ما أوجد بدوره هوةً بين شركة وأخرى في الصناعة نفسها، وهوة مع الأجهزة التفتيشية ومع الوزارة ومع المؤسسة.

 

مفارقات

 

تعويض الاختصاص لخريجي المعاهد المتوسطة؛ صرف في شركة غزل حماة لمدة عام، وجاء قرار التفتيش بإيقاف الصرف واسترجاع ما صرف، أما في باقي المحافظات فيصرف هذا التعويض للعمال ولم تعارض الأجهزة التفتيشية.

المرسوم /10/؛ صرف لـ 70 % من عمال الشركات عن طريق الدعاوى القضائية، ولم يصرف للبقية.

عطلة السبت؛ حرمت منها شرائح عمالية عديدة في شركات متوقفة أو شبه متوقفة عن الإنتاج.

حوافز وتعويضات ومكافآت، شركة تدفع لعمالها وأخرى لا تدفع لأنها إذا دفعت تخالف الأنظمة والقوانين.

شركات الغزل والنسيج تستجر أجهزة تكييف والأسعار متفاوتة 100 % بين هذه الشركة وتلك.

عدم وجود أنظمة تكاليف معيارية وأنظمة جودة ودوائر جودة، وإذا وجدت فهي لا تعمل.

تصريحات تؤكد أن أجور العمال السبب الأساسي لارتفاع التكلفة، وهذا تغطية على الهدر والفساد من الإدارات.

هذا الواقع وغيره أدى بشكل عام إلى تراخ في عمل الشركات والمؤسسات والوزارات وأجهزة الدولة بشكل عام، وأدى إلى استشراء الفساد وضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية، في ظل انعدام المساءلة، والغياب التام لأشكال الرقابة كافة.