مياه الفيجة مجرد حلم
اعتاد الناس في شامنا - منذ الأزل ربما- أن يفتحوا صنبور المياه ليطفؤوا ظمأهم بمائه الرقراق معتمدين أكفهم بدل الكؤوس في شربه.
واعتادوا أيضاً تسمية هذه الماء بـ (مياه الفيجة)، وليس بخفي على كل الناس أن أهل الشام كانوا يتغنون بكون (مياه الشام) أطيب ماء في العالم.
إلا أن عادة (إشرب بيدك) أو (افتح الحنفية واشرب) أصبحت في هذه الأيام تمثل شبحاً ينذر بالمرض، فإذا ما فتح أحدهم صنبوراً عند الصباح، فإنه غالباً ما يفاجأ بماءٍ له لون الطمي أو الحليب في أحسن الأحوال!!.
هذا هو الحال في معظم أحياء مدينة دمشق إذا لم نقل كلها، ولماذا؟ لأن ما نشربه يا سادة يا كرام هو حصيلة جمع مياه الينابيع، التي شحت بعد اضمحلال الغطاء النباتي الذي أدى إلى ندرة الأمطار، مع مياه الآبار الإرتوازية التي في طريقها لأن تجف نتيجة بناء المتنرهات السياحية على ضفاف الأنهار وفوق خزانات الينابيع الذي أدى بدوره إلى استنزاف هذه المياه كيفما أتى...
ولنفترض جدلاً أن هذا ما نشربه، فهل من الضروري أن نصاب جميعنا كمواطنين بالقصور الكلوي قبل أن تفلتر مياه الشرب من الرمل والكلس اللذين يعطيانها لونها؟؟، وهل من الضروري أن نشم رائحة الكلور فيها وكأننا في المسبح؟، أو ليست الأملاح المعدنية أفضل؟، قد يجيب مجيب: إشرب من السوق..
لكن هل أتى ذلك الوقت الذي سيفكر فيه المواطن الموظف، الذي يعاني من كثرة ديونه، في إضافة بند جديد إلى قائمة مشترياته الشهرية الطويلة، بهدف الحفاظ على صحته وصحة عائلته، هل جاء وقت شراء عبوات الماء المبستر؟!! وهل جاء يوم اعتماده على صهاريج تدور محملة بماء لا يعلم مصدره إلا الله في زمن السدود والترشيد والاستمطار؟.
ألا نستحق أن نشرب دون قلق، ونحن ندفع الكثير ثمن الماء؟
ألم يقل تعالى: «وجعلنا من الماء كل شيء حي»؟؟.
بات الجميع يعلم أننا نتصحر، والمخزي أن الجميع يعلم أيضاً، أننا لا نفعل شيئاً حتى لا نقع نهائياً ضحية التصحر، سوى قطع الماء وزراعة بعض الشجيرات في جبل من الحجارة،والجميع يعلم أننا من دروس غيرنا لا نتعلم....
أقول قولي هذا، داعياً أصحاب العلاقة إلى اتقاء الله فيما يسقونه للمواطنين...
■ وسيم الدهان