هاتف تجاري.. أم وسيلة سريعة للإثراء؟

إذا كان يروج أحياناً، أن الفساد لم يكن يوماً ما حكراً على المتنفذين في أجهزة الدولة، إلا أنه في المقابل، لا توجد عملية فساد، إلا وتتم بتنسيق، ودعم، ورعاية، أو غض نظر، مباشر من المعنيين والمتنفذين في جهاز الدولة، وقد تختلف السبل والوسائل لتحقيق ذلك، هنا أو هناك..!

وإذا كانت حصالات الهاتف- على سبيل المثال، وهو غيض من فيض- مستثمرة من أصحاب محالٍ تجارية، فهي بالتالي تخضع لرقابة رسمية، تفرض بدورها أسعاراً محددة على زمن المكالمة الهاتفية، وينبغي الالتزام بها، كما وتجعلهم هذه الجهات يتقيدون باعتماد حصالات مبرمجة، وفق تسعيرات معينة في هذا المجال، هذا بالنسبة إلى هذه الهواتف التجارية..!

 أجل، إلا أن المشهد بشكل عام، وعلى أرض الواقع كما يقال، مختلف، فلا توجد رقابة رسمية فاعلة هنا، وأصحاب المحال المذكورة يتحكمون بالأسعار، ومنهم من يعمل دون تركيب أية حصالة، ومنهم من هو مستفيد من إضافة الحصالة للهاتف، وفق تسعيراته الخيالية.

إن الهاتف مثلما هو خدمة إنسانية، كذلك هو ضمن ملكيات القطاع الحكومي، وبالتالي فالحكومة هي المسؤولة المباشرة عن تسعير الخدمات. لكن ما نلحظه هو أن الحكومة لم تحرك ساكناً، وستكون آخر من يعلم بهذه الأمور.

حقيقة الأمر، إن التسعيرات المختلفة للمكالمات والمتمثلة بالأرباح الفاحشة تدعو لفضحها، فمن المعروف أن المواطن ما إن يجري من أي محل خاص مكالمة داخلية ضمن المحافظة، قد لا تتجاوز مدتها الدقيقة الواحدة، تكلفه دفع مبلغ (5) ليرات، وكذلك ما أن يجري مكالمة لأية محافظة داخل سورية، حتى يتكلف (10) ليرات سورية، عن ثلاث دقائق، لا بل هنالك كثيرون ممن يسعرون دقيقة المكالمة لأية محافظة بـخمس ليرات.

والسؤال هنا: هل ما يجري هو استمرار للاستهانة بالليرة السورية، أم هو إبداع جديد للربح الفاحش في هذا الميدان؟

وإذا كانت تسعيرة المكالمات الداخلية للحصالات الخاصة في المحال التجارية ليرة سورية واحدة عن كل ثلاث دقائق، حسب تسعيرة وزارة الاتصالات، فلماذا يحصل هذا التجاوز المرعب للتسعيرة؟ وهذا ما يفوق تجارياً كل النسب المئوية للأرباح المشروعة، حيث تصل هذه الأرباح إلى 1500%، ففي أي قرن يظننا هؤلاء نعيش؟ وأي استخفاف بالمواطن يمارسونه؟؟

ثم إذا كانت تسعيرة المكالمات القطرية، بحسب تسعيرة وزارة الاتصالات أيضاً 1.5 ليرة سورية، فلماذا تكون التسعيرة عن كل ثلاث دقائق عشر ليرات سورية؟ لا بل هنالك محلات تأخذ عن كل دقيقة 5 ليرات سورية، وهنالك من يأخذ حتى مبلغ عشر ليرات، وهو ما جرى معي شخصياً، بينما كنت أجري مكالمة من دمشق مع محافظة الحسكة.

إن هذا يعني أن حجم العائد لصاحب المحل عن كل 3 دقائق، هو 10 ليرات تقريباً، أي 140%، أما من رفع تسعيرته إلى 5 ليرات عن كل دقيقة، ستكون عائداته عندها 340%، أما إذا صادف (كما حدثت معي) ورفع أحدهم تسعيرته إلى 10 ليرات فستصبح عائداته عندئذ 900% تقريباً.

فمن يتحمل المسؤولية عن مثل هذه التصرفات، ما دام المواطن العادي غير قادر على ردع ومواجهة هذه الظاهرة؟

ما بإمكاننا فعله هنا، هو رفع صوتنا، في محاولة لتدخل أصحاب الشأن، لإنصاف مواطننا وإيقاف هذه المهزلة التي طالما يقوم بها أصحاب النفوس الرخيصة في سبيل تحقيق أرباح خيالية، في غياب الرقابة الفاعلة للدفاع عن لقمة المواطن..!

إنه مجرد مثال صغير، ولكن، وكما يقول المثل الشعبي: «من لا يبحث عن ديكه لن يبحث عن جمله»..!

■ فائق اليوسف

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الأحد, 20 تشرين2/نوفمبر 2016 22:14