يحدث في وزارة النفط والثروة المعدنية.. الوزير يتجاهل تقارير الرقابة ويصر على إبقاء الفاسدين في مناصبهم
تحولت مجموعة الشكاوى المدعّمة بالوثائق والثبوتيات التي تقدم بها العامل (الفدائي) محمد الكوري، والفضائح التي كشف عنها تباعاً بجرأة محارب، تلك التي حدثت وما تزال تحدث في مديرية حقول الرميلان، إلى قضية رأي عام، خصوصاً بعد أن أخذت صحيفة «قاسيون» على عاتقها مهمة نشرها، والاستمرار في متابعتها والبحث في تفاصيلها ومستجداتها، وبعد أن بقيت الجهات ذات الصلة في وزارة النفط على إصرارها في التعامي عن الحقائق المبينة، والتلكؤ في اتخاذ ما يلزم من قرارات لمحاسبة الفاسدين وإنصاف الشرفاء..
وكون الأمور بقيت على حالها رغم كل ما جرى توضيحه وإثباته، ولم تقم وزارة النفط، ممثلة بالوزير، إثر ذلك بأية مبادرة لإحقاق الحق، فقد آثرنا فتح الملف مجدداً..
بداية لابد من العودة إلى بعض التفاصيل التي كنا نشرناها في أعداد سابقة حول هذه القضية، لنذكر قراءنا بملخصها، ونبين هنا بأن محمد كوري العامل في الشركة السورية للنفط، مدفوعاً بحرص كبير على الأموال العامة والقطاع العام، قام بفضح مجموعة من الحقائق مرفقة بالوثائق وتقديمها للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، خصوصاً حول الطبابة في الشركة، والمخالفات الإدارية، والسرقات عبر لجان الشراء، تظهر مدى الفساد المتغلغل فيها، متأملاً أن يتم وضع حد للفاسدين، وعزلهم من مناصبهم التي يستغلونها أسوأ استغلال، وكف أيديهم عن العبث بالمصلحة الوطنية، فما كانت النتيجة حينها إلا أن تم نقل العامل محمد علي الكوري من الشركة السورية للنفط إلى الشركة السورية لنقل النفط، ومن ثم تم تشريد عائلته بعد قطع الماء والكهرباء عن بيته، وذلك لإجباره على الكف عن محاربة الفاسدين، والتوقف عن عناده في مقارعة النهابين و(الحرامية).!!
بعض السرقات والمخالفات التي فضحها العامل محمد الكوري:
- استيراد حفارات روسية مخالفة للمواصفات المطلوبة، بهدف معلن هو تحسين مردودية حفر المتر الطولي، فكانت نتائج عكسية، إذ ارتفعت أسعار الكلفة وازدادت الأعطال في الحفارات وتوابعها الكهربائية والميكانيكية، وأكدت كل ذلك التقارير الفنية..
- شراء أجهزة طبية، القسم الأكبر منها معطل، وبعضها مخالف للمواصفات بصورة فاقعة، وأخرى لا حاجة لها.
- شراء مواد طبية منتهية الصلاحية.
- سوء تنفيذ الأبنية بالمنطقة الصناعية والسكنية التي تشققت بعد فترة وجيزة من بنائها.
- الفساد الإداري المتمثل بأمور كثيرة منها دوام بعض العاملين والعاملات في منازلهم تحت تسميات مختلفة، وقيام آخرين مكلفين بمهام إدارية أو نقابية باحتجاز مواقع شاغرة في مديرية الحقول، مستغلين صفتهم القيادية.
النقابات.. العين بصيرة...
بطبيعة الحال، قام الاتحاد المهني للنفط والكيماويات بالتدخل لصالح العامل، وحاول تقديم العون قدر استطاعته البسيطة(؟)، فوجه أكثر من كتاب رسمي إلى وزير النفط أكد فيها: «إن الاتحاد العام يرى أن عملية نقل العامل المذكور ناتجة عن التقرير التفتيشي الذي تقدم به العامل المذكور إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، حيث أكدت الهيئة صحة كل ما ذكر في التقرير التفتيشي رقم 04/56/534 من مخالفات قانونية وتزوير في عمليات الشراء وتورط عدد من المسؤولين في إدارة حقول الرميلان، الأمر الذي أدى إلى قرار التخلص من العامل المذكور». وطالب الاتحاد بالتوجيه للمدير العام للشركة السورية لنقل النفط بإلغاء القرار المذكور وإعادة العامل إلى عمله، وهذا جل ما فعله، فيما ظل العامل محارَباً ومشرَّداً!!
تضامن عام... ولكن؟
صدر عن قيادة فرع الحزب بالحسكة بتاريخ 10/7/2002 القرار رقم 144/ص والمتضمن اطلاع قيادة الفرع على نتائج لجنة التحقيق المشكلة من قيادة الفرع ورئيس اتحاد عمال المحافظة بناء على كتب الرفيق الأمين القطري المساعد رقم 21491/ص تاريخ 10/12/2001 والكتاب رقم 4167/ص تاريخ 12/3/2002 والكتاب رقم 6183/ص تاريخ 15/4/2002 الصادرة عن الرفيق رئيس مكتب العمال القطري، توعز الكتب الآنفة الذكر للفرع لتشكيل لجنة التحقيق مع مكتب نقابة عمال النفط بالرميلان حول الشكاوى المذكورة أعلاه.
وقد تضمن قرار قيادة فرع الحسكة للحزب رقم 144/ص حينها البنود التالية:
ـ إعفاء أعضاء مكتب نقابة عمال النفط بالرميلان من مهامهم باستثناء الرفيق دواس العسكر كونه كلف مؤخراً أو الاكتفاء بعدم ترشيحهم للدورة المقبلة لانتهاء الدورة الحالية.
ـ عدم قبول ترشيح كل من محمد ديب وعبد حسين الجنيدي للدورة الانتخابية القادمة بسبب ممارساتهم الخاطئة...الخ.
ـ إحالة رئيس وأعضاء مكتب النقابة وكذلك محمد ديب وعبد حسين جنيدي رئيس لجان نقابية للجنة الرقابة والتفتيش الحزبية.
ـ إحالة الاتهامات الموجهة للمهندس ياسر محمد نائب رئيس الدائرة المدنية للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش فيما يتعلق بالأمور الفنية والمالية بالمشاريع المكلف بالإشراف عليها...الخ.
وكما بات معلوماً، فإن القرار لم يؤخذ به في حينه لأسباب لا أحد يعلم طبيعتها!
كما صدر عن مكتب العمال والفلاحين القطري الكتاب رقم 11661/ص يتضمن حل مكتب نقابة عمال النفط في رميلان، وإعفاء كل من رئيس اللجنة النقابية في مديرية تصنيع الغاز بالرميلان ورئيس اللجنة النقابية لعمال الدوائر الفنية بالرميلان.
ثم، واستناداً للكتاب المذكور، صدر كتاب الاتحاد العام للعمال برقم 982ص تاريخ 30/11/2005 يتضمن تنفيذ مضمون كتاب مكتب العمال والفلاحين القطري، لكن المفاجأة كانت بصدور كتاب مكتب العمال والفلاحين القطري برقم12041/ص تاريخ 4/12/2005 والموجهة إلى الاتحاد العام لنقابات العمال والذي يطلب فيه التريث بتنفيذ الكتب آنفة الذكر لحين انتهاء التحقيق حول الموضوع، وظهرت النتائج لكن التنفيذ لم يتم حتى الآن دون مبررات مقنعة!!!
التفتيش يؤكد
في رأي الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، المرسل في 19/3/2007 رداً على حاشية رئيس مجموعة النفط والثروة المعدنية ذات الرقم 255/ تاريخ 11/2/2007 حول تظلم كل من الطبيب غياث متوج، والعامل محمد الكوري إلى قرار نقلهما من مديرية حقول الرميلان على الشركة السورية للنفط جاء مايلي:
... من خلال العودة لنتائج وطلبات ومقترحات تقريرنا سابق الذكر يتبين أن السيد «محمد الكوري «غير معني بها وليس له أية علاقة بالمخالفات المرتكبة باعتبارها متعلقة بالعاملين في شعبة الطبابة في حقوق رميلان واقتصر دوره على الكشف عن هذه المخالفات وإبلاغ رئاسة الهيئة بها وبالتالي لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقه ولا بحق الدكتور «غياث متوج».
ـ ومن خلال دراسة تظلمه كان لا بد من العودة للمادة /31/ فقرة /ج/ من قانون العاملين الأساسي التي نصت على أنه لا يجوز نقل العامل خارج جهته العامة إلى جهة أخرى إلا بعد أخذ موافقة لجنة مؤلفة من رئيس فرع الجهة المختصة التي يتبع لها العامل وأمين منظمة حزب البعث العربي الاشتراكي ورئيس اللجنة النقابية.
ـ وبالتالي فإن المشرع عندما اختار هؤلاء الأشخاص افترض فيهم الحيادية وانتفاء المصلحة والأغراض الشخصية في نقل أي عامل من العاملين كما أوجب أخذ موافقتها على النقل حرصاً منه على عدم وقوع العامل تحت رحمة رؤسائه المباشرين وظلمهم له ولم يجعلهم سيفاً مسلطاً على رقاب العاملين لكن هذه الافتراضات منتفية تماماً عن اللجنة المشكلة في حقول الحسكة، فرئيس اللجنة هو السيد نصر الله الياس مدير الحقول، وهو أحد مرتكبي المخالفات المذكورة سابقاً، وقد تم تغريمه بالتكافل والتضامن مع الدكتور محمد الخطيب بمبلغ /245/ ألف ليرة سورية، وفرضت بحقه عقوبة الحسم من الأجر بنسبة 3% لمدة ثلاثة أشهر، واقتُرح إبعاده عن إدارة الحقول للأسباب التي ذكرناها سابقاً، وأما العضو الآخر فهو السيد «يونس خضر» الذي ذكر اسمه في الشكوى لقيامه بتعيين شقيق زوجته «رضوان العباس» معاوناًَ لأمين مخزن الكيمياويات خلافاً للأنظمة والقوانين النافذة، والذي طلبنا في تقريرنا إعادة النظر في قرار تعيينه معاوناً لأمين مخزن باعتباره عامل محروقات، ولا تتوافر فيه شروط شغل هذا العمل هذا من جهة.
من جهة أخرى نصت المادة السابقة على أن تكون موافقة اللجنة شرطاً لنقل العامل، ولم يعتبرها المشرع صاحبة القرار في النقل كما حدث مع اللجنة المذكورة.
كما تجب الإشارة إلى أنه طالما أن السيدين المذكورين (الكوري ومتوج) من العناصر المسيئة إلى هذا الحد الذي ادعته اللجنة في محضرها، فما هو مبرر الإدارة في السكوت عنهما كل هذه الفترة؟ ولماذا لم يحالا إلى الجهات الرقابية والتحقيقية لمحاسبتهما على ممارساتهما وتلفيقاتهما، ولم يتم اتخاذ إجراءات النقل بحقهما حتى تاريخ 17/6/2006، أي بعد شهرين فقط من صدور نتائج التحقيق في موضوع المخالفات المرتكبة في شعبة الطبابة؟؟
إن مجمل الوقائع التي ذكرناها سابقاً تدل على عدم مشروعية اللجنة التي قررت نقل العاملين المذكورين، لأن دوافعها في ذلك هي إشباع رغبات أعضائها الشخصية المتمثلة بالإساءة والانتقام لمن قام بكشف المخالفات المرتبكة من قبلهم، وليكون إجراؤها رادعاً لكل إنسان شريف تسول له نفسه إبلاغ الجهات الوصائية والرقابية عن المخالفات والأعمال غير المشروعة المرتكبة من قبل المتنفذين في حقول رميلان سواء الإدارة أم النقابيين أم غيرهم.
مما سبق يتضح لنا أن قرار نقل العاملين المذكورين هو قرار تعسفي لعدم شرعية اللجنة الحكمية المشكلة لهذا الغرض، ولعدم وجود أسباب وجيهة ومبررة لهذا النقل سوى النوازع الشخصية والرغبة في الانتقام والإساءة لذلك.
فإننا نقترح على السيد وزير النفط والثروة المعدنية باعتباره المسؤول الأول عن تطبيق القوانين والأنظمة النافذة واتخاذ القرارات السليمة بما يتوافق معها، وليس كما تقتضيه المصالح الشخصية والذاتية لبعض الأشخاص الذين ثبتت إساءتهم للمال العام والمصلحة العامة بالوثائق والقرائن والأدلة، دعوة الشركة السورية لنقل النفط إلى طي قرارها رقم 1176/2006 وإعادة العامل «محمد الكوري» إلى عمله الأساسي في حقول رميلان لعدم عدالة القرار المذكور وقانونيته.
هذا التقرير موقع من المفتش أحمد ابراهيم..
كتاب جديد من التفتيش لوزير النفط
ثم، ومع التلكؤ المستمر، وغير المبرر في إعادة (الكوري) إلى عمله، رفعت الهيئة العامة للرقابة والتفتيش بتاريخ 21/5/2007 كتاباً آخر إلى وزير النفط والثروة المعدنية، تطلب فيه مجدداً إعادة العامل محمد الكوري إلى عمله السابق، وأشارت فيه إلى ما يلي:
ـ الكتاب الصادر عن الهيئة رقم 4/560/4 م أ تاريخ 19/4/2006 الذي اعتمدت بموجبه التقرير رقم 2/أإ تاريخ 26/11/2006 المعد بنتائج تحقيق شكوى السيد محمد الكوري بخصوص المخالفات المالية والإدارية المرتكبة في حقول الحسكة والذي كان من مقترحاته:
ـ إبعاد الجيولوجي «نصر الله الياس» عن إدارة حقوق الحسكة لثبوت تستره على المخالفات المرتكبة ومساهمته في ارتكاب بعضها.
ـ فرض عقوبة الحسم من الأجر بنسبة 3% من الأجر الشهري بحق المومأ إليه وللأسباب الواردة بالتقرير.
ـ إعادة النظر بالقرار القاضي بتكليف عامل التعبئة «رضوان عباس» كمعاون أمين مخزن لمخالفته للقوانين والأنظمة النافذة بهذا الشأن.
ـ التظلم المقدم إلينا من قبل الطبيب «غياث متوج» والسيد محمد علي كوري العاملين في مديرية حقوق الرميلان، والمتضمن أنه بنتيجة التحقيقات المعتمدة بكتابنا المشار إليه أعلاه فقد تم نقلهما تعسفياً خارج مديرية حقول الحسكة كرد انتقامي من قبل الإدارة العامة وكونهما كانا السبب في الإجراءات المتخذة بحق مدير حقول الحسكة الجيولوجي «نصر الله الياس» والسيد «رضوان عباس» ورفاقهما وذلك من خلال الشكوى التي تقدم بها السيد «محمود الكوري» بحق الموما إليهما ورفاقهم.
نرسل إليكم في درجه نسخة من:
ـ المذكرة رقم 1/أ إ تاريخ 19/3/2007 المعدة من المفتش معد التقرير.
ـ المطالعة رقم 255/ص تاريخ 25/3/2007 المعدة من السيد رئيس مجموعة النفط والثروة المعدنية.
ـ المطالعة رقم 1625/ص تاريخ 5/4/2007 المعدة من السيد رئيس مجموعة الشؤون الصحية والمنتهية جميعاً من حيث النتيجة إلى اقتراح طي قرار السيد المدير العام للشركة السورية للنفط رقم 1176/2006 تاريخ 1/8/2006 بنقل العامل «محمد الكوري» وإعادته إلى عمله السابق في حقوق الرميلان.
وللأسباب الواردة في متن المطالعات المذكورة.
نعرب عن تأييدنا ذلك، والمرجو الاطلاع والإيعاز بإجراء المقتضى أصولاً.
هذا الكتاب موقع من السيد أحمد يونس رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش
الواقع المؤلم.. إلى متى؟
من المؤسف والمخزي بآن معاً، أنه بعد كل ما جرى فضحه، وبعد جميع التقارير الرقابية التي انحازت للحق وانتصرت له، لم يتغير فعلياً شيء على أرض الواقع، فالطبيب محمد الخطيب الذي استورد المعدات والأجهزة الطبية والأدوية المخالفة للمواصفات والشروط، خرج بكفالة دون أن يطاله سوء أو أي حكم قضائي عادل، وهو الآن يمارس عمله في شعبة الطبابة، وكأن شيئاً لم يكن، كذلك الحال بالنسبة للجيولوجي نصر الله الياس الذي ما يزال حتى هذه اللحظة مديراً (كفؤاً) على رأس عمله، وهذا أيضاً هو حال يونس خضر الذي ما يزال يمارس مهامه القيادية ويغدق على أولاده العطاء، وطبعاً الأمر ينسحب على المتعهدين المحرومين من العمل والتعاقد مع وزارة النفط بقرارات وزارية ورقابية، في الحقيقة إنهم ما يزالون يصولون ويجولون ويتعاقدون مع الوزارة، ويبيعون ويشترون ويربحون المناقصات والمزايدات.
يقول الكوري: لقد وصل الفساد وممارسته إلى مرحلة متقدمة من التفشي المزمن، حيث يتم إعطاء جميع الميزات لغير مستحقيها في الدوائر وبقرارات صادرة عن مسؤول الموقع نفسه، كما أن هناك محاربة لمن يشير إلى الأخطاء ومواقع الخلل، إضافة إلى منح الامتيازات حسب درجة القرب والتستر على المسؤول، وليس على درجة الكفاءة والإخلاص للوطن، وحرمان المخلصين من حقوقهم وعدم الاستماع إلى آرائهم للأخذ بها بكل ما يخدم العمل والعمال.
■ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.