أمام هذا الخلل الإصلاح السياسي أولاً
بعد سنوات من الحديث عن الإصلاح الإداري، وعرض نظريات وأدبيات عديدة في هذا المجال، وإنشاء معهد إداري، وإقامة دورات تأهيلية من أجل تحسين أداء العمل وتعميق حس المسؤولية.
بقي سؤال واحد لم يطرحه أحد، وهو المشكلة الأساسية:
من يتخذ القرار في تعيين المدير؟
بشكل عام نقول: لا توجد أسس علمية وموضوعية لتعيين المديرين في الشركات والمؤسسات والدوائر، والترشيح يتم من جهات عديدة، وأحياناً من جهة واحدة، ويفرض هذا الإداري لسنوات طويلة دون مساءلة ودون محاسبة، ويقف الوزير شاهداً ومتفرجاً على الخلل دون أن يستطيع اتخاذ القرار.
الحزب كما قال السيد الرئيس هو القائد والموجه، ولكن هذا لا يعني أن تفرض فروع وشعبه وفرقه مدراء فقط لأنهم أعضاء في الحزب ونتيجة مزاجيات و علاقات خاصة دون الاهتمام بالأهلية والإمكانيات والخبرة، ودون رأي حتى للوزير المختص، وهنا يقف الوزير عاجزاً عن محاسبة هذا المدير عن أي خلل أو خطأ، وانطلاقاً من ذلك فقد ارتكبت أخطاء ومازالت وكان من نتائج ذلك واقع القطاع العام والمأساة التي يعيشها والخلل الاجتماعي في المجتمع.
أحياناً يكلف الوزير مديراً في شركة أو في دائرة ومؤسسة ويعمل هذا المكلف بكل جدية ويقدم نتائج إيجابية، ولكن بعد أشهر يتم ترشيح آخر من قبل الحزب وبتوقيع رئيس الوزراء ويعزل المكلف والإثنان أعضاء في الحزب، وعندما نتحدث عن فساد هذا المدير وعن خلل في هذه الشركة أو تلك يقف المدير قائلاً: لقد عينت بترشيح من الفرع والمحافظ وبقرار من رئيس الوزراء.
طرحت في السنوات الماضية تجارب خجولة كان هدفها ا لالتفاف على صلب المشكلة وعدم الجرأة في طرحها علناً ومنها: الإدارة بالأهداف وفصل الإدارة عن الملكية.
وهنا نسأل: ماذا يعني فصل الإدارة عن الملكية؟
يعني بشكل واضح اعترافنا بأن الخلل يكمن في القرار المتخذ في تعيين الإدارة قرار خاطئ وعلينا أن نستقدم إدارات للقطاع العام من خارج القطاع العام، ومن خارج الحكومة ولم يتم إقرار هذا المبدأ.
وطرحت جهات أخرى استقدام إدارات من خارج سوريا، وهذا ظلم كبير وتجن كبير على كوادر إدارية سورية هي في الظل ومؤهلة ومدربة ونظيفة وتملك من المؤهلات لكي تكون ناجحة.
وطرح رأي آخر، وهو الأنجح والواقعي، وهو إجراء مسابقات لتعيين مدراء وسفراء ودبلوماسيين ومن ينجح بجدارة يعين في موقعه لأن الوطن للجميع ولكن لم ينفذ.
ونقول بشكل واضح، لا أحد غيور على الوطن أكثر من الآخر، والفساد إذا انتشر في المجتمع وفي المفاصل الاقتصادية يشمل الأكثرية الحزبي وغير الحزبي.
مدراء كانوا في مؤسسات و شركات القطاع العام لسنوات طويلة، وبعد تقاعدهم أو إبعاد بعضهم تحولوا إلى مدراء وخبراء في معامل القطاع الخاص وفي مكاتب السمسرة والاستيراد والتصدير.
وزراء كانوا لسنوات وبعد انتهاء عملهم تحولوا إلى مستشارين في بيوت وشركات خبرة أجنبية، أمناء فروع حزبية وأعضاء فروع وإعفاء فروع وعندما انتهى تكليفهم هم الآن يتحدثون عن الخلل والفساد وعن الفتقات غير المشروعة وتحولوا إلى معارضة.
أعضاء في مجلس الشعب وبعد انتهاء دورة المجلس تحولوا إلى طابور خامس يتحدثون عن القمع في مجلس الشعب ومن التزوير في الانتخابات وعن المال السياسي وعن دورهم العظيم رغم أنهم لم يتحدثوا حرفاً خلال وجودهم في المجلس.
أعضاء في بعض أحزاب الجبهة كانوا، وكانوا ينتظرون دورهم في وزارة أو إدارة أو مجلس شعب وبعد أن تسلموا مسؤوليات وانتهت مسؤوليتهم انسحبوا من أحزابهم وباتوا يشرهون بالأمين العام لحزبهم وعن امتيازاته وتركوا أحزابهم.
والقائمة تطول وتطول وجميعها **** أمامنا نعيشها وباتت هذه القضايا الجزء الأساسي في حياتنا بشكل عام.
وهنا تطرح القضية الأساسية، والتي هي المقدمة الأساسية لكل إصلاح: الإصلاح السياسي أولاً!!!