كيف يحدد القانون رقم 17 الحد الأدنى من الأجر؟
يكرر المشرع في القانون رقم 17 مصطلح الحد الأدنى من الأجر في عدة مواضع منه، ولكنه في الوقت نفسه لم يضع آلية حقيقية ومتوازنة تلبي مصالح العمال والمنتجين معاً لتحديد مستوى هذا الحد.
حيث نص في المادة 72 على بعض الأسس ولكنها ليست أساسية وجوهرية في تحديد الحد الأدنى من الأجر لمختلف المهن الخاضعة لأحكامه، وغيب أهم العوامل التي تتخذ عادة لتحديد الحد الأدنى من الأجر، وهو المستوى العام للأسعار، ومن ثم يفترض به الأخذ بباقي البنود التي نصت عليها المادة 72 التي حددت الأسس بما يلي:
(أنه .......عند تحديد الأدنى من الأجور يراعى 1 – الحد الأدنى العام من الأجور, 2 – المؤهلات والخبرات اللازمة للقيام بالعمل, 3 – أهمية العمل ودوره في تطوير الإنتاج, 4 – ظروف العمل ومكانه, 5 – المستوى العام للأجور في المحافظة).
الحد الأدنى والدستور
على هذه الأسس فقط حدد المشرع كيفية احتساب الحد من الأجر، دون يأخذ بالحسبان مستوى المعيشة والمستوى العام للأسعار وهبوط النقد وسعر صرف العملة الوطنية والقوى الشرائية، مع أن الدستور الحالي نص في المادة 40 منه على أنه: (..على أن لكل عامل أجر عادل حسب نوعيتة ومردوده، على أن لا يقل عن الحد الأدنى من الأجور الذي يضمن متطلبات المعيشة وتغيرها) أي أن المشرع في الدستور اشترط أن يضمن الأجر أولا متطلبات المعيشة .
تعويض الغلاء
ليس بديلاً
ولمصلحة استمرار العمل والإنتاج معاً، يجب أن يُحدد الحد الأدنى من الأجر بما يتناسب مع قدرة العامل على شراء تلك المواد الضروري استهلاكها لإعادة تجديد قوة عمله والعودة إلى عمله في اليوم التالي.
وبالرغم من النص على الأخذ بعين الاعتبار مستوى الأجور العام، فمن المعروف أن الحد الأدنى للأجور في البلاد هو 16175 للعامل في القطاع العام وللعامل في القطاع الخاص، فهل هذا الحد يؤمن للعامل حياة كريمة, فأية أسرة سورية كانت تحتاج قبل انفجار الأزمة لثلاثة مداخيل على الأقل حتى تكاد تسد رمقها، ولم تصل إلى الحد الأدنى من المعيشة, وهل هناك عامل في البلاد قبل انفجار الأزمة وخلالها كان يستطيع أن يعمل 8 ساعات يومياً ويحصل على الحد الأدنى من الأجر الذي يؤمن له الحد الأدنى من ضرورات الحياة؟.
خلال الأزمة، ورغم تذبذب سعر الصرف ارتفاعاً، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وضعف القدرة الشرائية لليرة السورية، الذي تسبب في رفع الحد الأدنى من المعيشة إلى 220 ألف ليرة شهرياً، فإنه لم يتم رفع الحد الأدنى من الأجور، وتم الاكتفاء بمنح ما سمي تعويض غلاء معيشة وقدره 11500 ليرة سورية فقط، للقطاع العام وبعض الخاص المنظم!!. وهو لن يكون بحال من الأحوال بديلاً عن ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور.
لجنة وطنية
للأجور مع وقف التنفيذ
اللجنة الوطنية لتحديد الأجور، والتي نص قانون العمل على تشكيلها برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وتتضمن عضوية عدد من الوزراء بالإضافة إلى نقيب مقاولي الإنشاءات ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، والتي من المفترض أن تجتمع بدورة عادية في الأسبوع الأول من شهر أيار كل سنة، لم تجتمع سوى مرة واحدة منذ صدور القانون عام 2010، بالإضافة إلى أن قرارات هذه اللجنة تتخذ بالأغلبية المطلقة، وليس هناك إلا جهة واحدة تمثل العمال فقط!!.
عقوبة مشجعة على المخالفة
هذا وفي باب العقوبات في قانون العمل؛ نص المشرع على عقوبة مالية وقدرها 5 آلاف ليرة سورية فقط على كل صاحب عمل يخالف أحكام المادة 76، التي تنص : (على إن العامل يستحق الحد الأدنى من الأجر إذا لم يتفق عليه في عقد العمل)... هذه العقوبة والتي من المفترض أن تكون رادعة، كما هو الهدف من العقوبات عادةً، تعد مشجعة لرب العمل على مخالفة القانون بدلاً من احترامه، لأنه من الأوفر له أن يخالف القانون ويدفع الغرامة بدلاً من أن يعطي العامل حقه، هذا إذا استطاع العامل كسب الدعوى أساساً!.
متى يطبق الدستور
إذا كان الوقت ليس مناسباً لتطبيق الدستور فيما يتعلق بحق الإضراب كما بررت ذلك وزارة العمل!، فهل أيضا الوقت غير مناسب أيضاً لتطبيق المادة 40 من الدستور السوري؟.
وإذا كان جواب وزارة العمل بنعم! ونحن لا نستبعد ذلك، فهل تخبرنا الحكومة؛ الوقت اليوم مناسبٌ لفعل ماذا إذاً؟! إذا كان انتشال الملايين من تحت خط الفقر، وإنقاذهم من الموت جوعاً ليس وقته الآن!!.