البوكمال بين المطرقة والسَّندان

تعرضت مدينة البوكمال إلى إساءات كثيرة عبر التجاوز على القوانين والأنظمة، والتلاعب والتحايل عليها، في عملية مقصودة ومكشوفة للجميع، وفي ظل غياب المراقبة والمحاسبة والمساءلة، التي وإن وجدت، غالباً ما تكون شكلية ومفصلة على مقاس هذا وذاك، فما يكتب على الورق مغاير تماماً لما هو موجود على أرض الواقع، وهكذا تموت القضية، ويبقى الفساد سيد الموقف.

شارع الشهداء مثلاً، تم تقليص عرضه من ثمانية أمتار إلى ثلاثة فقط، هذا يعني خمسة أمتار قد ضُمت إلى العقارات الخاصة، لتتحول إلى محلات. وبقدرة «قادر» تم تغيير المخطط التنظيمي لهذا الشارع، وبعلم مجلس المدينة السابق، واللجنة الإقليمية التي لم تحرك ساكناً، بل تغاضت عن الموضوع نهائياً، لماذا؟!

تقدم سكان هذا الشارع بشكاوى عديدة إلى الجهات الوصائية العليا، منها الشكوى رقم /889/ المقدمة إلى وزارة الإسكان، وشكوى إلى رئاسة مجلس الوزراء تحمل الرقم /273/. كما نشرت جريدة الثورة في عددها رقم /13125/ لعام 2006 مقالاً حول الموضوع، لكن لا حياة لمن تنادي.

الأسوأ من ذلك، أن يُنَصَّب أحدهم ممثلاً عن وحدة إدارية لا نعرف أين تقع ولمن تتبع، هذه قضية أخرى، فقد وجّه مجلس مدينة البوكمال، كتاباً إلى محافظ دير الزور، يحمل الرقم /218/ص تاريخ 7/2/2008، رداً على حاشية المحافظ ذات الرقم /861/هـ تاريخ 30/1/2008، المسطرة بناءً على كتاب رئيس مجلس بلدة سويعية، ذي الرقم /28/ص تاريخ 27/1/2008. جاء في كتاب بلدية البوكمال، الموجه إلى محافظ دير الزور، عدد من النقاط التوضيحية، منها عدم وجود مخطط يبين مسار الحدود وخاصة مع حدود مجلس مدينة البوكمال، المنطقة العقارية أبو كمال غرباً، وبمسافة /1220/م. وكذلك عدم وجود ممثل عن مجلس مدينة البوكمال، مؤكداً أن المهندس خالد الدخيل لا يمثل مجلس مدينة البوكمال حتى يُعتمد توقيعه، ولا يمثل بلدة سويعية. والأهم من ذلك أن الفواصل الطبيعية مثل الجبال أو الأنهار أو الوديان تعتبر حدوداً فاصلةً بين هذه المدينة أو تلك، فوجود مجرى وادي علي يعتبر هو الفاصل الطبيعي بين مدينة البوكمال وبلدة سويعية.

السؤال هنا: في 7/2/2008 تم إرسال كتاب مجلس مدينة البوكمال إلى محافظ دير الزور، وحتى هذه اللحظة لم يأتِ أي رد من المحافظ، بينما نرى أن كتاب بلدة سويعية قد وصل إلى المحافظ في 27/1/2008 فسطر حاشيته إلى بلدية البوكمال في 30/1/2008، أي بعد ثلاثة أيام فقط، وهذه سرعة مذهلة. أما كتاب بلدية البوكمال مضى على إرساله ما يقارب الشهرين دون جواب.

الأغرب من ذلك أن وصل المهندس خالد الدخيل إلى مكتب رئيس بلدية البوكمال، بعد أقل من ساعتين من صياغة كتاب البلدية إلى المحافظ، وأثناء مناقشته هذا الموضوع مع من كان موجوداً من أعضاء مجلس المدينة، وطالب بالتريث وعدم إرسال الكتاب إلى المحافظ بغية التسويف.

السؤال هنا: من يقف وراء هذا العمل؟ ماذا تعني المطالبة بـ/1220/متراً؟! حيث لم ولن يتم استملاك العقارات الواقعة ضمن هذه المسافة من منازل ومحلات، لكن المقصود هو الأراضي المحاذية لوادي علي، والتي تعتبر أملاك دولة، بما فيها الحزام الأخضر وما بعده. هذا في المرحلة الأولى، وسوف تأتي المرحلة الثانية بعد الموافقة على هذه الحدود، فالقادم أعظم من ذلك وأخطر، ولا بد من وضع حد لمثل هذه التجاوزات وكفى تحايلاً على القوانين فمن يبيع شبراً من أرض بلده، هو على استعداد لبيع الوطن كله، وما هؤلاء الفاسدون، إلا بوابات عبور للعدو الخارجي، فلا بد من المحاسبة وبذلك تكون كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.