ماذا تطور الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب؟

يقع سهل الغاب ضمن منقطة الاستقرار الأولى، حيث الهطول المطري يتجاوز 1400 مم وتبلغ مساحته  185 ألف هكتار إذا ما أضفنا إليه طار العلا, وهو عبارة عن حفرة انهدامية كان يخترقها نهر العاصي قبل أن تتقطع أوصاله بفعل التطوير..

أيام زمان حينما كانت نبتة القطن تسمى شجرة قبل أن تفقد ظلها, ظلها الذي كان يفيء من يسقيها.. يومها لم يكن هذا السهل قد فقد الكثير من خصوبته جراء تحويل مصارفه الرئيسية المستخدمة الآن لغرض سقاية المزروعات صيفاً إلى مجرى ومصب للنفايات الصناعية ومجارير الصرف الصحي.

عدد سكان الغاب الذي تجاوز نصف مليون نسمة يعتمد سكانه بشكل رئيسي على الزراعة وتربية الماشية، مضافاً إليها تربية الأسماك, وكانت المنطقة تخضع لخطة تطويرية تحقق من خلالها الاكتفاء الذاتي من مياه الري عبر بناء سدود تخزينية تستثمر مياه الأمطار في فصل الشتاء, ولكن للأسف وضع جل هذه المشاريع في أيد ليست أمينة, فكانت النتيجة فشل هذه السدود المعوّل عليها لإرواء سهل الغاب, فانهار سد زيزون بعد ثلاث سنوات من وضعه قيد الاستثمار, أما سدي أفاميا (c) و(b ) فقد فشلا في تخزين المياه في المراحل الأخيرة من الإنشاء لأسباب باتت معروفة، وهي نقل وتطبيق نظرية الحرب من الداخل التي عملت بها المخابرات المركزية الأميركية ومن ورائها الصهيونية العالمية عبر تخريب الاقتصاد من خلال تشويه الخطط والبرامج الاقتصادية, إذ تجلى ذلك بالفساد المنظم الذي لا يعقبه محاسبة, أو أي نوع من العقاب.   

بعد انهيار سد زيزون في صيف 2002 الذي كان يروي مشروع 17400 هكتار في القطاع الشمالي، بقي في الاستثمار الفعلي سد أفاميا ) (a الذي يروي مشروع 3000 هكتار في القطاع الأوسط حيث أقيمت سدة على مجرى المصرف الرئيسي (b ) في قرية الشريعة لسحب المياه وضخها إلى سد أفاميا ) (a، أما فائض المياه من أمطار شتوية ومياه المسامك والينابيع، فقد تركت بحفظ الله ورعايته, تجري إلى البحر عبر المصرفين الرئيسين ) (a و(b ) قبل أن تعترضها سدة أخرى لمضخات سد زيزون المنهار, هذه السدة تخزن أمامها كمية متناقصة من المياه بحكم الميول المتحكم بمجرى المصارف من الجنوب إلى الشمال، فهي لا تخزن أكثر من 50 % من المياه الواجب تخزينها في المصرفين الرئيسين فيما لو أقيمت سدتان ولو من تراب واحدة على المصرف ) (a والثانية على المصرف (b)  ومكانهما الأنسب جغرافياً، والأعدل اجتماعياً لفلاحي منطقة الـ10000 هكتار الواقعة بين منطقتي التطوير الشمالية والوسطى، أي بين سدة الشريعة ونهاية مشروع التطوير 17400 هكتار المتاخم لقرية الجيد، هذه المنطقة التي حرم أهلها من وضع أراضيهم ضمن خطط التطوير المستقبلية يسألون من وراء ذلك؟ ويقولون: هذه الأمطار ليست منة من أحد، هي من هبة من الله تعالى، فلماذا يجري تحويلها للغير؟ 

يقول أحد الفلاحين: «لقد حرمنا من زراعة أراضينا منذ انهيار سد زيزون الذي كان يوفر لنا من طلقتين إلى ثلاث طلقات من المياه، تؤازر طلقات المياه القادمة من سد الرستن لتكفي مزروعاتنا وتبعد عنا شر العوز والحاجة، وإن كانت الجهات المعنية لا تخصنا بمياه الري بعد أن توقفت الدولة عن التصدي لهذه المهمة، فإننا نطالب بالتدخل ولو قليلاً بإقامة هذه السدات حتى لو كانت من تراب، لأتها توفر لنا ريتين أو ثلاث للمحاصيل الصيفية».

إذا كان نصيب الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب من الخطة الاستثمارية لعام 2009 هو 411 مليون ليرة سورية، فلا ضير أن ترصد الهيئة بعض من هذه الليرات وتحل مشكلة آلاف الأسر الفلاحية الواقعة ضمن هذا الحيز, هذا ما يطالب به أهالي خمسة عشر قرية وبلدة في الغاب, فهل هناك من يلبي النداء؟ بدورنا نؤكد المطلب المحق لهؤلاء الفلاحين في العيش الكريم واستمرارهم في زراعة أراضيهم عبر تلبية مطلبهم البسيط ريثما يعاد وضع السدود المعطلة والمنهارة، وذلك صونا لكرامة الوطن والمواطن.

يامن طوبر

آخر تعديل على الخميس, 25 آب/أغسطس 2016 14:15