غياب المنهجية في الامتحانات الجامعية.. قسم الآثار نموذجاً

يبدو أن النجاح في أية مادة من المقررات الجامعية أصبح حلماً للعديد من الطلاب في الجامعات السورية على تعددها وتنوعها، بعد أن أبدع دكاترة وأساتذة المقررات وتفننوا في وضع الأسئلة الامتحانية، ولعل رصد هذه الحالة من خلال مقررين في قسم الآثار بجامعة دمشق لن يختلف كثيراً عنه في باقي الكليات في الجامعات الخمس.

ففي مادة «آثار بلاد الشام» لأحد أساتذة قسم الآثار، لم تتضمن ورقة الأسئلة سوى سؤال واحد مطلوب فيه شرح مفهوم التنظيم العمراني الذي عرفته بلاد الشام خلال الألف الثالث قبل الميلاد بشكل مفصل، مما أدى لانسحاب الكثير من الطلاب لعدم تمكنهم من الإجابة على هذا السؤال الوحيد.
أحد الطلاب (المخضرمين) قال لقاسيون وهو يبتسم: «لقد قدمت المادة اثنتي عشرة دورة حتى نجحت فيها، نظراً لهذا الأسلوب الذي يعتمده أستاذ المادة». طالب آخر قال: «المشكلة ليست بالسؤال الوحيد فقط، وإنما بمضمون السؤال الذي قد يكون محذوفاً لدى العديد من الطلبة، أو مؤشراً تحته على أنه أقل أهمية للبعض الآخر».. وهكذا يدخل الطلاب في متاهة لن يخرجوا منها حسب قولهم، إذا ظلت الطريقة الحالية سائدة دون تعديل.
أما المادة الثانية التي سنتناولها على سبيل المثال لا الحصر، فهي مادة اللغة الفرنسية لطلاب السنتين الأولى والثانية/ فصل ثاني، والتي تم اعتمادها مؤخراً ضمن مقررات قسم الآثار، حيث أوقع أستاذ المادة الطلاب في حيرة من أمرهم بعد أن جاء بأسئلة من خارج المقرر، مما حدا بالأغلبية الساحقة من الطلاب للانسحاب من الامتحان وتقديم عريضة باسمهم لعمادة الكلية ولرئيس القسم، معترضين فيها على الأسلوب الذي اعتمده أستاذ المادة في كتابة الأسئلة، حيث جاء في العريضة: «نحن الموقعين أدناه، طلاب قسم الآثار/ السنة الأولى حملة مادة اللغة الفرنسية (الثانية)، نعرض عليكم ما يلي: بتاريخ 27/1/2010 قدمنا المادة التي يدرسها أ.أسامة وقد تفاجأنا بأن الأسئلة الامتحانية قد جاءت من خارج المحاضرات المقررة رغم أن قدوم الأستاذ تأخر في العام الدراسي إلى ما قبل امتحانات الفصل الثاني في العام الماضي، علماً أننا ندرس اللغة الفرنسية للمرة الأولى ونلاقي صعوبة في ذلك. نرجو منكم متابعة الموضوع وإعادة النظر في هذه الأسئلة والامتحان»..
وقد وقع على العريضة /23/ طالباً من أصل /30/ طالباً قدموا المادة، وعلى الرغم من إصرار بعض الإداريين على عدم استلام العريضة وتخويف الطلاب عند تقديمها للقسم، لكنهم أصروا على تقديمها، واتفقوا مع رئاسة القسم على ذلك في مكان وزمان محددين.
أحد المتقدمين قال: «عدا عن أنهم حولوا المادة من المؤتمت إلى الأسلوب التقليدي، جاؤوا بأسئلة من خارج المقرر أيضاً».
موقّع آخر على العريضة قال: نتمنى أن يُنظر بشكوانا ويأخذها أصحاب العلاقة بعين الاعتبار، خاصة وأن لدينا شكوكاً أكيدة أن من وضع تلك الأسئلة طالبة معيدة في الكلية، ولا علم للدكتور المقرر بالأسئلة. ويؤكد ذلك عدم تلبية المراقبين لطلب الطلاب بحضور الأستاذ المقرر للاستفسار عن الأسئلة التي جاءت من خارج المحاضرات.
إننا في قاسيون نؤكد على عمادة الكلية ورئاسة قسم الآثار بضرورة إيلاء كل الاهتمام للعريضة التي تعد من أفضل أساليب العلاقة بين الطالب والدكتور والمراقب، ونؤكد في الوقت ذاته أن الامتحانات ليست حقل تجارب مزاجية للطلاب، وإنما هي مرحلة مهمة لاختبار معلومات الطالب ومدى عمق الدراسة التي قام بها..
وبالنهاية فإن الأسئلة إن جاءت من داخل المقرر لن ينجح سوى مستحق النجاح، فلماذا كل هذه «اللخبطة» أصلاً؟ أما آن الأوان لوضع منهجية واضحة ومحددة ومعروفة لنماذج الامتحانات الجامعية؟