دير الزور.. وأزمة الخبز المستعصية
ليست هناك مشكلة إلاّ ولها حلّ.. لكن على ما يبدو أنّ هناك من لا يريد وضع الحلول، أو هناك من يتخبط في وضعها.. أو هناك من يدفع باتجاه وضع العراقيل وتحويل حتى المشكلات البسيطة إلى استعصاءات دائمة وخلق بؤر توترٍ داخلية لغاياتٍ في نفوس المغرضين..
ومن هذا المنطلق نقول إن الكثير من المشكلات تبقى عالقة ومنها مشكلة الخبز في دير الزور التي ظلت مستمرة حتى تحولت إلى أزمة، والأزمة تحولت إلى استعصاء دائم سواء في النوعية، أم في الكمية، وغرق المواطن في دوامتها اليومية كغيرها من الدّوامات التي تنهك قواه كالكهرباء والماء والمازوت والنقل والصحة والتعليم ولقمة العيش.. و.. و.. فإلى متى سيبقى يتحمل ذلك!؟
دوامة الخبز
مع تزايد السكان وازدياد حاجاتهم الغذائية.. والذي تزامن مع الويلات التي طالت الزراعة بسبب السياسات الحكومية بقيادة طاقمها الاقتصادي والتي نتج عنها ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي مع انخفاض كميات مواسم المحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح، دفع المواطن ثمن ذلك من غذائه ووضعه المعيشي عموماً، كما دفعت الدولة نصيبها من خلال شح مواردها ونضوب صوامعها وتهديد أمن الوطن الغذائي، ففي دير الزور مثلاً، بالإضافة لتردي نوعية القمح الموجودة حيث استغل التجار والفاسدون الأوضاع الجديدة استغلالاً مريعاً، فنهبوا الفلاح الدولة معاً، انعكس ذلك أيضاً على نوعية الطحين وكميته المستخدمة وخاصةً ما تورده المطاحن الخاصة من نوعيات سيئة جداً، مما زاد المعاناة وطوّل الطوابير على الأفران الحكومية والخاصة، وأنتج مزيداً من هدر الجهد والوقت.. أضف إليها ما نجم عنها من مشكلات يومية وصدامات، وبيع ربطة الخبز بعشرين ليرة بدلاً من 15 على أبواب الأفران الآلية الحكومية، فأصبحت لقمة الخبز كأنها لقمة الزقوم!؟
وبرز أيضاً التخبط في معالجة المشكلة من خلال حالة الأفران، إذ أن القرارات جاءت وفق المزاجية يسمها سوء التوقيت، فمرةً تعاد العطلة الأسبوعية للأفران الخاصة ومرةً تلغى، وعندما يعاقب فرن خاص تموينياً بإغلاقه، تكون العقوبة لأبناء الحي والشارع الموجود فيه، فيضطرون للبحث عن أفرانٍ أخرى مما يزيد الطين بِلّة، ويأتي تحديد وتوقيت ساعات العمل ليراكم فوق كلّ ذلك أحماله على ظهر المواطن المنهك، وأخيراً تأتي مزاجية أصحاب الأفران والغش في الوزن وذلك من خلال وزن الخبز فوراً قبل تبريده، مع سوء التصنيع وسوء المعاملة حتى في الأفران الآلية الحكومية، وبيع الطحين بدل خبزه وغيرها من المشكلات حتى المتعلقة بالشروط الصحية للعاملين والنظافة.. وأخيراً الترخيص لأفران خاصة جديدة متوقف منذ سنوات، والحكومة لا تُنشئ أفراناً آلية جديدة، فمدينة دير الزور فيها فرنان فقط!
يتساءل المواطنون: لماذا نوعية الخبز وكميته تتوافر في الأفران الاحتياطية ليلاً ونهاراً، ولا تتوافر في الأفران الخاصة أو الآلية، كالفرن الذي أنشئ في العشارة والذي أنشئ في موحسن؟ ولماذا معاناة المواطنين في المحافظات الأخرى أخفّ، وعلى الأقل في المحافظات المجاورة كالرقة والحسكة وخاصةً من ناحية النوعية!؟
بعد كل ما تقدم .. نتوجه إلى المسؤولين المحليين وأولهم السيد محافظ دير الزور، وإلى المسؤولين الكبار في الحكومة، ممن يتحدثون عن تنمية المنطقة الشرقية، بالمطالب التالية:
إنشاء فرن آلي آخر في المنطقة الغربية من المدينة، وإنشاء عدداً آخر من الأفران الاحتياطية، والسماح بالترخيص لإنشاء أفران خاصة أخرى بمواصفات فنية حديثة، والتي تكفل زيادة الكميات وأوقات العمل ليتمكن المواطن من الحصول على الخبز في وقت فراغه من عمله، وليس عليه أن يسري مبكراً، أو يخرج من عمله لتوفير الوقت والجهد والكرامة له.
توفير الكميات اللازمة من الطحين والنوعية على الأقل المقبولة منه، بدلاً من النوعية الحالية السيئة جداً والتي يرافقها سوء التصنيع ليزيد في الطنبور نغماً، ومن يُخالف، يعاقب بالغرامات المالية الكبيرة فقط، وليس بإغلاق الفرن، لأنّ ذلك ينعكس على المواطن أولاً.
إلزام الأفران الخاصة بتعبئة الخبز في ربطات وفق أوزانٍ دقيقة، وإلزام عدداً مناسباً منها بالعمل بعد الظهر ومساءً وتوفير الكميات اللازمة لذلك ليتمكن المواطن من الحصول عليه عند حاجته .
مراقبة الوضع الصحي للعاملين في الأفران الخاصة والعامة، وكذلك طريقة العمل والنظافة بشكل فعال ومستمر وليس بزيارات خاطفة.
إنّ تحقيق هذه المطالب والتي هي حقّ للمواطنين وليس مٍنّةً من أحد، ستساهم في تحقيق كرامة الوطن والمواطن، ومن لا يريد تحقيقها أو يعرقلها فهو لا يريد أن يكون بين المواطنين والدولة خُبزٌ وملحٌ..