في ريف دمشق.. القمل يغزو أحد المدارس.. والأهالي يكافحونه بما تيسر!
ظاهرة قديمة متجددة أن تشهد بعض المدارس انتشاراً للقمل، الناجم عادة عن قلة النظافة والاحتكاك المباشر بين الطلاب بسبب الاكتظاظ، وفي بيئة غير صحية وفي ظل إهمال واضح للنظافة العامة فيها، والتي لم تصلها حتى خدمات دائرة الصحة المدرسية لتقوم بواجباتها وببعض مهامها!
فانعدام الاهتمام، وسلوكيات الطلاب والأهل الخاطئة، ونقص وسائل الوقاية، تنعكس على صحة الطلاب، وتزيد الأعباء على الكادر الإداري والتدريسي، وترفع جرعة تخوف الأهالي وحذرهم!
فالحالة مزرية للوضع الصحي في معظم المدارس، ومنها «مدرسة فايز سعيد محمود» في جرمانا بريف دمشق، التي اضطر كادرها التدريسي والإداري للقيام بإغلاق شعبة صفية كاملة نتيجة تفشي القمل فيها، وذلك بحسب ما رواه بعض الأهالي، إذ وجد القمل بين صفحات الكتب المدرسية وعلى المقاعد أيضاً!
الإغلاق هو الحل السحري!
اللافت للنظر هنا أن المدرسة اكتفت بإجبار الطلاب على الغياب وإغلاق الشعبة، دون اللجوء لأية بروتوكولات صحية وقائية كما يفترض على مستوى المدرسة ككل!
فقد طنبت وزارة التربية آذاننا خلال السنين الماضية، وخاصة مع انتشار الكورونا، عن بروتوكولاتها الصحية المعتمدة والمفروضة على المدارس ومديريات التربية وعلى مديريات الصحة المدرسية، لكن دون جدوى منها عندما يجد الجد على ما يبدو!
في المقابل يبدو من الواضح للكادر الإداري أن تقليل الاحتكاك يبدو أمراً مستحيلاً، وذلك بالنظر إلى زيادة الاكتظاظ في الشعب الصفية، لذلك كان اللجوء إلى إغلاق الشعبة هو الممكن المتاح بين أيديهم، بعيداً عن اللجوء إلى البروتوكولات الصحية!
لكن ذلك لا يعفيهم بالحد الأدنى من اتخاذ إجراءات العقامة المطلوبة للشعبة المغلقة، ولغيرها من الشعب، خاصة وأن الحديث يدور عن رصد الآفة على المقاعد الدراسية!
وبحسب ما أفادت به بعض شكاوى الأهل في جرمانا “المعاناة مع القمل كبيرة مع بداية كل عام دراسي»!
ففي صف يحوي ما يقارب 75 تلميذاً، ويجلس كل أربعة تلاميذ في مقعد واحد، يبدو موضوع تقليل التقارب مستحيلاً، وهي مشكلة لا يمكن للأهالي حلها منفردين بل ويعجزون عن حلها، ما يعني أنه حتى الوقاية بالإمكانات المحدودة للأسر غير ممكنة ولا تحقق الجدوى منها!
المشكلة تتجاوز المدارس!
عند تحدثنا لأحد أطباء الصحة أكد بدوره أن الإصابة بالقمل تأتي بشكل رئيس من إهمال النظافة الشخصية، إلا أن الطالب النظيف من الممكن أن يلتقط العدوى من المدرسة برغم احتياطاته!
أما المشكلة الأخطر فهي أن هذه العدوى من الممكن بسهولة أن تنتقل إلى البيوت!
فالشعبة الصفية التي يكتظ بها 75 طالباً، وبحال انتشار الآفة بينهم، فهذا يعني 75 أسرة باتت مهددة بانتقال العدوى إليها، ومع قلة الاهتمام فإن ذلك يعني مزيداً من انتشار هذه الآفة في الوسط الاجتماعي المحيط بكل أسرة من هذه الأسر!
المكافحة بما تيسر!
بالنظر إلى المعاناة المستمرة التي يعيشها السوريون، الظروف المعيشية القاسية، وشح المياه العذبة، إضافة إلى صعوبة تسخينها للاستحمام بسبب ساعات التقنين الكهربائية الطويلة، والتي يضاف إليها ارتفاع أسعار مصادر الوقود من مازوت وغاز منزلي، ومع ارتفاع أسعار الشامبوهات، ومواد التنظيف عموماً، والتي تجاوزت أسعارها كل الحدود، وانتشار أنواع سيئة للغاية منها، كل ذلك أجبر بعض العائلات من ذوي الدخل المحدود على العودة إلى الأساليب التقليدية، غير الصحية، لمعالجة آفة القمل من خلال استخدام الخل المركز أو زيت الكاز ولعدة مرات، مع النتائج السلبية لذلك على صحة المصاب طبعاً!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأسر عادة تقوم بالإجراءات الوقائية على كل أفرادها عند وصول آفة القمل إلى أحدهم، ما يعني أن الانعكاسات الصحية باستخدام الأساليب التقليدية غير الصحية سيدفع ضريبتها كل أفراد الأسرة!
التنظيف مسؤولية الطلاب!
هناك معاناة حقيقية في معظم المدارس، خاصة في الأرياف، بما يتعلق بقلة المياه، وتلوثها أحياناً، والتي تعد سبباً حقيقياً لانتشار الأمراض، إضافة إلى وجود أعطال في دورات المياه وفي شبكات الصرف الصحي فيها، مع تسجيل نقص في عدد المستخدمين أيضاً!
فبحسب أقوال ذوي الطلاب هناك العديد من المدارس لا يوجد فيها مستخدمون، وإن وجد فهو شخص واحد من الصعب عليه متابعة أمور النظافة والتعقيم في المدرسة ككل، مما دفع بعض الإدارات للجوء إلى الطلاب من أجل القيام بأعمال التنظيف، سواء داخل الصفوف أو الباحة، وحتى الممرات ضمن البناء المدرسي، مع العلم أن هذه المسؤولية ليس من المفترض أن يتحملها وحده!
وقد تساءل بعض ذوي الطلاب «نحن نرسل أطفالنا لتلقي العلوم أو للتنظيف”!
غياب المسؤوليات!
ربما كل ما سبق يوضح السبب وراء كثرة إصابة الطلاب بآفة القمل، وعودتها إلى الظهور مجدداً، بين الحين والآخر، وفي مطلع كل عام دراسي، أو بغيرها من الأمراض التي تنتقل بالعدوى!
بالمقابل فإن ذلك لا يبرر الإهمال، سواء من قبل الكادر الإداري في المدارس، أو من قبل مديريات التربية ومديرية الصحة المدرسية ووزارة التربية كجهات مسؤولة عن الصحة والسلامة في المدارس، بالإضافة إلى دورهم ومهامهم على المستوى التعليمي، مع المتابعات المطلوبة منها لضمان تحقيق كل ذلك!
فأين مهمة الكادر الإداري في كل مدرسة، وأين هي وزارة التربية من كل التجاوزات الخطيرة في المدارس والتي لا تقف عند حدود الإهمال بالجانب الصحي، ومن المسؤول وفي عهدة من الحلول؟؟
برسم وزارة التربية..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1143