من الآثار السلبية لرفع الدعم.. الثروة السمكية في منطقة الغاب مهددة بالزوال..

لا يخفى على أحد الأهمية الكبرى للثروة الحيوانية في اقتصادات أي بلد على وجه الأرض، فهي إضافة لدورها في تلبية حاجات مادية أساسية لحياة الإنسان، تلعب دوراً اقتصادياً واجتماعياً هاماً.

ولن نتحدث هنا عن تربية الأغنام والأبقار والدواجن بالرغم من أهميتها، وبالرغم أن ما طالها من منعكسات سلبية خطيرة للسياسات الاقتصادية المتخبطة لا يقل سوءاً عما طال غيرها، وإنما سنسلط الضوء هنا على جانب من هذه الثروة، وهو تربية الأسماك في المناطق الداخلية، وذلك لأهمية الأسماك كغذاء ضروري للإنسان بسبب خواص لحومه المتعددة من جهة، ومن ناحية أخرى لأهمية مياه مزارع الأسماك بالنسبة للزراعة، حيث تروي هذه المياه مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في منطقة الغاب.

ولا نذيع سراً إذا قلنا إن الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب تمنح تراخيص زراعة القطن والشوندر للإخوة الفلاحين على أساس وجود مياه هذه المزارع، حيث قدرت المساحات التي تروى من هذه المياه بمئات الهكتارات بحسب محضر اجتماع لجنة السقاية رقم/9/ المنعقد بتاريخ 26/6/2008، والمتضمن دراسة الوضع المائي، حيث خلصت اللجنة المختصة إلى عدة توصيات لعل أهمها: دعم مزارعي الأسماك بأسعار المحروقات أسوة بأصحاب الآبار التي تستخدم مياهها لري المحاصيل الزراعية، خاصة أنه يستفاد من مياه صرف مزارع الأسماك لري المحاصيل أيضاً.

ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراء فيما يخص مزارعي الأسماك بعد رفع سعر مادة المازوت، مما دفع بعدد كبير من المربين إلى الإعلان منذ الآن أنهم لن يزرعوا أسماكاً للموسم القادم بسبب ارتفاع كلف الإنتاج يشكل جنوني، بحيث أصبحت تربية الأسماك غير ممكنة وفق هذه الظروف المستجدة، وللعلم فإن محصول السمك يجنى خلال هذا الشهر.

وعند اللقاء مع عدد من مربي الأسماك، أجملوا أهم مشاكلهم بما يلي:

- أنه كان لديهم مشاكل في تربية الأسماك سابقاً، ولكنها تفاقمت بشكل كبير بعد زيادة سعر مادة المازوت..

- زيادة كلف الإنتاج بعد رفع سعر مادة المازوت بمقدار ضعفين ونصف، عما كانت عليه في السابق.

- ارتفاع سعر العلف بنسبة مماثلة (أي ضعفين ونصف)، إضافة للمعاناة الكبيرة في تأمين مادة العلف، حيث يضطر المربون إلى شراء معظم حاجة مزارعهم من السوق الحرة، مما يرفع نسبة الزيادة إلى ثلاثة أضعاف ونصف.

- ارتفاع كلف مستلزمات الإنتاج من قطع غيار المحركات والمضخات وشبكات الصيد وغيرها.

- ارتفاع أجور الفنيين الذين يقومون بخدمات التربية والصيد.

- ارتهان المربين أثناء عمليات تسويق محصولهم من السمك للتجار الذين هم وحدهم من يحدد سعر الشراء من المزارع، وهو بالكاد يستطيع تغطية كلف الإنتاج.

- عدم حماية السوق المحلية من المضاربات والمنافسة الخارجية، حيث يتم استيراد أسماك مجمدة من دول الجوار، وتطرح بالأسواق بأسعار منخفضة بحيث يصبح المنتج المحلي غير قادر على المنافسة.

- كميات الأعلاف المقدمة من مؤسسة الأعلاف قليلة ولا تفي بالحاجة، كما أنها لا تتصف بالميزات والخواص المطلوبة، فهي بقايا صوامع على الغالب، لذلك يلجأ المربون إلى السوق الحرة لشراء (الصويا- الكسبة -الذرة – طحينة اللحم) ليكون تركيب العلف بالتالي قابلاً للتحويل في جسم الأسماك بشكل جيد ومجدٍ.

ويفيد أحد المربين أن العلفة المركبة يجب أن تتحول كقيمة وزنية على النحو التالي: 3-3.5 كغ علف، يتحول إلى 1كغ سمك، هذا إذا كانت العلفة تحوي العناصر السابقة.

 

الاستنتاجات

إن توقف المربين عن تربية الأسماك سيؤدي إلى:

• تحول كل من يعملون في هذه المزارع إلى عاطلين عن العمل.

• ارتفاع سعر اللحوم الأخرى (دواجن- غنم – بقر ) بسبب فقدان لحوم السمك.

• خروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي تروى بمياه هذه المزارع من الزراعات المروية إلى الزراعات البعلية.

• تدني إنتاج تلك الأراضي وانخفاض خصوبتها.

لذلك، وبناء على ما سبق، فالمطلوب من الجهات المعنية في وزارة الزراعة التدخل السريع لإنقاذ هذه الثروة الوطنية من الضياع..