عشرون سنة لاتّخاذ قرار بشأن مدرسة آيلة للسقوط!

تغيب المتابعة والمراقبة لجودة الأعمال والمشاريع التي تنفذ، ويتم استلام هذه الأعمال رغم سوء تنفيذها، وهذا أمر يثير الشكّ بنزاهة اللجان المشرفة، ومن الضروري أن تكون هناك ضوابط تمنع التلاعب، وإجراءات رادعة تحدّ من الاستهتار بجودة الأعمال المنفذة.

مثال على هذا الكلام مبنى مدرسة أبي فراس الحمداني في عامودا / مجافظة الحسكة، التي بنيت عام 1982 على أسس هشة وعلى مرأى ورقابة كاملة وبإشراف من دائرة الأبنية المدرسية، في مديرية التربية بالحسكة، والخدمات الفنية التي تخصص سنوياً مئات الملايين لأبنية المدارس في المحافظة. هذه المدرسة التي نفذتها مؤسسة الإسكان العسكرية دليل على غياب تلك الرقابة، أو التواطؤ ممن تسول له نفسه للاستفادة الشخصية. وهذه مؤشرات وحقائق تؤكد ذلك.‏

بنيت المدرسة التي تتألف من طابقين يضمّان أكثر من 20 غرفة صف بالإضافة إلى غرف الإدارة وتوابعها، عام 1982 في مدينة عامودا بإشراف المهندس (س) الذي غادر إلى خارج القطر، لينفد بفعلته ويتنصّل من المسؤوليّة، ويؤمّن التغطية لشركائه.  

بوشر الدوام  فيها عام 1984 ولغاية عام 1992 دون أية مشاكل تذكر، بعدها بدأت تحدث تشققات خطيرة في جدران المدرسة، ما دفع مديرها آنذاك لتقديم طلب للجهات المعنية ليشرح ما آلت إليه الحال، مؤكداً أن تشقق جدران المدرسة مؤشر أنها قد تكون آيلة للسقوط، وطلب معالجة الأمر لما في ذلك من خطورة على الطلاب. وقامت الجهات المختصة بالكشف على أسس وقواطع المدرسة، وتبين أنها غير صالحة للدوام بسبب انهدامات جدرانها، وعدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة في العقد المبرم بين الجهتين، وقدمت اللجان تقريرها بذلك.

وتم إجلاء الطلاب منها وتوزيعهم على عدة مدارس، وبقيت المدرسة تعاني الإهمال، وتناوب عدد من المعلمين والمدرسين الذين جاؤوا من خارج المحافظة للتدريس في عامودا لاستخدامها للسكن حتى وقت قريب، ما كان يساعد في الحفاظ عليها من التخريب. ولكن بعد ذلك  أصبحت مرتعاً للمدخنين والحشاشين ومتعاطي المخدرات والدعارة، وهذا ما أكده لنا عدد من سكان الحي في المدينة. ورغم تقديم الأهالي أكثر من معروض للجهات المعنية في المدينة بوجود تجاوزات مريبة في المدرسة، إلا أن ذلك لم يجد آذاناً صاغية. ولأن ما سمعناه لا  يحتمل التأجيل، لذلك توجهنا مباشرة إلى المدرسة للتأكد من الحقيقة، وكانت المشاهدات الأولية صادمة أثارت فينا رغبة حقيقيّة في تلافي كارثة، وأدركنا ضرورة توجيه نداء عاجل للجهات المعنية للعمل على اتخاذ قرار فوري للحؤول دون وقوع مصائب من أيّ نوع.

الأبواب الرئيسية للمدرسة خلعت وكسرت، وكذلك كل الأبواب الداخلية للصفوف، وهدمت جدران داخلية وخفست بعض أطرافها، والمنظر المقزز داخل الصفوف حيث الأوساخ وقطع الزجاج، ولوحظ وجود تصدعات في دورات المياه والتصوينة، وفي أماكن متفرقة في جدران البناء، وتناثر القمامة والإبر الطبية التي ربما يأخذها متعاطو المخدرات حيث لوحظت إبرة ما تزال تحتفظ بمادة لم تستعمل بعد.

والسؤال: إلى متى ستبقى هذه المدرسة على هذه الحال؟ هل تمت محاسبة المقصرين والمتلاعبين بحياة أطفالنا؟ ولمَ لم يتم حتى الآن اتخاذ قرار بإعادة تأهيل المدرسة وترميمها؟ أو هدمها لنتخلص من كل تلك المشاكل حفاظاً على سلامة أطفال الحي وتجنباً لما قد يحدث مما لا تحمد عقباه؟

أين كانت مديرية التربية ودائرة الأبنية المدرسية؟ وما فائدة الجولات والزيارات الميدانية للمعنيين في التربية؟ وأين دور الرقابة الداخلية للكشف عن مثل هذه التجاوزات والمخالفات ومعاقبة المسيئين؟

أسئلة كثيرة نضعها برسم مديرية التربية في الحسكة، وننتظر حلولاً مناسبة.. 

■ ج ـ خ