المؤتمر السنوي للرابطة الفلاحية في الغاب.. مداخلات ساخنة
عقد بتاريخ 18/3/2009 المؤتمر السنوي لفلاحي الغاب في مدينة السقيلبية بحضور أكثر من أربعمائة شخص.. وقد ركزت مداخلات الفلاحين على السياسة الاقتصادية الزراعية وآثارها الكارثية على حياة الفلاحين، كما تناولت مواضيع مياه الري وسوء توزيعها، ووضع السدود المعطلة، وآثار رفع الدعم على المنتجات الزراعية وتداعياتها الاجتماعية..
وقد شاب المؤتمر شيء من التوتر عندما حاول البعض أن يحصر حق تقديم المداخلات برؤساء الجمعيات، كما حدث استياء عام عندما انسحب بعض المسؤولين من المؤتمر منهم مدير عام تطوير الغاب، ورئيس مكتب الفلاحين لارتباطهم «بما هو أهم»!!
مداخلات ساخنة
وفي العموم، تعددت المداخلات وتنوعت، وتشابه بعضها لتشابه الهموم..
الفلاح عمار زيون: أكد أن هناك الكثير من الجمعيات الفلاحية لا تعقد مؤتمراتها السنوية، وإن حصل وتم عقد المؤتمر فإنه يكون أشبه بمسرحية، أو يتم لمجرد رفع العتب، حيث يحضر رئيس الجمعية وبعض أعضاء الإدارة، ويسجلون محضر اجتماع وهمياً، دون أن يعلم به الفلاحون، فيجددون لأنفسهم لدورة تالية..
الفلاح محمد عطية علوش أكد أن الزراعة ليست بخير كونها فقدت وسائل دعم كثيرة كانت تقدمها الدولة للفلاحين، حيث تم رفع أسعار المحروقات والأسمدة.. ونوه علوش إلى عدم التوازن في توفير مياه السقاية، حيث تُقدم شتاء بشكل فائض، فتؤدي إلى إغراق أراضي الفلاحين وبعض قراهم كما حصل هذا العام وفي الأعوام السابقة، أما في فصل الصيف حيث الحاجة الماسة للمياه، فتنعدم تقريباً لتموت المزروعات عطشاً بالرغم من كل المحاولات التي يبذلها الفلاحون لإنقاذ محاصيلهم بطرق بدائية.. فالمصارف التي تم حفرها لتصريف الملوحة يستخدمها الفلاحون للسقاية وذلك بضخها على نفقتهم لمسافات تصل إلى آلاف الأمتار.
وهنا نطرح السؤال المتكرر الذي يتبادر إلى ذهن كل فلاح: أما آن لنا أن نضع حلولاً جذرية لمثل هذه الحالات التي أصبحت عصية على المهتمين بالشأن الزراعي، والذين لم يعد لديهم أي تبرير لإقناع الفلاحين بعدم وفرة المياه أثناء تطبيق الخطة الزراعية التي تفرض على الفلاحين بالقوة بذريعة أن الهطول المطري لهذا العام أو ذلك العام لم يصل إلى المستوى المطلوب، ويتم الترخيص حسب كميات المياه المتوافرة في سد أفاميا (أ)، فترخص الأراضي المحاذية لأقنية الري الرئيسية على بعد (800) متر عن هذه الأقنية، ويحرم بقية الفلاحين من الزراعات الصيفية، وتبقى أراضيهم بوراً..
إلى متى سيبقى سدا أفاميا B، وC اللذان من المفترض أن يخزنا حوالي 70 مليون متر مكعب من الماء متعطلين، علماً أنه بدئ العمل بهما منذ حوالي 23 عاماًَ؟ بصراحة وبشفافية مطلقة لقد ضاق الفلاحون ذرعاً بهذه الإخفاقات غير المبررة للعاملين في قطاع الزراعة، فقد ألحقت بالفلاحين أضراراً فادحة, فلم يستطيعوا إصلاح فتحة سد زيزون الذي مضى على انهيارها قرابة ست سنوات، ولا أن ينجزوا سدي أفاميا المعطلين.. فإلى متى؟.
أما فيما يتعلق بفرش أكتاف المصارف ببقايا المقالع تسهيلاً لنقل الأسمدة إلى الأراضي شتاء حيث يتعذر نقلها لأن هذه الطرق طينية وغير مفروشة, فحبذا لو تم صرف جزء من الأموال العائدة إلى وزارة الزراعة لفرش وتسوية الطرق التي تخدم الفلاحين الذين يضطرون أحياناً لنقل كيس السماد مئات الأمتار على ظهورهم، لأنه يتعذر وصول آلية إلى أراضيهم. بالإضافة إلى هذه المشكلة هناك مشكلة أخرى وهي حرم المصارف، ونقترح هنا أن تحدد المؤسسة حرم هذه المصارف وتسويتها كل عام قبل الزراعة وبعد الزراعة بفترة قصيرة، كي لا يستأثر بملكيتها أحد، فيقطع الطريق على الفلاحين الآخرين.
هناك فوضى ونقص في توزيع الأسمدة، فلماذا لا تعطى الجمعية حصتها كاملة من كل أنواع الأسمدة؟ فغالباً يتم توزيع اليوريا على عدد قليل من الجمعيات لتحرم منها الجمعيات الأخرى،. هذا التوزيع الفوضوي قد يكون ناتجاً عن عقد صفقات مع التجار، ودليل ذلك سعره الآن في مستودعات التجار.
أما السياسة السعرية للمحاصيل الإستراتيجية كالقطن مثلاً، فيتلاعب بها المسؤولون عن تسويق الأقطان، ففي عام 2008 تم وضع تسعيرة للقطن 41 ل.س لكل كغ قطن، ولكن الفلاحين فوجئوا عندما جاءت فواتير الأقطان أن سعر الكغ لم يتجاوز 36 ل.س!.
رئيس جمعية العزيزية عدنان نيحاوي قال:
ليس من المنطق أن تجتازنا مياه السقاية لتصل إلى أكثر من ثلاثين كم عن سد أفاميا a، ونحن لانبعد عنه أكثر من 10 كم، إننا على هذه الحالة منذ أكثر من ثماني سنوات، لذلك نطالب أن تصل المياه إلى أراضينا، ولو بالتناوب بين الخط الشرقي وخط الوسط، فقناة ج2 لم تبللها مياه الري منذ سنين، والناس أهلكها الفقر.. أريد إجابة من القائمين على هذا الأمر أعضاء لجنة السقاية.. وأضاف: أرجو أن أتلقى إجابة، لا أن يكون كلامنا مجرد كليشة سنوية كما حصل في المؤتمرات السابقة. نطالب بزيادة دعم القطاع الزراعي، وخاصة مع ازدياد أسعار مستلزمات الإنتاج من محروقات وأسمدة..
إلى متى؟
لقد آن الأوان لتتحقق هذه المطالب المتكررة التي ما انفك الفلاحون يصرون عليها، حتى أن المسؤولين حفظوها عن ظهر قلب، بيد أنهم لم يفكروا يوماً أنه من الضروري تحقيقها وتلبيتها، لأن من يتلقى العصي ليس كمن يعدها.. لكن هذه المرة الظروف تختلف تماماً، فقد بلغ حجم معاناة الفلاحين مقداراً كبيراً، وأصبح تجاهل مطالبهم خطأ فادحاً، قد يؤدي لنتائج كارثية على مستوى الاقتصاد الوطني، والأمن الغذائي، وحتى على السلم الاجتماعي..