لأن الحال على مبدأ (دق المي) مياه قطنا ما زالت تنبع في شوارعها!
تبدل على وحدة مياه قطنا ثلاثة مهندسين حتى الآن، وهذا يعني زمنياً وقتاً ليس باليسير، لكن مازالت مشاكل مياه المدينة على حالها، ومشروع الشبكة الجديدة التي تسلمتها وحدة المياه بعيوبها، ومازالت هناك شكاوى من وجود أخطاء هائلة سواء من المواطنين أو من بعض المطلعين على وضعها، فما يكاد الماء يتدفق في (بواريها) حتى يبدأ الإسفلت بالتشقق، والماء بالطوفان في شوارع المدينة التي يكفيها دوران المشاريع التحتية والفوقية، من توسيع تغذية الهاتف إلى تحديث شبكة الكهرباء حالياً.
وحتى نكون منصفين لا بد من الإشارة إلى الجهد الكبير الذي يبذله رئيس وحدة المياه الحالي في ترقيع أخطاء الشبكة وأخطاء من سبقوه.
ليست ينابيع
هذه السنة وعلى رأي العامة والخاصة كانت سنة خير، لكنها سنة فضيحة لمشاريعنا الواهية، فمع غزارة الأمطار بدأت الثغرات تتكشف دون تدخل من أحد، الأمطار التي صارت سيولاً فضحت الردم العشوائي لمشروع توسيع تغذية الهاتف الآلي، فالحفريات التي تحيط بالغرف الفنية انهارت وصارت سراديب لتجمع المياه، مما اضطر المواطنين أحياناً والبلدية إلى ردمها من جديد ولكن بعد أن صار المتعهد في بيته.
أما حال المياه فعاد كما كان، في مدخل شارع المالية تشقق (الزفت) عن نبع صغير ما زال يسير في الطريق أمام الأبنية حتى تاريخه، والمياه التي كانت في السنة الماضية لها حصة من جرينا ودعائنا غطت الشوارع.
ثلاثة أيام بليلها ونهارنا لم يتفضل عامل صيانة لإصلاح العطل، ومواطن يتهكم: يبدو أنهم ظنوه نبعاً بسبب سنة الخير.
في العام الماضي جربت وحدة المياه ضخ كمية كبيرة لتجريب الشبكة الجديدة، يتناقل المواطنون نكتة أن المياه دخلت ولم تصل إلى البيوت، وربما الأرض من عطشها ابتلعتها، وعندما زاد ضخ المياه بسبب المطر انفجرت الشوارع، الشبكة المجنونة كلفت أكثر من 65 مليون ليرة سورية، ملايين من الليرات تسيل في الشوارع، ومتعهد الشبكة طمر (سكورة) توزيع المياه، مما اضطر عاملي الصيانة بالوحدة إلى التخمين كوسيلة للبحث عنها، وبدأ الحفر والأدهى بوسائل يدوية عدتها (فأس وإزميل).
على أية شبكة؟ وماذا عن التلوث؟
طبعاً العنوان ليس مقصوداً به (الفيسبوك)، أو خطك على (سيريتل أو أريبا)، هنا في هذه المدينة البلدة الريفية تنطبق أحوالها على كل حياتنا، فالقرارات والكتب وما تكتبه الصحف ينطبق عليها المثل الشائع (دق المي وهي مي)، وأيضاً ينطبق على المجحفين بحقها (المي تكذب الغطاس)، المياه كذّبت صلاحية الشبكة الجديدة، وهنا للموضوع قصة أن الناس هنا محتارون على أي شبكة ترسل المياه إلى بيوتهم وخزاناتهم، الشبكة الجديدة دخلت في الخدمة يقول البعض، والبعض الآخر يقول إن مياهه على الشبكة القديمة.
وهنا سؤال: إذا كانت الشبكة القديمة هي التي تغذي المدينة، فلماذا تجديد الشبكة؟ ولماذا هدر كل هذه الملايين؟
وإذا كانت على الشبكة الجديدة، فلماذا تضطر وحدة المياه لاستخدام القديمة التي استبدلت لأن عمرها تجاوز الـ40 عاماً، وتسببت بأمراض وإسهالات؟ ولماذا تم استلامها رغم حديث البعض عن رفض مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي لتكليف مهندسين من (قطنا) للإشراف على تنفيذها، وهم أدرى من غيرهم بمدينتهم؟. أليس أهل مكة أدرى بشعابها؟.
الشبكة القديمة فعلت فعلتها قبل سنتين، وتابعت قاسيون بالأرقام ضحايا التلوث الذي ضرب المدينة، أكثر من 1000 إصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي، نفى بعض مسؤولي المدينة ذلك، حتى مديرية الصحة خففت من حدة النتائج وتحدث حينها مديرها عن 7 سبع حالات فقط، بينما قدمنا في (قاسيون) وثائق من مخابر المدينة موقعة من أطباء المخابر بأن الحالات تجاوزت الألف.
الأدهى من ذلك توجيه الاتهامات إلى الصرف الصحي وتحميله سبب التلوث، حينها تمت اختبارات من وحدة المياه على أغلب آبار المدينة وتحدثت إحدى المهندسات (لقاسيون) على أن أغلب آبار المدينة غير صالحة للشرب، واتخذت وحدة المياه مجموعة من الإجراءات من ضمنها (كلورة) الآبار، وتسيير صهاريج كتب على خزاناتها مياه صالحة للشرب.
على أثر مجموعة المقالات، تم صياغة قرار صادر عن وزارة الصحة ووزارة الري وجهات أخرى بضرورة تحديد حرم للنبع الذي يروي المدينة (رأس النبع) ومنع التعديات عليه، ولكن... نعود إلى السيرة الأولى طويت القصة، واكتفت وحدة المياه (بكلورة) خزان رأس النبع، ونامت قصة الشبكة القديمة والجديدة، وكيف تم استلامها، والأخطاء الفنية، والتهاب الكبد الوبائي، وتبدل رئيس الوحدة وجاء رئيس وحدة جديد.
تجربة واحدة تكفي
حتى لا يتكرر ما حصل، لا بد من النظر إلى المشكلة بعين مختلفة، وجدية أكثر، وهذا ليس من مسؤولية وحدة المياه وحدها، وأكبر من إمكانياتها، بل يتعدى ذلك إلى المؤسسة العامة للشرب والصرف الصحي التي لديها الإمكانات الأكبر، مادياً وعلى صعيد اتخاذ القرار.
من المؤكد أننا لا نريد الذهاب إلى الطبيب بأولادنا وهم يكتسون باللون الأصفر، ولا يوجد مواطن يشتهي انتظار نتائج تحليل التهاب الكبد الوبائي، وليست الإسهالات من الأمراض التي نحبها، ويكفي الجري وراء المازوت والدعم النقدي، والوقوف بطابور الشيكات وأمام المصارف، وليست أحوال الناس تحتمل فجائع من مستوى مائي.
لا نريد ينابيع اصطناعية في شوارعنا... ذلك هو لسان حال الناس الفرحين بموسم يبشر بالخير..