الفلاح.. والقطط السمان
ما انفكت سياسات الحكومة وتدابيرها وإجراءاتها تحاصر الفلاح السوري والزراعة السورية وتنزل بهما الخسائر، وكأنما هما عدوان لدودان، وكأننا لسنا بلداً زراعياً ما زال صامداً بفضل ما تقدمه أرضه من محاصيل وثروات..
فمثلاً ارتفعت أسعار المحروقات والأسمدة الزراعية ثلاثة أو أربعة أضعاف، وبقية المواد الزراعية هي احتكار للتجار والسماسرة، أما اتحاد الفلاحين فأصبح يصرخ دون أن يجيبه أحد فيتحسّر على أيام زمان عندما كان يأمر فيطاع.. لا كما اليوم حيث أصبح بلا حيلة، ومكاتبه أصبحت مجرد مواقع خالية ليس لها أي دور؟
مناسبة هذه المقدمة التصاعد المستمر للأحداث بالوتيرة ذاتها، فقد نشرت الإرشاديات الزراعية في الساحل السوري مؤخراً، إعلاناً يتضمن دعم وزارة الزراعة للزراعة المحمية والحمضيات بمبالغ مالية للتعويض عن ارتفاع الأسعار ولتخفيف التكاليف على الفلاحين، لكن المفاجأة المضحكة المبكية - وشر البلية ما يضحك - جاءت بعد أن أتم آلاف المزارعين تلك المعاملات الروتينية المعقدة، إذ فوجئوا بأن التعويض على البيت البلاستيكي الذي يكلف عشرات الآلاف، 200 ل.س فقط!!. نعم، لا تستغربوا.. مئتا ليرة سورية حلال زلال!! أما التعويض على دونم الحمضيات والأشجار الأخرى فـ.../350 ل.س/ للدونم!! نعم ثلاثمائة وخمسون ل.س للدونم، علماً أن سعر كيس سماد البوتاس وحده هو /2800 ل.س/ ألفان وثمانمائة ل.س، فتصوروا هذه المهزلة! علماً أن كلفة المعاملة هي أكثر من ذلك بكثير... فرحم الله المثل القائل «اللي استحوا ماتوا»..
ويتساءل الكثير من الفلاحين: ماذا يحدث في هذا البلد؟ ولماذا يُحارَب المنتجون والكادحون؟؟ ولماذا يعلن وزير الزراعة من السقيلبية عاصمة سهل الغاب الخصيب، أنه لا تعويض عن الأضرار الزراعية؟!
من جهة أخرى فإن المصرف الزراعي يوقف قروضه الزراعية لفترة طويلة، وأحياناً إلى آجل غير مسمى، بينما المصارف الأخرى على اختلافها تعطي الملايين لأصحاب الفنادق والمطاعم والملاهي الليلية «المنتجة»؟! فهل بقي من يصدق تصريحات وأرقام الفريق الاقتصادي الذي وعدنا بالسمن والعسل ولم ينتج لنا إلا فئران الفساد والحيتان المالية والقطط السمان؟!