«حرفة» التسول تتفاقم في حلب..
مع ازدياد الظواهر الاجتماعية السلبية التي انتشرت في مجتمعنا وتزايد القلق حولها، انتشرت ظاهرة تسول الأطفال (الشحادة) بطريقة غريبة في معظم المدن السورية وخصوصاً في مدينة حلب، التي يسمي البعض فيها هذه الظاهرة بـ(تجارة الأطفال).. واللافت اليوم أنه ليس كل من يعتمد هذا الأسلوب في تأمين عيشه هو بالضرورة بحاجة إلى المال، أو غير قادر على العمل، بل أصبح التسول مهنة يحترفها البعض ويستغلها محترفون، حيث يقومون بتشغيل فئة من الأطفال واستغلال فقرهم وحاجتهم للمال والطعام، فيعملون على تأمينها لهم وإعطائهم نسبة مما يحصلون من أموال..
الأطفال المتسولون المدربون جيداً، يقومون بجمع الأموال المتسولة بأساليب مبتكرة، ومنها استعطاف قلوب الناس من خلال التظاهر باليأس، أو باستخدام الحيل الكلامية والمكر والكذب والخداع.. ولا ينحصر الموضوع بالأطفال فقط بل يوجد أيضاً مجموعة من الرجال والنساء يمارسون المهنة ذاتها بأشكال مختلفة.. والجميع، الكبار والصغار، العلنيون والسريون، يكوّنون فيما بينهم شبكات منظمة، لكل شبكة أسلوبها..
ومن الطرق المعتمدة بكثرة، امرأة تحمل طفلاً في يد، وفي يدها الثانية تحمل مجموعة من التقارير الطبية، تفيد بأنها الحاجة إلى المال من أجل عمل جراحي..
ومنهم من يتبع أسلوباً مبتكراً ، فيؤكد أنه بحاجة لـ(25 ليرة فقط) من أجل الذهاب إلى باصات البولمان لأنه غريب عن البلد ومقطوع!!، وهناك من يدّعي أنه ذو عاهة دائمة يتفنن في إقناع الناس بوجودها، ومنهم من ينتقل من سوق إلى آخرى وهو يطلق الأدعية، وهؤلاء ينتشرون أمام المساجد والتجمعات والمولات الكبرى..
في كل صباح أمام كلية الآداب بحلب، يظهر الأطفال والنساء ( المشردون)، فيدخلون إلى حرم الجامعة وكأنهم من الطلبة، ومن المدهش أنهم يعرفون مواعيد المحاضرات أكثر من الطلاب في أغلب الأحيان، فيتوزعون بين أرجاء الكليات يتوسلون ويدعون للطلبة بالنجاح، وينتهي دوامهم مع انتهاء المحاضرات فيتوجهون إلى مكان آخر.
حاولنا مراقبة البعض للاستفسار عن صدق حاجتهم، لكن معظمهم هرب مسرعاً ، والبعض رفض الحديث وأدار لنا ظهره وكأنه لم يسمع شيئاً..
وفي ظاهرة فريدة من نوعها أيضاً هناك طفلة لا يتجاوز عمرها (6 سنوات) تدخل إلى داخل القاعات وتقوم بالرقص بين الطلاب لاكتساب المال!..
والسؤال هنا ، أين دور أمن الجامعة؟؟ وأين دور شرطة السياحة؟ أليس من مهام هذه الجهات الحد من انتشارتلك الظواهر بهذه الصورة العلنية الفجة؟
إن أغلب دول العالم تمنع التسول وتحاربه بطرق متعددة وسليمة، أما في بلدنا فالظاهرة في تفاقم وتزايد، رغم أننا بحاجة إلى إيجاد حلول سريعة جدية للحد من انتشارها أكثر من سوانا كوننا بلداً له سمعته التاريخية، وهو الآن بلد مواجهة.. فهل من الصعب على الجهات المعنية أن تجمع هؤلاء الأطفال وتضعهم في مراكز إصلاحية، والعمل على كشف العصابات التي تقف في الظل وتدير شبكات التسول ومحاسبتهم ومعاقبتهم؟.
أليس من واجبنا الحفاظ على حقوق هؤلاء الأطفال، وحماية مستقبلهم وتأمين حياة كريمة لهم ؟!!
■ أحمد فاروق مرضعة - شريهان الابراهيم المحمد