دقيقة.. مع موظف «شريف»..
اعتاد بطل قصتنا المواطن مازن على إرسال الفاكسات الخاصة به من إحدى المكتبات القريبة من بيته الواقع في حي قرب العاصمة، وذلك بعدما أصبح مركز البريد العام يمارس بعض التعقيدات تجاه الإرسال عبر الفاكس من تصوير هوية وصورة من الرسالة المبعوثة...إلخ. ولكن هذه المرة اضطر صاحبنا لإرسال فاكسه من قسم البريد العام الذي وجد نفسه قريباً منه عندما كان يذهب مع زوجته وابنتيه الصغيرتين إلى سوق الحميدية..
ولم يكن يعلم أن التعقيدات التي عرفها سابقاً ونفر منها منذ عدة شهور قد تضاعفت، وأنها أصبحت تشبه المهزلة المبكية المضحكة، إذ اكتشف مازن وجود بعض التغيرات في مركز البريد، جعلته ينتقل من حال سيئة إلى حالة أسوأ.. فبداية ذهب ليعطي الموظف المعين لدى الدولة والجالس مع زميل له الأوراق الخاصة بالإرسال، وهي صورة عن الهوية، وصورة عن الرسالة، التي لم تكن موجودة سابقاً، ولكن فجأة امتعض الموظف ورمق مازن بنظرة خاطفة مرفقة بنفسية مقلوبة... «اذهب وصور صورة إضافية لكل من الرسالة والصورة.. ما قرأت التعليمات الجديدة؟. أجاب مازن: «إيه كلو فاكس شو أنا باعتو لمجلس الأمن..».. أعرض الموظف عنه كأنه لم يسمع شيئاً.. «يالله شو بدنا نعمل.. إجينا خلينا نروح نصورلو».. راح يكلم نفسه. ثم بكلام تهكمي لزوجته: «انتظري شوي لنأمنلو وراقو للأستاذ..». ذهب مازن ليصور عند الكشك القريب من المركز فوجده معطلاً كالعادة، لكن بكل الأحوال «دبّر حالو» وصوّر الأوراق بعد عناء طويل من كشك آخر، لأنه لا توجد في جيوبه إلا أربعة ليرات مؤلفة من قطعتين، وألف ليرة قطعة واحدة بعين الحسّاد، وبمئة يا ويلاه حتى أمن الصرافة أو الفكة.. المهم بعد أن دفع ما يقارب العشرين ليرة تصوير، أي أكثر من أجرة إرسال الفاكس المحلي بست مرات، جاء إلى نافذة الموظف من جديد الذي أخذ الأوراق منه وهو متأفف، وإن بدا عليه بالعمق ملامح الارتياح لأنه استطاع تأخير المواطن قليلاً.. ولأنه عذبه وعرّفه قيمته كـ«مواطن»..
«هات ثلاث ليرات».. قال الموظف وهو يحسب أو يثق بأن المراجع لا يحمل فراطة، ولكن المفاجأة كانت بإخراج مازن الأربع ليرات التي في جيبه وإعطائها للموظف الذي أثار غضبه الموقف، وقام بإرجاع الليرة انتقاماً! دون أي رغبة أن يقول له المراجع مسامح، فهي مجرد ليرة، وما كان من بطلنا إلا أن أخذها وهو يمبتسم بخبث المنتصر..
ولم ينس أن يقول للموظف: «ياريت كل الموظفين مثلك»!..