هل الطريق إلى صوامع الحبوب سالكة للفاسدين؟!

كثيرأً ما يُتحفنا بعض المسؤولين في الحكومة بقولهم إنّ من أولوياتهم حماية غذاء المواطن، وأنّ مادة القمح وتحديداً (الخبز) خطٌ أحمر.. لكن ما يجري في الواقع من أفعال لا يتطابق مع الأقوال..

ففي العام قبل الماضي تعرض احتياطينا الاستراتيجي للفوضى، وبصعوبة بالغة جرى تدارك الأمر على حساب الناس، حيث تم رفع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، ورفع الدعم عن المازوت وأكبر المستهدفين والمتأثرين كان القمح.!

وفي العام الماضي أيضاً كان التعامل مع إصابة القمح بالسونة بطريقةً سمحت للفاسدين والتجار إدخال أقماح رفضت من الفلاح المسكين..

وفي هذا العام استبشر الفلاحون بموسم جيد، لكن إصابة الأقماح وخاصةً الطرية منها، بمرض الصدأ أحبطت المتفائلين، وقد صرح وزير الزراعة أنّ لا تعويضات للفلاحين عن الخسائر.. وجاءت الظروف الجوية لتكمل على القاسي منها، فخابت آمال الجميع.. فكان الموسم قليلاً.. وكالعادة فإن فئران الفساد وحيتان النهب ظهروا إلى السطح، وقد نوهت قاسيون في العدد 454 إلى ذلك تحت عنوان أقماح فاسدة في طريقها إلى الصوامع، وحملت الحكومة ووزارة الزراعة والمسؤولين عموماً مسؤولية ذلك.. وقد تابع مراسل قاسيون في الرقة محمد الفياض ذلك ورصده، وبدا أن السيد محافظ الرقة وبعض الشرفاء اهتموا بالأمر، حيث قام المحافظ بتوجيه مديرية الزراعة وبالتعميم إلى الوحدات الإرشادية وصوامع الحبوب بعدم استلام حبوب مهربة وغير محلية تحت طائلة المسؤولية. لكن العديد من التجار بقدرة الفاسدين حصلوا على شهادات منشأ ووردوا أقماحاً مهربة، وأغلبها تركية مخلوطة مع قليل من الأقماح السورية، لكن كشف ذلك سهل في مخابر الاستلام، وفعلاً سجل الشرفاء مخالفات أحيلت إلى المحافظ والتموين، فصودرت الأقماح مع الشاحنات، وأحيل مرتكبوها إلى الجهات المختصة رغم أنهم حاولوا النجاة بفعلتهم عبر الاستنجاد بمسؤولين رفيعي المستوى!.

وفي دير الزور يتشابه الوضع في محاولات الفاسدين والتجار ادخال أقماح مهربة وسيئة إلى الصوامع، وما يثير التساؤل أن كميات القمح الموردة والمعلنة إلى الآن لا تتناسب مع حجم الإنتاج وفقاً لواقع المحصول، فهي أكبر بكثير، فمن أين جاءت هذه الكميات؟ وقد أوقف رئيس إحدى الجمعيات وأحيل إلى القضاء العسكري لمنحه شهادة منشأ تم التوريد بموجبها كميات من القمح من غير منطقة جمعيته في قضيةٍ لم تتضح ملابساتها. ويحاول بعض المسؤولين تبرير دخول الأقماح التركية المهربة بأنّها تشبه كثيراً الأقماح السورية، ويصعب تمييزها علماً أنّ ذلك سهل جداً مخبرياً لأن هذه الأقماح فاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري، وننوه هنا أن بعض الفلاحين يضطرون لبيع محصولهم للتجار لحاجتهم الماسة للسيولة النقدية لشراء حاجاتهم اليومية بدل الانتظار الطويل لصرف قيمة محاصيلهم واستلامها.. 

■  مراسلو قاسيون