فلاحو المشروع الرائد دون مأوى في الأرض

عندما تشتد الأزمات فإن العمال والفلاحين هم الحصن الحصين الذي يلجأ إليه كبار المسؤولين، ولو خطابياً في المؤتمرات الفلاحية والعمالية، فهم حمّالو الأسية لارتباطهم الوثيق بالوطن وعجلة تطوره.

أمّا في ظل السياسات الاقتصادية ـ الاجتماعية الحالية للفريق الاقتصادي والحكومة من ورائه، ومَن وراء ذلك من كبار التجار والفاسدين الذين يُفاقمون الأزمات بل ويفتعلونها، لم يعد للعمال والفلاحين دور مهم، بسبب التهميش والاستقواء عليهم، ناهيك عن التعدي على مكتسباتهم التي حصلوا عليها عبر عقود طويلة بعرقهم ودمهم، وحقوقهم التي تُلتَهَم يوماً بعد يوم وفي وضح النهار!

سبق أن أشارت «قاسيون» إلى الكثير من الجرائم التي ارتُكِبت بحق الزراعة والثروة الحيوانية والفلاحين، وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني وأمن الوطن، وأشارت إلى توزيع أراضي المشروع الرائد في حوض الفرات في عام 2002 بقرار لا يستند إلى القانون ولا إلى البحث الاجتماعي الذي يؤدي إلى الاستقرار، وقد نشأت منذ ذلك الوقت ظروف وأوضاع تزيد من معاناة الفلاحين والعاملين الذين حصلوا على قطعة أرض، نتوقف عند واحدةٍ منها، وهي بُعد الأرض عن سكن العمال والفلاحين، حيث أن ما لا يقل عن 50% منهم يبعدون خمسة كيلومترات عنها، وهناك من يبعد عنها حوالي 25 كم، وهذا ما يرهقهم ماديأ، بالإضافة للجهد والتعب صباحاً ومساءً، وفي ظروفنا الجوية القاسية من حرّ الصيف الشديد وبرد الشتاء القارس، وهذا ينعكس أيضاً على وضعهم الصحي وعلاقاتهم الاجتماعية، ناهيك عن تعرض البذار والأسمدة والمحصول للعوامل الجوية مباشرةً. وقد حاول العديد منهم بناء غرفةٍ ولو من طين تقيهم وتحميهم وتخفف عناءهم وخسائرهم، لكن مؤسسة حوض الفرات كانت لهم بالمرصاد، فتمنعهم وتهدم ما بنوه.

من الذي اتخذ قرار التوزيع، وتخلى عن المزارع الناجحة وعن الأرض؟! ويمنع الفلاحين من بناء غرفة مؤونة؟ بينما هناك من أشاد قصوراً ومقاصف على أملاك الدولة!

توجه العديد من الفلاحين إلى «قاسيون» لتوصل صوتهم يطالبون الحكومة والقيادات الفلاحية والسياسية لإيجاد حلّ لمعاناتهم، والسماح لهم ببناء بيت ريفي محدود، وتعديل القوانين التي تُعيق ذلك، وجعل شعار «إذا كان الفلاح بخير فإنّ الوطن بخير» مترجماً على أرض الواقع، مما يسهم في تحقيق كرامة الوطن والمواطن التي هي فوق كلّ اعتبار. 

■ محمد الفياض ـ بالرقة