هل استطاع المواطن الاستفادة من مرسوم العفو 2010؟
صدر المرسوم التشريعي رقم /22/ لعام 2010 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل /23/2/2010، وقد شمل من ضمن ما شمل مخالفات بعض أحكام قانون الأحوال المدنية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /26/ لعام 2007 وغيرها، وتم تطبيق المرسوم مباشرة منذ تاريخ الصدور ما عدا بعض المخالفات، ومنها مخالفات أحكام قانون الأحوال الشخصية بسبب تردد الجهات المعنية في تطبيقه بين من يفتي بعدم شمولها بالعفو وبين من يقول بشمولها إلى أن صدرت من الجهات المختصة تعليمات تؤكد شمول المخالفات المذكورة بمرسوم العفو ولكن بعد عدة أيام من صدوره.
وبما أن مخالفات قانون الأحوال المدنية لها طبيعة خاصة ليست كبقية المخالفات وعلى سبيل المثال فالمادة /14/ من الفقرة /أ/ منه تلزم المكلف قانوناً عند حدوث واقعة أحوال بالتبليغ عنها وتقديم الشهادة المثبتة لحدوثها مع وثائقها وتقديمها لدوائر النفوس خلال مدة 30 يوماً إذا وقعت داخل القطر، ومدة 60 يوماً إذا وقعت خارج القطر، وإلا تعرض المكلف لمخالفات مادية وفق المادة /20/ منه، وتندرج بين: 500/ ل.س، و4000 ل.س، وذلك حسب مدة التأخير في تقديم وتسجيل الشهادة المطلوبة، وإن شمول تلك المخالفات بالعفو يعني إعطاء مدة 30 يوماً أو 60 يوماً إضافياً ـ حسب الحالة ـ للمخالف ليقدم ضمنها الأوراق المطلوبة، أو هي بمثابة تجديد للمهلة المقررة قانوناً وإعطائه فرصة جديدة بقوة القانون /مرسوم العفو/، تبدأ من تاريخ صدور مرسوم العفو، وتنتهي بانتهاء مدة الثلاثين يوماً، وهذه المدة تصبح قانونياً حقاً للمواطن لا يجوز إهداره أو الانتقاص منه، فهو ليس كيفياً. مع العلم أن هذه المدة غير كافية نسبياً لمن لم يسجل أولاده جميعاً مثلاً، بل مازال زواجه غير مثبت في سجلات الأحوال المدنية، وهناك آلاف الحالات المماثلة موجودة في محافظة الحسكة نتيجة الجهل والإهمال وتقاعس الزوجين أو لظروف مادية وأخرى لتثبيت زواجهم أو تثبيت نسب أولادهم، بل ونجد هناك حالات أن الجد والجدة ما زال زواجهما غير مثبت، وحقيقة هذا ليس ذنب أحد وإنما ذنب المخالف نفسه، وهنا تبدأ المشكلة، فكيف يتم تثبيت زواج الجد والجدة ومن ثم تثبيت نسب أولادهم ونسب الأحفاد وتسجيلهم في سجلات الأحوال خلال /30/ يوماً، وهي المدة المقررة ليستفيد من المرسوم؟ بالطبع هذا صعب جداً حيث أن الأمر ليس بالسهولة الممكنة لأن مراجعة المحاكم من أجل تثبيت الزواج والنسب لها إجراءاتها المعينة المطولة، ناهيك عن المهل القضائية والقانونية وكذلك إجراءات تنظيم شهادات الولادة وبيانات المكتومين وخوف بعض المخاتير وامتناعهم عن تنظيم الوثائق وتصديقها للمكتومين وتنظيم محاضر وضبوطات الشرطة ، كل هذه الإجراءات تأخذ وقتاً وجهداً كبيرين ومالاً كثيراً قد يفوق مبلغ الغرامة المشمولة بالعفو، وكل ذلك يستوجب السرعة وضمن الازدحام الكبير غير المعقول الذي لوحظ في الدوائر المتعلقة خلالها سواء كانت محاكم ودوائر النفوس أو مخافر الشرطة أو لدى المخاتير، ولهذا كله فإن مدة الشهر أو بالأحرى 30 يوماً بالكاد تكفي، أو لا، وهذا أدى إلى أن العديد من الحالات بقيت ولم تستفد من هذا العفو بسبب عدم إمكانية استكمال كل تلك الإجراءات المتعلقة للقيام بالتسجيل في هذه المدة، وكأن كل ذلك لم يكن كافياً.. وما زاد الطين بلة امتناع دوائر النفوس عن استقبال وقيد المعاملات المرفقة مع قرارات المحاكم المكتسبة الدرجة القطعية للاستفادة من العفو قبل انتهاء المدة بيومين، بحجة ان العفو صدر بتاريخ 23/2/2010 وأن مدة الشهر انتهت بنهاية يوم الاثنين 22/3، ولم ينتبهوا إلى أن مدة الثلاثين يوماً المقررة في قانون الأحوال الشخصية بالنسبة للواقعات الحاصلة داخل القطر والتي تم تحديدها بمرسوم العفو، تحسب بالأيام وليس بالشهور (وهذا أيضاً بقوة القانون)، أي تبدأ من 23/2 داخلاً، وتنتهي في نهاية الدوام الرسمي الأربعاء 24/3، وليس الاثنين 22/3، أي ليس كما فسرته وطبقته مديرية الأحوال المدنية، كون شهر شباط /28/ يوماً فقط، وهكذا حرم المواطن من يومين في نهاية المدة، وقبلها من ستة أيام في بداية صدور العفو لحين صدور التعليمات من الجهات المعنية كما ذكرنا سابقاً، ناهيك عن العطل الرسمية التي صادفت تلك الأيام، ومع عطل نهاية الأسبوع يبلغ مجموعها مع أيام عدم استقبال المعاملات 16 يوماً، وبالتالي لم يكن أمام المواطن سوى 14 يوماً من الدوام الرسمي من أصل 30 يوماً المقرر في العفو ليتم فيها حملة الماراثون هذه!. وهذا كان فعلاً مشقة وإجحافاً كبير اًبحقه المكتسب بالقانون من قبل المسبب بذلك، وحرماناً له من الاستفادة بمرسوم العفو. ونتساءل هنا: من المسؤول؟ وهل من الممكن تلافي وتعويض المواطن عن حق أكتسبه بقوة القانون /مرسوم العفو، وقانون الأحوال المدنية؟ وهل من تعويض له بإعطاء أيام أخرى بدلاً من الأيام التي حرم منها بسبب الخطأ والتأخير في تفسير المرسوم لأنه لا يجوز لأحد أن يحرم المستفيد من حقه أو ينتقص منه بأي شكل من الأشكال، كونه حقاً إلزامياً للجميع وليس كيفياً واعتباطياً، وبالتالي فهو لا يخضع لإرادة المنفذين، وذلك حتى تتحقق الغاية من المرسوم، وحتى لا نبتعد عن روح القانون.
■ الحسكة - جمعة خزيم