لا عيد للمحاصرين

لا عيد للمحاصرين

كثيرة هي المناطق التي ما زالت محاصرة على طول الجغرافيا السورية، قدسيا- التل- معضمية الشام- حي الوعر- بعض أحياء حلب- الرقة- دير الزور، وغيرها. سكان هذه المناطق والمدن والأحياء وأهاليها مع أطفالهم لم يعرفوا طعماً للعيد منذ سنوات.

 

فعلى الرغم من الإعلان عن التهدئة لمدة 72 ساعة خلال أيام عيد الفطر، إلا أن هذه المناطق لم تنعم بها، حيث استمر نشاط الأعمال القتالية وتبادل إطلاق القذائف، التي يذهب بعضهم ضحية مباشرة لها، فتبددت أحلام الأهالي هناك، وضاعت منهم حتى إمكانية منح أطفالهم بعض الأمان في السير على الطرقات.

أطفال لا يعرفون المرجوحة

الأطفال في هذه المناطق لا يعرفون معنى للعيد ولا ببهجته، فهم بغالبيتهم لم يعيشوها قبلاً، أما الكبار فتأكلهم الحسرة على أبنائهم الأطفال بظل ضعف حيلتهم وضيق ذات اليد وانعدام الأمان.

بعض الأطفال لا يعرفون المرجوحة ولا غيرها من ألعاب الأطفال بالعيد، بل لم يعيشوا أي مظهر من مظاهر العيد سابقاً، فهم لا يعرفون أن هناك مكاناً تتجمع فيه تلك الألعاب لتزدحم فيه، كما يزدحم فيه الأطفال وذووهم، مع اللعب والصياح والضحك. وعندما يرى هؤلاء مثل تلك المشاهد عبر التلفزيون أو عندما يسمعوا عنها فهم يستغربون، ولا يدركون بأن تجمعات العيد لم تكن حكراً على منطقة دون سواها، وبأن لهم الحق بأن يعيشوا هذه الفرحة والبهجة ويروا بأم العين مظاهرها المتعددة والمتنوعة أسوة بغيرهم من الأطفال، حيث حرمتهم الحرب والأزمة والحصار هذا الحق، كما حرمتهم من طفولتهم التي أصبحت مهدورة.

وجبة مشبعة هي عيد

لعل العيد بالنسبة لأهالي هذه المناطق، كبارهم وصغارهم، يتمثل بوجبة مشبعة، أو بنوم هانئ وهادئ، وقد يكون بحبة دواء مفقودة، أو بالخروج من حالة الأسر المفروضة عليهم عنوةً وقسراً، حيث ما زالت المناطق تلك تعاني من منع الدخول والخروج، بالإضافة إلى منع دخول المواد الغذائية والأساسية والأدوية وغيرها من ضرورات الحياة والمعيشة، ناهيك عن واقع التردي بالخدمات العامة من النظافة إلى الكهرباء والماء والاتصالات والمدارس.

أو لعل العيد بالنسبة للأهالي يتمثل بالتخلص من تجار الحرب والأزمة المتحالفين مع حملة السلاح الذين يروعونهم كما يمنعوا عنهم سبل المعيشة والحياة، حيث يهيمن هؤلاء حتى على البعض مما يدخل أحياءهم ومدنهم من مواد غذائية أو أدوية، فيتم احتكارها لتوزع وتباع من قبلهم بأسعار تستنزفهم لتزيد من بؤسهم وشقائهم، في استغلال إضافي ومباشر لواقع الحصار الظالم المفروض عليهم، والذي يستفيد منه هؤلاء كلهم على أطراف الصراع، والذين ما زالوا يسعون لإطالة أمد الحرب والأزمة عبر افتعال أزمة هناك ومشكل أمني هنا حسب ما تمليه عليهم الجهات المشغلة والراعية والداعمة والممولة، محلياً وإقليمياً ودولياً.

عيد السوريين بالحل السياسي

ويبقى العيد الحقيقي بالنسبة لكل هؤلاء هو يوم الخلاص من حصارهم الظالم، كما أن العيد الأكبر للسوريين جميعاً هو استمرار السير قدماً باتجاه الحل السياسي الشامل، الذي سيخرج البلاد من حربها وأزمتها، ويمنع الكارثة الإنسانية من أن تستفحل وتستطيل.