صورة من واقع التعليم في مدينة حلب.. نموذجان من حزام الفقر
الواقع اليومي لتلاميذ المدارس المتواجدة في أحزمة الفقر بحلب، وخاصة في مدارس التعليم الأساسي، لا تسر الخاطر.. مشكلات كبيرة ومعاناة عميقة وكثيرة تطغى على الصورة فيها، والتربية غائبة أو مغيبة عن هذا الواقع، لتقصيرها البيّن في وضع أسس وخطط تربوية صحيحة تراعي طبيعة هذه المدارس التي يؤمها أبناء أصحاب الدخل المحدود أو معدومي الدخل.. وبالتالي يزداد الشرخ اتساعاً والهوة عمقاً, بين الجهات المعنية بالتعليم وبين الناس الأكثر فقراً..
بعد الشكاوى التي وصلت إلى المكتب الإعلامي بالجملة، وأهمها تلك المتعلقة بكثافة التلاميذ في الصف الواحد، تحركنا إلى إحدى المدارس، وكانت محطتنا الأولى إعدادية ابن رشد..
اللقاء مع إدارة المدرسة كان ودياً وموضوعياً.. طروحات واقعية قدمها كل من قابلناهم، وها نحن نضعها بذمة ومسؤولية وزارة التربية لعل وعسى يكون الاهتمام بهذه المدارس أكبر وأكثر جدوى..
وفيما يلي أبرز النقاط التي جرى التركيز عليها:
1- زيادة عدد الطلاب المتوافدين إلى مدارس أحزمة الفقر بسبب التراجع المطرد في ظروف الناس الاقتصادية- الاجتماعية، ومدرسة ابن رشد مثال على ذلك، حيث بلغ عدد الطلاب في الصف الواحد أكثر من 55 طالباً، وقد يصل إلى 60 طالباً، وذلك بسبب عدم وجود مدارس إعدادية في أغلب الأحياء الفقيرة المجاورة، وبالأخص في حي الشيخ مقصود، حيث أغلب طلاب المدرسة من هذا الحي..
2- المدرسة بعيدة عن سكن معظم الطلاب مما يؤدي إلى عدم قدرة الأهل على مراقبة أولادهم، أو الحضور للمدرسة عند الضرورة.
3- تأخر الطلاب في الحضور إلى المدرسة بسبب ازدحام المواصلات.
4- قلة مخصصات المدرسة من حاجاتها الأساسية، وعلى رأسها المعدات الضرورية ووسائل الإيضاح والتدفئة..
5- عدم وجود حارس دائم للمدارس يجعلها عرضة للمخالفات..
وقد أكد مدير المدرسة لقاسيون بأن معظم الطلاب الذين يسجلون في المدرسة سنوياً مستواهم التعليمي متوسط إلى ضعيف جداً، وذلك بسبب كثافة التلاميذ في المدارس الابتدائية التي جاؤوا منها، والتي يكون النجاح فيها روتينياً!!
مثال آخر
تركنا مدرسة ابن رشد، وتوجهنا إلى حي «الشيخ مقصود» حيث توجد ثماني مدارس ابتدائية، وزرنا إحداها، وهي مدرسة أنطوان أسود الابتدائية، ورحبت بنا المديرة وتم النقاش معها بكل شفافية عن ضعف مستوى التعليم في المدارس، فكان رد المديرة بأن الأسباب تتركز أولاً في غياب البيئة المناسبة لنهل العلم في هذه الأحياء التي تحتاج إلى كل شيء، وعدم متابعة الأهل لمشكلات أولادهم التعليمية نتيجة انشغالهم بتأمين حاجاتهم الأساسية، وتزايد عدد الطلاب في الشعبة الواحدة حيث يصل العدد (أيضاً) من55 إلى 60 تلميذاً..
كما أكدت المديرة أن أسقف المدرسة تدلف على المعلمين والتلاميذ، وأن معظم الجدران مليئة بالتشققات، مشيرة إلى وجود غرفة واحدة فقط تضم أربعة إداريين مضافة إليهم المرشدة الاجتماعية وأمينة السر وأمينة المكتبة، كما تضم مستودع الكتب...
■ حلب ــ ادوار خوام