إغلاق الأفران عقوبة للمخالفين.. أم للمواطنين؟
يوجد في طرطوس نحو /70/ فرناً، منها /8/ أفران للدولة، والبقية تتبع للقطاع الخاص، هذا باستثناء التنانبر والأفران السياحية. وقد وصل حجم المخالفات منذ بداية العام حتى منتصف أيار إلى نحو /54/ مخالفة، منها بيع بسعر زائد أو نقص في وزن الربطة أو مخالفات تتعلق بجودة ومواصفات صناعة الرغيف، وبالرغم من أن المعلن للوزن النظامي لربطة الخبز (1550)غ، فمن النادر أن يأخذها المواطن من أي فرن أكثر من (1300)غ، وكثيراً ما يلاحظ في معظم الأفران أنه عند وجود دورية التموين داخل الفرن تزيد ربطة الخبز رغيفين أو أكثر، ولكنها لا تلبث أن تعود لوزنها السابق بعد ذهاب الدورية، وكأنهم يقولون لهم (تدبروا أمركم بعد ذهابنا).
ومن الملاحظ أيضاً أنه كثيراً ما يتم إغلاق الفرن المخالف لمدة أسبوع أو أكثر دون إعلان السبب، بل تكتب بعض الأفران المخالفة (مغلق للصيانة)، فيتساءل المواطن، لماذا أغلق هذا الفرن، ما دامت ربطة الخبز من ناحية المواصفات والوزن لم تتغير قبل الإغلاق ولا بعده، حتى أنها لا تختلف عن بقية الأفران الأخرى التي لم تغلق؟ وإذا كان الإغلاق مخالفة سعر الربطة على حساب المواطن، فعملية الإغلاق تعتبر عقوبة للمواطن أكثر منه لصاحب الفرن، لأن المواطن سيتكلف أعباء التنقل من سرفيس إلى آخر، وبالتالي زيادة في التكلفة والزمن، وعندما يغلق الفرن في الحي لا يعود باستطاعة النساء والأطفال الذهاب والبحث عن فرن آخر، بل سيقوم بذلك رب الأسرة، وبالتالي ستتم إضاعة لوقت العمل وازدياد أعباء العمل اليومي على رب الأسرة، فتصبح العقوبة هنا عقوبة جماعية لكل زبائن هذا الفرن المعاقب.
يذكر أن جمعية الخبازين رفعت في المؤتمرات العامة لاتحاد الحرفيين توصية إلى الجهات العليا بأن تكون عقوبة الفرن المخالف عقوبة مادية، ولتكن أرقاما عالية جداً، وفي حال التكرار يسحب الترخيص، ودعت في الوقت ذاته إلى عدم اللجوء لإغلاق الفرن لأن ذلك بمثابة عقوبة للمواطنين، وثانياً ألا تكون المحاكمة عسكرية أمام قاضي الفرد العسكري، بل في محكمة مدنية كما كانت قبل سنتين، والمفارقة هنا بأن المصرف الصناعي ألغى كفالة أصحاب الأفران في القروض لبعضهم البعض، وحرمهم من إمكانية مساعدة بعضهم ومن العلاقة التكافلية التي تربطهم، بحجة عدم اضطرار المصرف إغلاق فرن الكفيل عندما لا يدفع المقترض، في حين بقيت عقوبة الإغلاق رغم المطالبة الدائمة بإلغائها .
إن معظم المخالفات تتم من جانب الأفران الخاصة (حسب رأي مديرية التموين) لأن الأفران العامة (الاحتياطية) مدعومة بمادة المازوت وغيره، وبالتالي الخسارة لا تكون كما عند الأفران الخاصة، وباعتراف مديرية التموين بأن هناك مخالفات كثيرة بالقطاع الخاص لوجود خلل بحساب تكلفة المادة بالأساس، ولهذا يلجأ القطاع الخاص للمخالفة بالوزن. والغريب بالأمر أن مديرية التموين تعرف هذا الخلل، لكنها لا تسرع لمعالجته وتلغي الفروقات في حساب تكلفة المادة من الأساس، والشيء الغريب الآخر أن وزن ربطة الخبز وجودة الرغيف في الأفران العامة ليسا أفضل مما هما عليه في الأفران الخاصة، ويتساءل بعض أصحاب الأفران الخاصة (نظيفي الأيدي): ما دامت المخصصات هي نفسها لكل لأفران فلماذا لا تظهر (النعم) على بعض أصحابها على رغم مثابرتهم في عملهم القاسي والمرير، في حين تظهر تلك (النعم) على البعض الآخر خلال فترة قصيرة .
لقد كان رئيس جمعية الخبازين على حق عندما صرخ في المؤتمر العام لاتحاد الحرفيين في طرطوس قائلاً: (ساعدونا في تصحيح تكلفة المادة ومساواتنا مع الأفران الاحتياطية، كي لا نسيء الأمانة ونمد يدنا لجودة صناعة الرغيف).