السيد وزير الصحة.. أما بعد..
أنا المواطن الهمام الذي يطير راتبه بعد عدة أيام، وقد كان متبقياً لي ولغيري من الفقراء المشافي العامة، لكنها أخذت تتقلص شيئاً فشيئاً مؤخراً، كما القطاعات العامة الأخرى.. أسأل وزير السيد وزير الصحة: لماذا لم تظهر على التلفاز كالعادة وحولك المئات من المواطنين كما يحصل في الأيام العادية، ولم تزر المشافي للتأكد من جاهزيتها في الظرف الجوي الاستثنائي الذي أصاب العاصمة مؤخراً؟.
سيادة الوزير.. أنا المواطن زرت مشفى ابن النفيس، مضطراً طبعاً، بعد أن تزحلقت على الطريق وحسبت أني كسرت ذراعي، ليس لأن البلديات لم تقم بتنظيف الشوارع من الوحول وفتح الريغارات المسطومة وشفط المستنقعات، معاذ الله، بل لأني كنت مضطراً للانتقال راجلاً من شارع إلى آخر لجلب المازوت بعد أن انقطعت الكهرباء عن بيتي وحارتي، وارتفع مستوى (نق) زوجتي.
وبعدما أن وصلت إلى هذا المشفى الميمون بشق النفس، وجدت أن شجرة ضخمة قد وقعت على مدخل الإسعاف، ولم تستطع السيارات الدخول، لكني تدبرت أمري، وحين وصلت إلى الإسعاف، أكد لي الطبيب بأنني بحاجة للتصوير في مشفى الكلية كون جهاز الأشعة قد تعطل، فسقف المشفى لم يتحمل الغضب الإلهي وراح يدلف، وبعد أن تسلقت إلى مشفى الكلية، تزحلقت للمرة الثانية، فعدت لطبيبي لكي يطلب لي صورة أخرى للساعد الآخر... وبعدما اكتشفت بأنني لا أشكو من آفة عضوية نتيجة الزحلقة، وأنني فقط أعاني من الرضوض وقلة العقل بعد أن زرت هذا «المشفى»، قررت أن أزور قريباً لي مقبولاً بالمشفى لإجراء عملية، وفكرت أن أكون مواطناً متحضراً فأركب المصعد، لكن وجدته معطلاً، فقلت لما لا أركب الدرج؟ فإن ما يؤلمني ليست قدمي وبإمكاني الصعود مشياً. فصعدت لاهثاً، وحين وصلت لغرفة المريض رأيت أن الأمر يتطلب الغوص في المياه الجارية داخل المشفى نتيجة الثلوج التي هطلت على السطح. فهربت من المشفى، وأدركت أن الفساد ينخر في المشفى أكثر من البرد، وأنا مجرد مواطن محدود الدخل والإمكانات ولا خبز لي في المواجهة، وأنني لا أحمل في جيبي سوى ثمن عدة ليترات من المازوت لأدفئ زوجتي وأولادي.. ولكني أتساءل ببراءة مطلقة: إلى متى سيتزحلق المواطن؟؟
■ غ.ق