من أجل ألاّ يظلّ حلم الشباب مفقوداً
حدقة العين تكبر، القلب يتضخم ويعمل بأقصى طاقته، العقل ينضج ويصل إلى ذروة غايته.. لقد وصلنا سن الشباب.
سن الشباب هو الوصول إلى قمة عطاء الإنسان من كل النواحي الجسدية والنفسية، وبما أن مجتمعنا مجتمع فتي فإننا نحن أبناء العقد الثالث نحمل على ظهورنا هم المستقبل، وهم الماضي، وهم حياتنا الشخصية، وهم الوطن.. لنظل إلى الأبد في عناد مستمر للقدر الذي يحتم علينا من خلاله البعض كل شيء، ونحن نحاول رفض أي شيء مفروض، لكن أغلبنا ما يزال ينقصه العلم والثقافة والأطر والأدوات التي تساعدنا في تخطي عقبات حياتنا.
فطلاب الجامعات في معظمهم، وهم نخبة المجتمع، مثل التائهين في بحر كبير لا يعرف أغلبهم أهو في الاتجاه الصحيح أم أنه تائه عن الطريق.
الأحاديث تأتي لا لشيء، ولكن لكي تأتي (أين ذهبت البارحة؟ أين سنسهر؟ ماذا سنأكل، من أين هذا، وأين ذاك... إلخ).
بل وهناك سؤال يطرح بشكل يحبس أنفاس: أين ستسافر بعد التخرج؟ وكأننا بوطن غير وطننا، وكأننا زوار على هذه الأرض.. ألم تكن هذي أرض أجدادنا وأرضنا التي منها أكلنا وشربنا؟ ثم إن أي سؤال عميق يأتي ولو بشكل عرضي لأي موضوع ثقافي أو معرفي، فأنك ترى فنون التهرب اللبق. ويرجع الحال كما كان أين؟ وكيف؟ ومتى...
المشكلة أن معظم الشباب ليس لهم مرجعية يستندون إليها، لا روحية ولا حزبية ولا اجتماعية.. ومع ذلك هم يريدون فقط أن يغيروا العالم بأيديهم العارية من جديد.. لكن لا تلبث أن تحترق الأيدي فيهرب الحالم إلى خياله وإلى أحلامه ويصنع عالمه الافتراضي، ويظل يبحث عن حلمه المفقود في بحور الخيال التي لا تنتهي.
لذا نحن اليوم بحاجة إلى تكسير حواجز الخيال، والانخراط في معركة الحياة الحقيقية، والعمل على توفير جميع الجوانب في حياتنا وعلى كل الأصعدة إن كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية.
أكيد أن المهمة صعبة، وأكيد أننا سنواجه بعض المصاعب، ولكن هذا واجبنا لأن الوطنَ لنا وليس لشعبٍ آخر، وخصوصاً ونحن نواجه هذا الغزو الفكري والحضاري، ونواجه تلاشي القيم والمبادئ التي امتلأنا بها ونحن صغار..
يجب علينا أن نرجع إلى أغانينا القديمة: «بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي».. ونقتبس منها أغانينا الثورية المعاصرة التي ستقودنا إلى الفعل والتأثير..