السيد وزير العدل.. للمرة الثانية على التوالي!
تم يوم الثلاثاء الماضي انعقاد مؤتمر الهيئة العامة لنقابة المحامين فرع دمشق, والذي حضرَته في فندق الشام إضافة إلى المحامين فعاليات سياسية وإعلامية واجتماعية..
لكن الملفت للنظر أن السيد وزير العدل, وللمرة الثانية على التوالي، نقض العرف الذي يتمثل في حضوره هذا المؤتمر، والذي أثار بدوره حنق وغضب المحامين!
لما يتبدى من عدم مبالاة السيد وزير العدل بالجناح الثاني والذي لا تقوم العدالة إلا به، ألا وهو المحامون! والذي ذكر فيما ذكر أنه لم يُجب على كتاب واحد من ضمن الكتب الكثيرة التي وجهها فرع دمشق لنقابة المحامين.
وأزيد.. وكان ينبغي ألا أزيد أن العرف الذي يقتضي الزيارة الرسمية التي تقوم بها نقابة المحامين للوزير الجديد، رفض الوزير تطبيقه ورفض الزيارة لانشغال أوقاته الثمينة!!
ويعتبر السيد الوزير نفسه - فيما يبدو - فوق المواطنين وحاجاتهم، فوق المحامين ومتطلباتهم، بل وإنه لم يهتم كما اهتم غيره بواقع حال المحاكم والتقاضي والمعاناة المستمرة والتي عبر عنها المحامون بكل شفافية..
مؤتمر الهيئة العامة الذي لم يعد من شأنه تناول حال المحاماة وهمومها فحسب، بل انتفض المحامون ليعبروا بكامل الجرأة عن الحال التي وصل إليها المواطنون، وعن الأوضاع الاقتصادية السياسية والمعاشية!
صب فيه المحامون غضبهم على كل ما يمت بصلة ولو بسيطة إلى كل ما من شأنه عرقلة العدالة وإيقافها، وصببت جام غضبي - في مداخلتي - على وزراء العدل والمالية والداخلية، بل على الحكومة مجتمعة! تلك الحكومة التي وجد أحد وزرائها الوقت الكافي ليستقبل المطربة «الأمورة» هيفاء وهبي، ووجد رئيس وزرائها الوقت الكافي ليودع المنتخب الكروي الذي عاد بخفي حنين، فيما لم يجد أحدهم وقتاً مماثلاً لحضور مؤتمر أهم هيئة شفافة، حقوقية واجتماعية واقتصادية وسياسية، في سورية كلها.. إن دل ذلك، فيدل على أن الحكومة الحالية ووزير العدل من ضمنها لم تكن يوماً ولن تكون على رأس حاجات الشعب ومتطلباته.
فمتى ينكسر هذا الحاجز بين الحكومة والمواطنين؟ متى يعلم هؤلاء الوزراء أنهم موظفون لدى الشعب لا عليه؟ متى سيدري الوزراء بما يجري في البلاد؟ هل سيبقون يستقون أخبارهم من شاشات التلفزة، ومن نوافذ الإعلام، أم من وراء نوافذ سياراتهم السوداء، أم لعل الأفضل لهم أن يستقوها، من خلال التقارير التي تقدم لهم من هذا وذاك؟!
هل يعتبر الوزير نزوله إلى الشارع، وسماعه من المواطنين، واحتكاكه بنخب المجتمع، منقصة له، إن كان ذلك كذلك فهو لا يستحق أن يكون وزيراً في حكومة تسيير أعمال، لا في حكومة تقبع على جثث الشعب منذ حين!
فليغادر كل وزير متعال! وليركب طائرته الخاصة إلى الجزر التي يملكها في إحدى المحيطات المرجانية! وليترك لغيره.. لواحد من الشعب، يعرف الشعب ويحس بهم، يعلم همومهم ويرعاها، ومستعد لأن يسمعها ويتعامل معها.. فليترك منصبه لمن يستحقه إن بقي لديه بقية إحساس!
الحكومة التي لا تريد أن تسمع من الشعب لا يريد الشعب أن يراها لا أن يسمعها..
الحكومة التي لم تتعلم من الأزمات لا ولن تستطيع أن تقف أمام أقل هزة!
الحكومة التي لم تطور أحوال المواطنين ومعيشتهم منذ حين ماذا نرتجي منها؟!
أما وزير العدل الذي يجلس وراء مكتبه الفخم في قصر المزة، غارقاً في همومه ومشكلاته وفساد جهازه، فلنعذره.. لأنه إن لم يعتبر نفسه فرداً منا، فنحن سنكون أحلم منه، وسنعتبره مواطناً منا!!