نقل مكب النفايات إلى قلب دمشق... ودخان ملوث يهدد الصحة العامة

بدأت منذ فترة قصيرة، ريح محملة بالغبار والروائح الكريهة بالهبوب على جزء من مدينة دمشق، يشمل منطقة ركن الدين ومساكن برزة وبرزة وما حولها، ما أثار استياء الأهالي القاطنين في تلك المناطق، حيث إن هذا الغبار والروائح باتت تملأ الجو وتلوثه بطريقة غير مسبوقة، ما اضطرهم إلى إغلاق النوافذ وعدم الخروج من منازلهم تفادياً لهذه السموم.

وفي الوقت ذاته، لاحظ الناس دخاناً كثيفاً ينبعث من سفح جبل قاسيون المطل على مدينة دمشق، وتزامنه مع انتشار هذه الروائح والغبار، الذي هيأ المناخ المناسب لانتشار الذباب والحشرات بصورة كبيرة ومزعجة، رغم أن حرارة الصيف لم تبدأ، وأصبح المصابون بأمراض تنفسية في موقف لا يحسدون عليه، وبات من المتوقع انتشار الأمراض بنسبة أكبر مع ما تحمله هذه الحشرات من جراثيم وأوبئة.

وعبر بعض سكان منطقة ركن الدين عن مخاوفهم من جراء هذا الدخان غير معروف السبب، وقال بعض السكان «بداية رأينا دخاناً أسود كثيفاً يتصاعد من سفح الجبل، فاعتقدنا أنه انفجار أو أن جثثاً يتم حرقها هناك، بسبب ما لحق المنظر من رائحة كريهة، إلا أن المشهد تكرر وجذب الحشرات الضارة إلى المنطقة، وبتنا قلقين من أثر ذلك على صحتنا وصحة أطفالنا، دون أن ننسى أن هذه الحشرات تحوم قرب المطاعم والأغذية ما قد يجعلنا عرضة للأوبئة والأمراض».

وفي محاولة لمعرفة مصدر هذا الدخان والروائح المنبعثة معه، قال مصدر مطلع في محافظة دمشق لـ «قاسيون» إنه «تم اختيار مقلب القمامة في منطقة وادي السفيرة في ركن الدين كبديل عن منطقة نجها في ريف دمشق حيث كان يتم معالجة النفايات وطمرها هناك، وذلك بسبب الأوضاع غير المستقرة على الطرق المؤدية إلى نجها».

وأضاف المصدر إنه «لا يوجد معمل لمعالجة النفايات في وادي السفيرة لذلك نلجأ إلى طمرها وفي بعض الأحيان تحدث حرائق داخلية يجري التعامل معها بشكل سريع».

المعلومات التي أفاد بها المصدر أوضحت سبب الدخان والروائح الكريهة المنبعثة، لكنها لم تقلل من مخاوف واستياء الأهالي، إذ من المعروف أن حرق النفايات بكل أنواعها غاية في الخطورة، وإذا كان لا بد منه فيجب أن يكون أبعد ما يمكن عن المناطق السكنية، في موقعه وتأثيره.

ويحمل الدخان المنبعث من حرق النفايات الغازات المختلفة والجزيئات القابلة للاستنشاق التي تحتوي على المواد السامّة والضارة بصحّة الإنسان، حيث يسبب الدخان الحرقة في العينين والأنف والحلق، بالإضافة إلى السعال والصداع وضيق التنفّس والربو، ويؤدي التعرض طويل الأمد لدخان حرق النفايات إلى أمراض السرطان، حيث يحدث احتراق غير كامل ينبعث عنه جسيمات صغرى متنفسة ومادة الديوكسين، والكربوهيدرات والفورمالدهيد المصنف حسب الوكالة الدولية لبحوث السرطان بمادة مسببة له، إضافة إلى المسّ بجهاز المناعة والجهاز الهرموني وازدياد عاهات الولادة، والإضرار لجهاز التنفس، وعرقلة عملية تزويد خلايا الجسم بالأوكسجين، فضلاً عن الانسداد في عضلة القلب وخاصّة لدى مرضى القلب.

يشار إلى أن دمشق تنتج يومياً ما يزيد عن (2000) طن من النفايات، بينما ينتج ريف دمشق حوالي (1500) طن بشكل يومي.