الحكومة لقطاع الدواجن: «دبروا راسكن».. طبق البيض بـ1000 ليرة.. بين المواطن والمنتج الحكومة تختار التاجر!
مع مرور خمس سنوات على بدء الأحداث في سورية، لا تزال القطاعات كافة تتأثر سلباً بقرارات الحكومة التي لم تتقن إدارة الأزمة، بما يخفف من تداعياتها على الشعب السوري، فكانت قراراتها الاقتصادية تصب في مصالح قلة قليلة من التجار وغيرهم.
فمن جديد تعود ارتفاعات أسعار منتجات الدواجن من البيض والفروج، ليصل سعر صحن البيض إلى 1000 ليرة، ورغم هذه الارتفاعات بالسعر يقول المربون أنهم لا يزالون خاسرين رغم ذلك، بسبب غياب دعم مستلزمات الإنتاج، ما يجعل الخسارة مزدوجة على المربي والمواطن معاً، مقابل أرباح مستوردي الأعلاف.
ارتفاع مستلزمات الإنتاج.. وطبق الكرتون بـ17 ليرة!
وفي حديث لجريدة (قاسيون) مع قرنفلة، أوضح المستشار الفني في اتحاد غرف الزراعة السورية عبد الرحمن قرنفلة، أن عمل قطاع الدواجن تعترضه حزمة كبيرة من المعوقات والصعوبات، أبرزها ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، من أعلاف وأدوية بيطرية، وأجور نقل، وأسعار أطباق الكرتون، التي كان يباع الواحد منها بنصف ليرة، والآن سعر الطبق منها 17 ليرة، فضلاً عن تقلب سعر الصرف الذي يؤثر على تلك المدخلات كونها بالغالب مستوردة.
وأضاف قرنقلة «ما زال توفير المازوت لتدفئة المداجن يشكل تحدياً أمام المربين، كونه الوسيلة الوحيدة للتدفئة، وفي حال عدم تأمينه، سيلجأ الدجاج لتدفئة جسده بحرق الدهون فيه كطاقة، مما يخفض وزنه، بينما يعتبر البرد سبباً لموت الصيصان، وتكبيد المربي خسائر، يحملها في نهاية الأمر على أسعار المخرجات».
80% من المداجن متوقفة
وحول وضع المداجن، قال قرنفلة «كون معظم المداجن تقع في الأرياف، والتي تعد مناطق ساخنة، فقد توقف عدد كبير منها، بحيث يعمل القطاع حالياً بـ20 % من طاقته السابقة، إضافة لانخفاض الاستهلاك مع ارتفاع أسعار البيض والفروج، فضلاً عن التحرك الديموغرافي للسكان في معظم المناطق».
وأكد قرنفلة أنه لو كان قطاع السياحة الذي يعتبر الزبون الأكبر لمربي الدواجن، يعمل بطاقته المعتادة، وكانت ظروف المداجن كما هي عليه حالياً، لكان سعر صحن البيض وصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف ليرة سورية، بسبب الطلب الشديد وقلة العرض».
العمل بمبدأ «دبر راسك»
أما عن وجود دعم حكومي للقطاع، نفى قرنفلة وجود أي نوع من الدعم أو التسهيلات للمربين، حيث يتم العمل وفق مبدأ «دبر راسك».
وكشف المستشار الفني لاتحاد غرف الزراعة السورية، أن إنتاج سورية من البيض لم يعد يتجاوز 600 مليون بيضة سنوياً، بعد أن كان يصل إلى 5.5 مليار بيضة في 2010، كما انخفض إنتاج الفروج من 180 ألف طن سنوياً، إلى 35-40 ألف طن في الوقت الحالي، ويوضح قرنفلة أن استهلاك الفرد في سورية من البيض لا يتجاوز 154 بيضة سنوياً، بينما يصل في دول مثل أمريكا إلى 320 بيضة، بحسب قرنفلة.
التضخم يقضي على المربين
قرنفلة دافع عن ارتفاع أسعار منتجات الدجاج مؤخراً بشكل كبير، محملاً السبب لارتفاع أسعار الأعلاف، لافتاً إلى أن تكلفة صحن البيض الفعلية تصل إلى 1100 ليرة بينما يباع الطبق بسعر 1000 ليرة سورية، وذلك في ظل غياب الدعم الحكومي لهذا القطاع الحيوي، بينما كان من الأجدى، وتوخياً لاستمرار الاستهلاك المحلي ليستمر الإنتاج بدل أن يصار لاحقاً لأحاديث عن احتمالات التصدير، الحديث خلافاً لمنطق قرنفلة عن ضبط حلقة التجارة الداخلية وعزلها عن مستوردي مستلزمات الإنتاج بالدعم الحكومي، لا أن يُكتفى بتبرير رفع السعر وتحميل المسؤولية للحكومة وحسب.
هذا وقد بيّن قرنفلة أن رأس مال المربي في قطاع الدواجن بدأ بالتآكل نتيجة تضخم العملة، حيث ارتفعت التكاليف بنسب تتراوح بين 550-600% ما يجعل العوائد غير مجدية، فسعر كيلو العلف من الذرة وصل إلى 95 ليرة بعد أن كان 11 ليرة سورية، والعلف من كبسة الصويا يباع حالياً بسعر 190-195 ليرة بعد أن كان 22-23 ليرة لا أكثر.
وأكد أنه لا يوجد تصدير للبيض في الوقت الحالي، نظراً لوجود حاجة في السوق المحلية، وهو إجراء ذاتي يتخذه المربون عندما يكون السوق المحلي بحاجة الإنتاج. ونفى قرنفلة وجود استيراد للبيض والفروج، لما قد يسببه ذلك من دمار للقطاع، فضلاً عن الشروط الصعبة لوزارة الزراعة فيما يخص استيراد اللحوم المجمدة.
مستوردون: قرارات الاقتصاد ستدمر المربين
وأمام قفزات الأسعار وجد المواطن ذاته تائهاً في صراعات مستوردي الأعلاف مع المصرف المركزي، والذين يستغلون أي إجراء لرفع الأسعار، علماً أن قرار المركزي الذي طالب بوضع مؤونة للاستيراد كان ينبغي أن يترافق مع ضبط أسعار السوق ودعم المنتجين لمنع ارتفاعات الأسعار، بينما اقتصر القرار على الضغط على حلقات المستوردين الذين تذرعوا بهذا الضغط فأعطوا الشرارة لرفع الأسعار والتي انعكست على امتناع المواطن عن استهلاك منتجات الدواجن، وهو ما قد يعود بالضرر على المنتجين ويعطيهم ذريعة العمل على فتح أسواق التصدير بدل تأمين السوق المحلي، ولذلك كان على الحكومة سن جملة شاملة من القرارات تضمن تقليص الاستيراد وضبط الأسعار ودعم المنتج والمستهلك المحلي.
تراجع 75%!
الجدير بالذكر أن التراجع في قطاع الدواجن وصل لـ75%، بينما بلغ إنتاج المؤسسة العامة للدواجن خلال العام الماضي 175 مليون بيضة و500 طن من الفروج، في حين كان الإنتاج في 2010 نحو 350 مليون بيضة و1500 طن من الفروج.
وبلغ سعر الفروج الحي في أسواق دمشق 850 ليرة، وسعر كيلو الدبوس 950-1000 ليرة، وسعر كيلو الكستا 1000-1050 ليرة، وكيلو الشرحات 1450-1500 ليرة، أما نشرة مديرية التجارة بدمشق فحددت سعر الفروج الحي بـ560 ليرة، وكيلو الدبوس بـ900 ليرة، وكيلو الكستا بـ1000 ليرة، وكيلو الشرحات بـ1350 ليرة.
وجاء في نشرة المديرية أن سعر صحن البيض 900 ليرة سورية، بينما ارتفع في الأسواق الدمشقية، يوم الثلاثاء، ليصل إلى 1000 ليرة للطبق الواحد الذي يحتوي 30 بيضة، ما يعني أن سعر البيضة الواحدة هو 33 ليرة، في أسواق باب سريجة وكفر سوسة والشيخ سعد، حيث اختلف سعر الطبق حسب وزنه وتراوح بين 950-1100 ليرة.
يشار إلى أن سعر طبق البيض لم يكن يتجاوز قبل شهرين 750 ليرة، واستقر بعدها لأكثر من شهر عند حاجز 800 ليرة، لكنه قفز منذ منتصف هذا الشهر قفزات سريعة أوصلته الى سعره الحالي.
النتيجة
قطاع الدواجن ينحسر ويتراجع. الدعم الحكومي غائب، والمربي خاسر، كما المواطن تستنفذ إمكاناته تباعاً، مع التناقص المستمر في معدلات الاستهلاك لديه، وتدهور واقعه المعيشي، نتيجة تدهور قدرته الشرائية.
ومع المزيد من القرارات التي تزيد من سوء واقع هذا القطاع ومعاناته، يتساءل المربون، كما المستهلكين، هل يصعب على الحكومة حل المعادلة التي مفادها ضبط التجار لصالح المنتج والمستهلك المحلي؟!