متقاعدو حلب: (وفّروا علينا ذل الانتظار)!

متقاعدو حلب: (وفّروا علينا ذل الانتظار)!

أن تكون متقاعداً فإن المنطق والحقوق الطبيعية تقول بوجوب أن تكرّم في نهاية خدمتك، أو بالحد الأدنى أن تحصل على تسهيلات وامتيازات، بعد انقضاء سني العمر تفانياً في العمل لخدمة مؤسسات الدولة.

في حلب كما غيرها، هذا الكلام (مجرد ترف)، فالمتقاعد محاط بواقع يقول له: «مت وأنت قاعد»!..
التقاعد بداية معاناة من نوع آخر، ابتداءاً من (الماراتون) المنهك جرياً وراء تسيير معاملة التقاعد، مع ما يترتب عليها من أعباء نفسية ومادية وصحية، قد تعادل سنين من الخدمة، ناهيك عن الإجراءات الروتينية والبيروقراطية المعقدة من جهة، والممارسات الأكثر تعقيداً في بعض المؤسسات على المستوى الفردي والجماعي، التي تصل حد الإساءة دون وجود أي رادع أخلاقي!.
وهو ما يجبر المتقاعدين ممن لايستطيعون دفع عمولات لمسيري المعاملات، أو أتاوات لبعض ضعاف النفوس على التوسل والترجي وتحمل فصول المزاجيات المتبدلة، هذا عدا عن أن تعويض المعاش أصبح يتطلب دوراً يطول انتظاره..
 أما الراتب التقاعدي الشهري ذو البضعة آلاف، مقابل حاجات معيشة بمئة ألف للأسرة، فهو يتطلب وقوف شهري على  طوابير الصرافات وكوات المصارف، وكلما طال الوقوف كلما زادت المفارقة بين قيمة الراتب المنتظر، وبين العبث الذي يجعل كل تفصيل في حياة الحلبيين اليوم أكثر مراراً وحرقة..
الانتظار يطول لساعات طويلة ومنهكة، ليقف المتقاعدون ساعات أو يجلسوا على الرصيف تحت لهيب الشمس أو الصقيع من الثامنة صباحاً وحتى الثالثة أحياناً، في بعض الأحيان تنتهي الساعات دون جدوى إما لعدم وجود شبكة أو عدم وجود سيولة في الصرافات أو عدم صرف الشيكات للمعتمدين.. ففي حلب اليوم لا يوجد سوى خمسة صرافات آلية!.
سؤال بديهي ومحق يُطرح: (إن لم تكن أزمات حلب الكبرى من الأمنية إلى حاجات المعيشة الرئيسية قابلة للحل، أيعقل أن العجز والتغافل أصبح مستشرياً ليطال أبسط التفاصيل، وأسهلها حلاً؟! أيعقل أنه من غير الممكن درء الحلبيين والسوريين عموماً من ذل إضافي، حتى لو كان حله يتطلب زيادة عدد الصرافات الآلية فقط وتسهيل الإجراءات؟!.