عن النرجسية والتناقض و(التطنيش): تقارير (سوبرمانية) ومديريات تحتاج إلى من يعينها.!

عن النرجسية والتناقض و(التطنيش): تقارير (سوبرمانية) ومديريات تحتاج إلى من يعينها.!

المشهد لا يبدو سليماً، وأهم من استنتاجاتنا الإعلامية والواقع الذي نعيشه ونلمسه، ونحن مواطنون أيضاً نأكل ونشرب ونعاني، وأيضاً نريد حلولاً للحد من استعار الغلاء، وعدم مقدرتنا على سدّ حاجاتنا، وإن كانت لها خصوصية المهنة، التي تفرض علينا مصاريف أكثر، وبعض المشاوير الفائضة والضرورية، والتي تزيد من أعباء الحياة علينا، والأهم هو بعض الاعترافات التي تعبر صحفنا، وتخرج من أفواه مسؤولي المعيشة هنا، عن التقصير وضعف الكوادر والخبرات، ولكن يبقى الأغلب منهم يعيش حالة نرجسية، وتناقضات رهيبة تطيل وقت المعاناة، والأنكى هو عدم المبالاة لدى البعض وكأنهم في وطن آخر.

مديرية تجارة دمشق في تقرير لها عن الربع الأول لعام 2015 تفرد عدد ضبوطها المتنوعة، وتتحدث عن نشاطها الذي تضاعف في أغلب المخالفات، وكان من المفترض أن نشعر بتغير ملموس  في حياتنا حسب ما ذكر التقرير.
فهي قد ضبطت المخالفين في وسائل النقل والمازوت والمطاعم واللحوم والدقيق التمويني والغاز، وألغت رخص بعض الموزعين، والسيارات المخالفة.
المديرية تقارن نشاطها مع الأرباع السنوية في العام الماضي، وتقدر حجم الضبوط وعددها ونوعيتها، وأن هذا النشاط مختلف ونوعي، وتقارنه شهرياً، وتحسب المتوسط الشهري لها، في معادلات رياضية تمهل معدّها كثيراً لتصبح بهذه الدقة المبهرة... ولكن؟؟.
الواقع غير هذه النرجسية الفائضة، فالمازوت غير متوفر إلا لوسائل النقل، والسرافيس تبيع مستحقاتها جهاراً نهاراً، وسعر الكالون سعة 20 لتر هو 3500 ليرة سورية، وبعضها لا يصل لنهاية الخط، ويطلب أجوراً فائضة على التعرفة الرسمية، وبعضهم من الشركات الخاصة المدللة، لا يعطي بالاً لكل قرارات المحافظة والتموين، ويشكو من ظلم من وضع التسعيرة، وبأنه لا يعيش في الواقع، ولا يعرف أنها لا تكفي ثمن إصلاحات، وثمن مازوت من السوق السوداء.
المطاعم تسعر وحدها، والطعام بجودة متفاوتة، والمواطن يأكل كما يرتاح بالسعر والجودة، وأسعار السندويش المزاجية - التي تسعرّها  المحافظة وتتغنى بها وبتعديلاتها- يضعها البائع وفق تفاهمات مع الزبون، وأما دوريات مديريات التموين وحماية المستهلك في الريف والمدينة، فأغلبها لا تفعل سوى المرور على هذه المطاعم وأخذ حصتها طعاماً أو نقوداً.
المقاهي تبيع على هواها، وما زالت الأراجيل تقدم معسلاً وتنباكاً للصغار دون سن البلوغ، ودون وازع من ضمير حي أو قانون يردع.
اللحوم بأنواعها لا يستطيع المواطن شراءها إلا بالأوقية، ومن الأصناف الرخيصة، فالبلدي 2800 ليرة والعجل 2200 والجاموس 2000 وهكذا تبقى الضبوط من أجل التباهي بإنجازات وهمية.
الغاز متوفر، والموزع يضيف ما يراه مناسباً، بحجج واهية وأصبحت من الأكاذيب بعد مرور خمس سنوات، من عمر الأزمة، بل وأرخص وتباع وتشترى وتلغى أيضاً.
لكن نكهة التقرير النرجسي هي أن النيابة العامة بدمشق ترجو منها إرسال 150 دعوى تموينية فقط في الأسبوع الواحد، لتتمكن من تحريك جميع تلك الدعاوى، وإرسالها إلى مراجعها المختصة دون حدوث تراكم .‏.؟.


تناقض مدهش

الخبر الذي نقلته صحيفة محلية يقول: أن مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق عدي شبلي، شكى من أن هناك (نقصاً حاداً في عدد المراقبين والبالغ 75 مراقباً فقط، حيث لا يغطي كامل فعاليات المدنية، إضافة إلى ضيق المبنى كونه لا يتسع إلى للعاملين كافة).
تناقض مثير، كون التقرير الأول الذي تحدث تفصيلاً عن زيادة نشاط هذه المديرية، لا يتوافق مع شكوى المدير، ولا يمكن لهذا العدد الضئيل من الموظفين أن يفعل كل هذه المعجزات.
الشكوى أيضاً، غياب وسائل نقل الموظفين من منازلهم إلى المديرية مع تأخر وصول المراقبين إلى مكان الشكوى، بسبب الازدحام المروري، وعدم تعاون بعض الجهات المعنية مع المديرية، ولاسيما بموضوع الضبوط المحالة والمنظمة بموضوع مخالفات النقل.
التناقض يضع العقل في الكف، من أين تأتي هذه التقارير (السوبرمانية)، وهل باستطاعة من يعانون هذه المعاناة -حسب شكوى مديرهم- أن يفعلوا كل هذ الإنجازات العظيمة وهم المساكين المحتاجين إلى من يعينهم ويوصلهم إلى العمل والمخالفة.


اللامبالاة.. هكذا تكون

الصحيفة نفسها تورد خبر عدم وجود حماية مستهلك على الإطلاق في مدينة هادئة وليست ساخنة، إلا بعدد المهجرين والنازحين إليها.
طرطوس التي يتحدث عنها الخبر: (المديرية تعمل بنصف اسمها، والنصف الثاني معطّل، مع سبق الإرادة والتصميم، لأن الشق الثاني من اسمها وهو حماية المستهلك بحكم المعدوم، لأنه لا وجود له، لا من الناحية الاعتبارية، ولا من الناحية الواقعية.. إن شئتم، ولا غير ذلك.).
الكاتب يتحدث عن عدم وجود جمعية لحماية المستهلك، ولم يتم الترخيص لها، وهذا يعني سوقاً فوضوية، وأسعاراً لا ضابط لها، ومواطناً مرغماً على الشراء لا أحد يحميه أو يجيره.
وهنا يخطر لي التساؤل التالي: بجمعية حماية مستهلك أو بدونها، ما الذي سيتغير في حياة المواطن؟ وقد أثبتت الأيام الصعبة أن الأمر سيان، فهذه الجمعيات التي تعتمد على المتطوعين ولا داعم لها حكومياً كان أو خاصاً لا تستطيع أن تدير شؤونها الخاصة، وهي ليست بأوفر حظ من تلك الحكومية، التي تتناقض في أقوالها وأفعالها بين يوم وليلة.
أليست مديريات التجارة تعترف بلسانها، بأن لا تعاون من بعض الجهات الرسمية معها، خصوصاً تلك المتعلقة بالنقل، أي أنها غير قادرة على ضبط مخالفات قطاعات كثيرة، لأن من يحكمها مؤسسات رسمية مثلها، وبعضها يتم حلها بالاتصالات الهاتفية والمحسوبية والعلاقات الشخصية.
فطوبى للمواطن القادر على الحياة؟.