تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
الأصفر يحلق.. والبندورة تتغنج.. والمواطن ينظر فقط!

الأصفر يحلق.. والبندورة تتغنج.. والمواطن ينظر فقط!

وصلت يده إلى مفتاح المذياع وقام بإطفائه قبل أن تكمل المذيعة قراءة نشرة أسعار الخضار حسب التسعيرة الحكومية.فسعر صرف أو بيع الخضار اليوم بات يوجد له سعر سوق نظامي وسعر سوق سوداء. أبرز الموجودين على قائمة الأسعار هو الأصفر(الموز) نسبة إلى الأخضر أي الدو

جنون في الأسعار لم يقابله من الطرف الحكومي سوى بعض التصريحات، التي ستعمل على تأمين الخضار والفواكه والعمل على استقرار أسعار السلع، لكن المواطن السوري بات يدرك أن كل هذه التصريحات، ليست سوى محاولات مكشوفة من المسؤولين لتمرير قرارات لن يتم تراجع عنها فيما بعد.

بين معبر نصيب والدولار..

لم تفد جولتها في سوق الخضار بشيء، فعادت إلى منزلها وهي خالية اليدين. لن يتغير الطبق المقرر ليوم الأربعاء من كل أسبوع معكرونة بماء رب البندورة، ما زالت أسعار الخضار محلقة في السماء. تقول أم رامي: (كنا ننتظر قدوم شهر نيسان بفارغ الصبر فقد تعبت أمعائنا من طبخ الأرز والبرغل والمعكرونة، لكننا على ما يبدو لن نغير من جدول الطعام المقرر بين الأرز والبرغل والمعكرونة).
وتتابع: (كنا نتوقع أن نتخلص من النشويات لكن ارتفاع الأسعار أوقف حلمنا. حيث كانت تنخفض أسعار الخضار في مثل هذه الأيام من السنة. لكن ما لم نتوقعه هو وصول سعر كيلو غرام الخس إلى المئة ليرة في حين كنا نحصل  في مثل هذه الأيام من السنة على خمسة كيلو خس بمئة ليرة، وكيلو البندورة إلى ثلاثمائة ليرة. وعندما تسأل عن سبب ارتفاع الأسعار كان الباعة يقولون السبب هو ارتفاع سعر الدولار واليوم يضيفون إغلاق معبر نصيب)!!.
أربع حبات بندورة وخمس حبات من الخيار وكيلو بطاطا هو كل ما اشتراه راجح منذ أسبوع، ورغم انخفاض سعر البندورة بعد ارتفاعها الكبير، إلا أن الاتجاه العام لسعرها هو الصعود رغم افتراض وفرة الموسم. يقول راجح: (ليس لدي إمكانية شراء كمية أكبر من هذه، علماً أن عدد أفراد عائلتي ستة أشخاص فقط. ويتابع ارتفاع أسعار الخضار الجنوني دفعنا إلى الابتعاد عنها بعد أن نسينا الفواكه. ويضيف متى وصل سعر كيلو البندورة إلى ثلاثمائة ليرة في مثل هذه الأيام حتى في فصل الشتاء لم يصل إلى هذا الحد).
تقول أم راشد: منذ شهر وأنا لم أبقِ نوعاً من الأطعمة إلا وأدخل إليه الفول الأخضر، فهو إلى اليوم أرخص أنواع الخضار علما أن سعر الكيلو لم ينزل عن المائة وخمسين ليرة.
احتكار
عدد كبير من بائعي الخضار في سوق (الجديدة) لم يجلب خضرة إلى محاله منذ أكثر من عشرة أيام، وعند السؤال عن امتناعهم عن البيع. قال أبو أنس: نحن نذهب كل يوم إلى سوق الهال وسط دمشق لكننا نعود دون شراء الخضار، لأن أسعارها نار، وإذا قمنا بشراء الخضار بالأسعار الحالية، فلن يتمكن أحد من شرائها. ويتابع هناك خضار في المستودعات الكبيرة لكن التجار يخافون من بقاء معبر نصيب مغلقاً لفترة أطول، وعندها لن تدخل كميات من الخضار ولن يكون لديهم خضار حتى يبيعونها إياها.
يضيف هيثم وهو بائع خضرة: (رفض تاجر سوق الخضار بيعي أكثر من كرتونة بندورة وكرتونة موز، وقال لي: هناك من سيدفع سعراً أعلى من السعر الذي دفعته أنت، ولكن نتيجة تعاملنا الطويل سأعطيك كرتونة واحدة من كل نوع). ويتابع: هناك خضار في الأسواق والبرادات المركزية، لكن التجار استغلوا توقف معبر نصيب وارتفاع سعر الدولار وتحكموا بنا، بعد أن بات من الصعب الحصول على البندورة من محافظة درعا، وبتنا نجلب البندورة وغيرها من الخضار من الأردن و من مصر.
من خيره!
ينادي خليل على البقدونس كل ست جرز بقدونس بخمس وعشرين ليرة. ويقول لقاسيون: (إن تكلفة جرزة البقدونس الواحدة تتجاوز العشر ليرات. لكن تكلفة إنزال الخضار من ريف دمشق إلى سوق الهال وبيعها هناك سيكون أعلى من السعر الذي سيشتري به التجار، لذلك أفضل البقاء قرب  بستاني وبيعها بسعر منخفض). وكذلك يفعل جاره أبو فهد الذي فضل بيع كيلو الفول الأخضر بأقل من سعره في السوق على أن يتكبد مشقة وتكلفة الطريق إلى سوق الهال. ويقول: (خلي الناس تأكل فول حتى تشبع).
سيجد المتتبع لأسعار الخضار أن سعر جرزة البقدونس أو النعناع في وسط دمشق تجاوز الـ25 ليرة. وهذا سينطبق على بقية الخضار الموسمية كالفول والبازلاء، حيث تعتمد أسر كبيرة على هذا الموسم من أجل تخزين مثل هذه الخضار لموسم الشتاء. لكن ارتفاع الأسعار جعل عدداً كبيراً من العائلات تحجم عن هذه العادة.


شماعة نصيب

يحلو لعدد كبير من التجار أن يعلقوا ارتفاع سعر الخضار على شماعة إغلاق معبر نصيب الحدودي، هذا إلى جانب ارتفاع سعر صرف الدولار الجنوني. لكننا لا نتحدث عن فواكه وخضار، لا تزرع على الأراضي السورية بل كنا نصدر هذه الخضار والفواكه إلى الدول المجاورة.
إن احتكار التجار للأسواق أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، وبقاء المواطن محروماً من أبسط حقوقه وهو الحصول على الغذاء الضروري ليس أكثر، وهو ما ظلت تقابله الحكومة بصم آذانها والتعلل بظروف الأزمة وترك المواطن فريسة سهلة لكبار

التجار.الفلاحون ضحية  للتاجر مع المستهلك

لم يتمكن عدد كبير من فلاحي الساحل من إنزال  مواسمهم من برتقال وليمون وغيره إلى الأسواق السورية الداخلية، وبقيت المواسم في مخازنهم ثم فسدت، وقاموا بإطعامها للحيوانات، فكانت خسارتهم كبيرة واليوم يخشون أن يكون نصيب الخضروات التي يزرعونها بشكل موسمي وعلى رأسها البندورة والفليفلة الخضراء التي لم ينزل سعر كيلو الغرام الواحد منها عن الخمسمائة ليرة في عدد من أسواق دمشق وريفها.
ويقول عاصم: (في كل سنة يتم وعدنا بإنشاء معامل كونسروة كي تستوعب إنتاجنا من الخضروات لكن الوعود تبقى حبراً على الورق ونزرع ونخسر مواسمنا بسبب سوء التسويق).
وبحسب وزارة الزراعة فإن كل بيت بلاستيكي يحتاج إلى نحو 1500 ليتر من المحروقات في الموسم، وأن متوسط إنتاجه سنوياً بلغ 7 أطنان من الخيار ونحو 6 أطنان من البندورة، موضحة أنه من المتوقع أن ترتفع كلفة إنتاج الخيار بنحو 43% لتنقل بذلك كلفة إنتاج 1 كغ من 56 ليرة إلى 80 ليرة، وكذلك كلفة إنتاج 1 كغ من البندورة من 55 ليرة إلى 70 ليرة بزيادة نحو 30% على الكلفة.


سوء تقدير

لم يكن ينقص الفلاح بعد اشتداد الأزمات عليه من تهجير وسوء أوضاع اقتصادية وكذلك مناخية، حيث عانى الفلاح السوري في السنوات السابقة من مواسم جفاف، حتى قامت الحكومة بزيادة أسعار المحروقات المخصصة للفلاحين وجاءت هذه الزيادات  بنسب مرتفعة فقفزت أسعار المحروقات لأكثر من 100% خلال الزيادتين الأخيرتين فقط وانتقلت الأسعار من 60 إلى 80 إلى 125 ليرة لليتر المازوت. مما يعني زيادة التكاليف والأعباء المترتبة على الإنتاج الزراعي الذي يعاني أصلاً ارتفاعها.
فيما كان ينتظر الفلاحون تسهيلات في دفع ديونهم وكذلك تخفيضاً في أسعار البذور والأسمدة والمحروقات.