غياب الاستعداد الحكومي المبكر يربك الحسكة
تواجه محافظة الحسكة الشاسعة، الكثير من الصعوبات التي خلقتها الأزمة السورية، ما يتطلب جهوداً إضافية من المسؤولين في المحافظة، والتعامل مع التحديات الجديدة بأسلوب مبتكر يتجنب الروتين الحكومي الذي كان متبعاً في السنوات الماضية، بما يسهم في تخفيف تداعيات الأزمة قدر الإمكان.
وتستعد المحافظة خلال الأشهر القليلة القادمة، لأكثر من استحقاق داخلي كبير يرتبط بواقع المحافظة الحالي ومستقبلها بشكل عام، ويمس حياة المواطن بشكل مباشر، لاسيما موسم الحصاد، وامتحانات الشهادتين الثانوية والأساسية، بالإضافة إلى الاستحقاقات المتواصلة التي تحتاح للعمل المبكر الذي تفرضه الظروف الراهنة.
وفي ظل شبه حصار تعيشه المحافظة بسبب عدم مأمونية الطرق البرية، والاعتماد فقط على النقل الجوي الذي لا يتعدى رحلتين أو ثلاثة في اليوم، وما يعنيه ذلك من انقطاع التواصل مع باقي المحافظات، لاسيما العاصمة دمشق، يصبح التعامل الحكومي مع الأمور بالطرق التقليدية المتبعة سابقاً فشلاً ذريعاً يدفع ثمنه المواطن في نهاية الأمر.
فبالنسبة للعمل الحكومي، ما كان يتم إنجازه في السابق خلال أسبوع يحتاج لشهر وربما أكثر حالياً، وما كان يكفي لشهر لم يعد يكفي لأسبوع حالياً، مما يتطلب العمل بشكل مبكر لتأمين احتياجات المحافظة وفق خطة جديدة تعتمد على استباق وقوع الأحداث، وتجنيب قطاعات الدولة الرسمية الإرباك الذي عاشته في السنوات الأربع الماضية.
موسم الحصاد مثالاً..
يبدو من المبكر الحديث عن موسم الحصاد ومتطلباته في منتصف شهر آذار بالنسبة للمسؤولين عن الزراعة في الحسكة، بينما لا يبدأ الحصاد عادةً قبل منتصف أيار القادم، وهو مثال للتعامل الحكومي الروتيني مع موسم الحصاد الذي يبدأ في شهر أيار عادةً، دون مراعاة للصعوبات الجديدة، وما تتطلبه من وقت وجهد لتوفير الحد الأدنى من مقومات نجاح الموسم الذي يشكل في نهاية الأمر خبز المواطن السوري.
ويقول عدد من المزارعين في الحسكة خلال حديثهم لـ «قاسيون»، إن نجاح موسم الحصاد المقبل يتطلب العمل من الآن لتأمين احتياجاته، لاسيما الأكياس الفارغة، والتي تتراوح حاجة المحافظة منها بين 10 و15 مليون كيس فارغ، ويبدو من المستحيلات تأمينها دون نقلها بالطرق البرية، أو إيجاد حلول بديلة يبدأ العمل عليها من الآن لتدارك عامل الزمن.
وأضافوا أن الإرباك الذي حصل في موسم العام الماضي، ودفع الفلاح ثمنه من جيبه الخاص، بسبب نقص الأكياس الفارغة، وقلة المساحات الفارغة في مراكز استلام الحبوب، وصعوبة نقل المحصول إلى تلك المراكز، قد تتكرر في الموسم الحالي أيضاً مالم يتم البدء بإيجاد حلول لها من الآن.
البديل الخاص
لم تبدأ بعد الاستعدادات لموسم الحصاد على المستوى الرسمي، وأغلب الاجتماعات الحكومية للمسؤولين في الحسكة حالياً تتركز على قضايا جارية تواجه هي الأخرى صعوبات، بسبب طريقة العمل الحكومي الروتيني ذاتها، ما يعد مؤشراً سلبياً للفترة المقبلة.
والعمل على تأمين متطلبات الحصاد من الآن هو مثال فقط، ينطبق تماماً على استحقاق امتحانات الشهادتين الثانوية والأساسية بعد نحو شهرين، إضافة لتأمين مخزون من الأدوية البشرية للمحافظة، وغيرها من الاحتياجات الضرورية التي يتطلب توفيرها بشكل مستمر، العمل الاستباقي.
وسيعزز غياب الاستعداد الحكومي المبكر في تأمين متطلبات المحافظة، من سطوة القطاع الخاص وتجاره، والذين لا يجدون صعوبات في النقل البري أو الجوي، ويتوفر لديهم بشكل مستمر مخزون استراتيجي من البضائع بمختلف أنواعها، ولكن بأسعار ملتهبة لا يجد المواطن المنهك بديلاً عنها في الغالب.