عندما يأفل نجم الرياضي ماذا يحل به..؟
نجومٌ رياضيون رحلوا بصمتٍ نتيجة المعاناة والفقر والمرض والجوع، ونجومٌ أطاحت بهم الأزمة وتهجروا وباتوا بلا مأوى يقيهم حر الصيف أو برد الشتاء، وآخرون ما زالوا يعانون ينهشهم المرض والفقر، وآخرون بلا رعاية واهتمام..
منذ حوالي عام رحل بهاء الآغا حارس منتخب سورية، ولحق به حسون مشعان لاعب نادي الفتوة نتيجة الأزمة والمرض وغيرهم، دون أن يهتمّ بهم أحد مادياً أو معنوياً..
وغالباً ما يحظى البطل الرياضي وهو في عز عطائه، بشعبية جارفة ومحبة الناس، وعائد مادي ومعنوي، وغيرها من المزايا التي ينالها.. لكن ما هي حالهم عندما يأفل نجمهم، أو يعتزلون الرياضة، وما هو المصير الذي ينتظرهم؟
عودة للألم
ما دعاني للكتابة، خبر قرأته عن بطلنا الدولي في الشطرنج، عماد حقي الذي يعاني مرض التوحد كما نشر عنه في إحدى الصحف المحلية، وهو يرتاد المقهى ليمارس لعبته، وما ذكر عن أسباب مرضه ومعاناته مع المعنيين بالرياضة يدعو للشفقة، على بطل قدم الكثير لرياضة الوطن، وللرياضة العربية والعالمية، وهو أستاذ دولي معروف وله قيمته وشهرته.
الحقّي ليس الأول وليس الأخير، فهناك أبطال عانوا الكثير من الإهمال والضياع والمرض بعد أن فقدوا مصدر رزقهم من الرياضة التي لها سن معينة في العطاء، البعض منهم استطاع عبر أهل الخير والإعلام أن يوصل صوته لمن يقدم لهم المساعدة ونالها بطريقة أو بأخرى ولكن من لم يستطع أن يوصل صوته فما هو مصيره..؟
أسباب المشكلة
تبدو مشكلة الرياضيين عندما يكبرون مسألة مستعصية لأسباب كثيرة، الكل قد يلوم الاتحاد الرياضي فالجميع ألعابهم تحت مظلته وشرعيته، إنما لو دققنا قليلاً في الموضوع وتساءلنا: هل كل هؤلاء الرياضيين هم تحت جناح الاتحاد الرياضي فعلاً من ناحية الملاك الوظيفي أو المعاش التقاعدي أو التأمين الصحي وغيره..؟
بالتأكيد لا، غالبيتهم ينتمون إلى دوائر ومؤسسات مختلفة يعملون فيها، والقلة منهم ليس لديه عمل آخر، لذلك يكون بعد اعتزاله في مهب الريح، وليس من صلاحية الاتحاد الرياضي أن يصرف عليه أو أن يحتويه إلا ضمن القوانين الناظمة لعمله، كأن يستفيد منه كمدرب أو موظف بسيط.
غياب الاحتراف
الرياضيون عندنا ليسوا محترفي رياضة بل لديهم أعمال ووظائف غيرها، وقانون الاحتراف طبق على بعض الألعاب ولا يجبر اللاعب على التفرغ للعبته كاملاً، وحتى وإن تفرغ بشكل جزئي للعب فإن المردود المادي من الرياضة لا يؤمن له المستقبل الكريم ويكفيه العوز، وغالبية من له تاريخ رياضي وبطولات وخبرات متراكمة في الإدارة أو التدريب أو التحكيم، لا يتم الاستفادة منهم بالشكل الأمثل لوجود الحساسيات في العمل، ولا أحد يريد أن يأتي بمن هو أفضل منه وهكذا نترك خبراتنا ونجومنا في الطريق.
قلة من يستثمر نجوميته
بعض النجوم استثمروا نجوميتهم الرياضية بالشكل الأمثل، عبر منافذ عدة مثل الاتجاه للتدريب أو العمل الإداري أو فتح مشاريع رياضية وغير رياضية معتمدين على معارفهم وسيرتهم الرياضية، ومنهم من يتجه للعمل في التحليل أو الإعلام الرياضي وهم قلة ممن لديهم بعض المال والدراية في الاستثمار، وبعضهم قد دعم موهبته بشهادات دراسية وتدريبية أو فنية فتحت له آفاقاً أكثر.
ما هو البديل..؟
لم استعرض هنا أسماء كثيرٍ من النجوم غدر بهم الزمن وغدرت بهم الرياضة، وباتوا يتسولون لقمة العيش ومن يؤمن لهم قيمة الدواء وغيرها، هؤلاء في كل المحافظات موجودون، ولن أذكر من منحتهم الرياضة حبها واستفادوا منها فهم قلة أيضاً، ولكن يحق لنا أن نطرح حلا كما طرحنا المشكلة.
إنّ وجود رابطة للرياضيين القدامى، أو صندوق للتكافل الاجتماعي، أو هيئة مستقلة للعناية بالرياضيين عقب اعتزالهم،تمول من قبل اللاعبين أنفسهم عندما يكونون في عز عطائهم ويساهمون فيها مادياً، ويستفيدون منها بعد الاعتزال، أسوة بالنقابات أو التأمينات الاجتماعية،وتساهم فيها أيضا منظمة الاتحاد الرياضي بنسبة مالية معينة كرب عمل، وخصم نسبة من ريع المباريات أو الاستثمارات لهذا الصندوق، يستفيد منه الرياضي، وفق قوانين ناظمة،ويكون للرياضي حق الطبابة والعلاج الجراحي،بنسبة تخفيض معينة في المشافي، وهكذا نضمن لمن اعتزل اللعب ورفع علم سورية في المحافل الدولية عالياً، شيئا من كرامته قبل أن تهدر على أبواب الحاجة.