قرار رفع سعر الخبز (يثير السخرية) في الحسكة
يثير قرار الحكومة السورية الأخير برفع سعر الخبز في البلاد، رغم كل دلالاته الكارثية على مستقبل البلاد، السخرية في محافظة الحسكة، التي سجلت زيادات جنونية على كافة المواد والسلع منذ الأشهر الأولى للأزمة السورية، دون أي تدخل حكومي يذكر حتى الآن.
وسعر الخبز الجديد الذي بلغ 15 ليرة سورية للكيلو غرام و25 ليرة للربطة، هو سعر متبع في المحافظة بشكل رسمي منذ سنتين تقريباً، رغم تجنب وسائل الإعلام الرسمية الحديث عنه، وهو سعر ممتاز إذا ما تم الالتزام به أصلاً، حيث تتسبب أزمات الخبز المتوالية في المحافظة إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني يفوق الأسعار الجديدة للحكومة السورية بأضعاف كثيرة.
بالون اختبار
ويبدو أن الحكومة السورية (استعانت بتجربة) الحسكة قبل قرارها الأخير برفع أسعار الخبز، وهو ما يطلق عليه بالون اختبار قبل اتخاذ القرارات الصعبة، ولما كان واضحاً للحكومة أن السعر الجديد للخبز مطبق في الحسكة منذ فترة طويلة، ونال رضا السكان الذين يقارنون سعره بأسعار السوق السوداء المضاعفة، فقد كان اتخاذ القرار على مستوى البلاد أمراً سهلاً حتى من دون تقديم المبررات التي ربطت الزيادة بتغيّر سعر صرف الدولار وارتفاع تكلفة الدعم الحكومي دون الإشارة إلى أن ارتفاع سعر الصرف أثر على المواطن الضعيف قبل الحكومة.
ولجأت الجهات المسؤولة في المحافظة لحل أزمات الخبز خلال سنوات الأزمة وما تسببت به من مشاكل وصلت حد سقوط قتلى في الازدحام أمام الأفران، إلى اتباع صيغة المعتمدين في الأحياء، ورغم أن أنها صيغة ساهمت بحل أزمة الازدحام، إلا أن ربطات الخبز المتوفرة في الأسواق بأسعار مضاعفة تكشف الفشل والتآمر على هذه المادة الأساسية بين تجار السوق السوداء والمسؤولين عن التوزيع والمعتمدين.
بالون آخر «مقبل»
بشكل عام، تعيش محافظة الحسكة على ما يقدمه لها تجار السوق السوداء من المواد الأساسية لاستمرار الحياة التي كان تقديمها مقتصراً على الجهات الحكومية المسؤولة، ومنذ غياب مادة البنزين والمازوت عن المحافظة بشكل كامل بحجة مخاطر النقل على الطرقات بين المحافظات، تكفل تجار السوق السوداء بتوفير هذه المادة وبكميات تفوق الطلب ولكن بأسعار مضاعفة حتى عما تفكر به الحكومة من زيادات مستقبلية متوقعة، ولا يعرف أحد الطرق التي يستخدمها هؤلاء التجار لنقل بضائعهم.
ويصل سعر البنزين السوري كمثال على هذا الواقع إلى 250 ليرة حالياً، وهو متوفر في أغلب الكازيات، ويمكن اعتباره بالون اختبار آخر للحكومة في حال قررت رفع السعر مجدداً ضمن خطة استراتيجية على ما يبدو، تعتمد رفع الأسعار على المواطن لمواجهة فشل ذريع في عملها.
حلم بتطبيق الأسعار الحكومية
رغم كل الزيادات التي اعتمدتها الحكومة السورية خلال سنوات الأزمة السورية الثلاث، والتي شملت كافة المواد الأساسية وغير الأساسية بما فيها الخبز، الذي ظل خطاً أحمر كما اعتاد المسؤولون الحكوميون التصريح عند كل مناسبة، رغم كل ذلك فإن تطبيق هذه الزيادات في محافظة الحسكة يبدو أقرب للحلم.
فهو بالإضافة إلى كونه دليلاً على عودة مؤسسات الدولة إلى عملها وإدارتها لشؤون السكان في محافظة آمنة، فإنه أرحم بكثير من أسعار السوق السوداء التي لا تقدم حتى مبررات لما تقوم به، ففي المحافظة اليوم تباع جرة الغاز المنزلي بسعر 4500 ليرة وبوزن أقل من الوزن الرسمي المعتمد، وينطبق الحال على المازوت والبنزين، وهما مادتان أساسيتان في كل منزل بدأ يعتمد على توليد الكهرباء بمولدات خاصة بعد أن غاب التيار الكهربائي غيبته الطويلة.