مرةً أخرى.. واقع «الخبز» في اللاذقية
استكمالاً للتحقيق الذي بدأناه في العدد الماضي (661) من جريدة قاسيون حول مادة الخبز، قمنا بزيارة مدير الشركة العامة للمخابز الآلية في اللاذقية السيد المهندس سعيد عيسى، وحملنا إليه أكواماً من هموم ومعاناة المواطنين مع مادة «الخبز».
وكان ردّه: «إن مبيع ربطة الخبز في المحلات التجارية بـ35 ل.س- بعد ارتفاع سعر الخبز- لا تتحمّل مسؤوليته المخابز الآلية. وهذا من اختصاص مديرية التموين».
الإمكانيات والتبرير
وأردف قائلاً «والأمر لا يتم علاجه بزيادة عدد الأكشاك لقمع هذه الظاهرة، فإمكانات الفرع من وسائط نقل لا تسمح بتغطية كل أحياء المدينة والتجمعات السكانية المحيطة بها. ثم أن هناك بعض الأكشاك الموجودة حالياً وبالرغم من أنها لا تؤدي الريعية التجارية المحددة كسقف لمبيعات الكشك الواحد وهو (500) ربطة كحدّ أدنى. ومع ذلك أبقينا بعض هذه الأكشاك خدمةً للمواطن. مشيرين إلى أن نسب تنفيذنا بشكل عام هي بحدود (135-140%) وهي أقلّ من الفترات السابقة بسبب انخفاض الطلب على الخبز، واقتناع المواطن أن رغيف الخبز بخير، وأن الدولة متكفلة بتوفيره حتى في أحلك الظروف. وإن نوعية الخبز المنتج في مخابزنا ذو نوعية جيدة، وهو بحسب المواصفة القياسية السورية المحددة لنا وبوزن (1450غ) ضمن ثمانية أرغفة للربطة الواحدة. علماً أن هناك صعوبات تتعلق بنوعية الدقيق المورّد إلينا والخالي من خلطة الأقماح القاسية والذي يؤثر سلباً على نوعية الخبز. إضافةً إلى نوعية الخميرة فهي لا تصلنا بالنوعية والكمية المطلوبة معظم الأحيان».
الرغيف وواقع الحال
وبرأينا، ومن خلال دراسة واقع الرغيف في محافظة اللاذقية، فإننا نختلف مع السيد المدير لجهة نوعية الخبز. فهو بكل أسف لا ينال رضا الجمهور. ونعتقد أن بمقدور المخابز الآلية العائدة للقطاع العام إنتاج الخبز الجيد. والمشكلة الأساسية في إنتاج الخبز هي عدم انسجام التكلفة المعيارية لإنتاج (1 كغ) من الخبز مع الواقع الفعلي. وتحت ضغط التكلفة هذه وحتى لا تتزايد الخسائر كثيراً، يتم تحديد عدد الأرغفة في ربطة الخبز بـ (8 أرغفة)، مما يخلق حالة من عدم الانسجام بين وزن ربطة الخبز وعدد الأرغفة، ويحتّم وجود سماكة في الخبز الناتج وبالتالي ارتفاع نسبة الهدر. ومن المعروف أنه كلما قلّت سماكة الرغيف، تحسّنت نوعيته.
ويعمد القطاع الخاص إلى الإنقاص من وزن الربطة، إذ يتراوح وزن ربطة الخبز في القطاع الخاص ما بين (1000-1200غ) بينما الوزن الواجب تحقيقه (1450غ) وهذا بدوره زاد في مشاكل تسويق المخابز الآلية. لأن الخبز المنتج في المخابز الخاصة قلّت سماكته وأصبح أكثر جودة وبقيت المخابز الآلية محكومة بمعادلة الوزن وعدد الأرغفة.
ومن الجدير ذكره أننا قمنا بجولة على عدة أفران خاصة وتبين أن جودة الرغيف لدى بعضها أفضل من جودة رغيف القطاع العام. ويعود السبب بالدرجة الأولى إلى التلاعب بالوزن من خلال إنقاص سماكة الرغيف. وقد تم إحالة الموضوع إلى مديرية التموين، التي قامت بدورها بتنظيم الضبوط اللازمة بحق المخالفين.
المطلوب دراسة جادة
وإذا كانت الحكومة قد رفعت تسعيرة «الخبز» في هذه المرحلة العصيبة، وهو أمر غير مقبول، فلمَ لا تتم دراسة إنقاص وزن ربطة الخبز إلى (1200-1300) غ وبهذا يتحقق ما يلي:
- إن المواطن سوف يزداد رضاه عن مادة الخبز، لأن الجودة ستتحسّن. والمواطن بالنهاية لن يخسر شيئاً، لأنه لا يشتري ربطة الخبز من القطاع الخاص بأكثر من هذا الوزن حالياً. والمواطن غالباً لا ينتبه إلى الوزن ويهتم بجودة الرغيف فقط.
- إن نسبة الهدر لمادة الخبز من المواطن سوف تقلّ بسبب تحسّن النوعية. وهذا يوفر مبالغ مالية كبيرة على الدولة. آخذين بعين الاعتبار أن تكلفة إنتاج (1 كغ) من الدقيق التمويني على الدولة تصل لحدود 35 ل.س. ففي الخبز السياحي مثلاً لا يوجد هدر لاعتبارين: (جودة عالية – سعر مرتفع).
- إن إنقاص الوزن لربطة الخبز سوف يقلل كثيراً من خسارة المخابز العامة، وقد يقلب المعادلة إلى الربح. فالدولة تتحمّل أعباء كبيرة بدعم مادة الخبز.
المطالب والمقترحات
بقي أن نقول أخيراً، إن جملة من المطالب والمقترحات نعتقد أنها مفيدة فيما لو أُخِذ بها، وسينعكس على جودة الرغيف وعلى رضا المواطن وعلى راحة العامل وهي:
• إحداث معمل للخميرة في محافظة اللاذقية. إذ من غير المعقول خلوّ كامل المنطقة الساحلية من معمل للخميرة.
• زيادة عدد السيارات لكل مخبز من أجل إيصال مادة الخبز إلى أماكن ومناطق بعيدة عن مركز المدينة.
• توحيد الأكشاك من حيث الشكل والمحتوى؛ كأن تُبنى من مادة الخشب وتسقف بالقرميد فتعطي بذلك مظهراً حضارياً جميلاً. لا كما هي عليه الآن (بعضها مبني من ألواح التوتياء أو الصاج المعدني أو البلوك، وبأحجام وأشكال مختلفة..) ويعاني العامل الذي بداخلها الأمرّين في أجواء الحرّ والقرّ.
• تفعيل دور المراقبة التموينية على كافة المخابز وتشديد العقوبة على المخالفين.
• منح علاوات إضافية لعمّال المخابز، لأن مهنتهم تعتبر من الأعمال الشاقة.
• شمول كافة العاملين بالضمان الصحي.
• تأمين نقل العمال من وإلى مقرّ العمل. أو منحهم تعويض أجور النقل.