«قَصف» إعلامي يبتغي التمهيد لرفع أسعار الخبز..!؟
كم كان لافتاً الأسبوع الماضي أن تعرض قناتا «الفضائية السورية» و«الإخبارية السورية» تقارير إخبارية ميدانية عن واقع الخبز..!
للوهلة الأولى يستوقفك اهتمام الإعلام الرسمي و«شبه الرسمي» بالخبز، «لقمة الشعب»، غير أن التمعن بمضامين التقريرين ينبئك بوجود أوركسترا مدفعية إعلامية خفية تمهد لرفع أسعار الخبز..! ولكن الأغرب هو أن يجري تصوير ذلك على أنه «مطلب جماهيري» معزز بوقائع يوردها «معنيون»..!
فلقد كان القاسم المشترك في «الريبورتاجين» إجراء لقاءات مع مواطنين أعربوا بصياغات تكاد تكون متطابقة عن «عدم ممانعتهم» في رفع أسعار الخبز مقابل توافره ومنع الإتجار به سواء على أبواب الأفران أم على شكل علف للحيوانات.
كما تخللها بعض اللقاءات مع عناصر «مافيات» بيع الخبز على أبواب الأفران ومحيطها، أقروا فيها علناً أنهم يبيعون «الثلاث ربطات بمائة ليرة»..!
بدوره أكد مدير المخابز الاحتياطية في أحد اللقائين أن الكيلوغرام الواحد من الخبز يكلف الدولة 180 ليرة سورية ويباع بـ10 ليرات تقريباً، ولكن يجري استغلال هذا الدعم المقدم من الدولة لكي يستخدم الخبز كعلف للحيوانات.
وبعيداً عن سجال ارتفاع أسعار صرف الدولار وتكاليف الاستيراد من السوق الخارجي، لا يعلم المتابع كيف يمكن لتكلفة الكيلو الواحد من الخبز أن تصل إلى 180 ل.س.، إذا كان كيلو الطحين يباع بالأسواق العادية بـ100 ليرة تقريباً، وهو حكما يصنع كمية تتجاوز 7 أرغفة هي عدد كيلو غرام الخبز، وإذا كان عدد من المخابز بما فيها التابعة للدولة تسحب المحسنات من العجينة الخاصة بتصنيع الخبز؟ ولتبقى الحقيقة بأنه فعلاً هناك من يستغل الدعم الحكومي لمصالحه الخاصة على حساب المواطن ولقمته الأساسية، في الوقت الذي ينبغي فيه تثبيت الدعم الحكومي الذي هو جزء من واجب الدولة تجاه غالبية الشعب التي أصبحت تحت خط الفقر، ولاسيما في ظل هذه الأزمة الوطنية الشاملة.
والسؤال هنا: أليس غريباً أن يأتي عرض هذه اللقاءات في هذا الوقت بالذات الذي أصبحت فيه معاناة المواطنين المعيشية أضعافاً مضاعفة؟ أليس غريباً أن يجري تضخيم التكلفة، وأن يعترف تجار الخبز على الملأ أمام وسائل إعلام رسمية دون خوفٍ ووجل من المحاسبة؟ والأغرب أن يؤتى بالمواطن المسكين لـ«يطالب» برفع سعر الخبز..!! ألا يدرك المعنيون في الحكومة ومنابرها الإعلامية أن إحدى المسؤوليات الوطنية تتمثل اليوم بالقطيعة مع نهج الخصخصة الذي طال سابقاً قطاعات مهمة في حياة المواطنين الفقراء، كالتعليم والصحة، كيلا يتعمق التوتر الاجتماعي، ويزيدون من أمد الأزمة..؟